سياسة «السواتر الترابية» الإسرائيلية تحول الأراضي الفلسطينية إلى 20 منطقة معزولة

TT

تحولت مناطق السلطة الفلسطينية الى مجموعة كبيرة من المدن والمناطق المغلقة والمحاصرة بلا تواصل جغرافي او اتصال مباشر بين السكان، بعد ان رسم الجيش الاسرائيلي حدود المدن الفلسطينية بالسواتر الترابية.

وقال اللواء الركن موسى عرفات القدوة رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية في تصريح صحافي لـ«الشرق الأوسط»: «ان المفاهيم الجديدة التي يفرضها الجيش الاسرائيلي على الارض في اغلاق المناطق الفلسطينية حالة شاذة في التاريخ الحديث، فقد عزل الجيش الاسرائيلي كل مدينة فلسطينية في الضفة الغربية عن المدينة المجاورة ومنع حركة دخول وخروج المواطنين، وحتى كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية فرض عليهم نفس الاجراء، ولا يستطيعون التنقل بين مختلف المدن والمناطق الفلسطينية، لمتابعة مهامهم الرسمية، وقسم الجيش الاسرائـيلي قطاع غزة لخمس مناطق عزلها عن بعضها البعض بالسواتر الترابية وحواجز الجيش الاسرائيلي، مخالفا بذلك كل الاتفاقيات الفلسطينية ـ الاسرائيلية».

واضاف القدوة: «منذ اندلاع انتفاضة الاقصى استخدم الجيش الاسرائيلي دبلوماسية جديدة وهي دبلوماسية «السواتر الترابية»، حيث حرك الجرافات العسكرية وقطع الاشجار المثمرة للمواطنين واقام سواتر ترابية مرتفعة على الطرق الرئيسية بين مختلف المدن والمناطق في المداخل والمخارج، لمنع حركة المواطنين والسيارات وحرس هذه السواتر بالحواجز العسكرية والسيارات المدرعة، مما جعل محاولة اي مواطن فلسطيني للخروج من مدينة الى مدينة اخرى يتطلب منه السير في طرق جبلية وعرة الامر الذي يعرضه للخطر من المستوطنين.

وسقط العديد من الشهداء برصاص المستوطنين، عندما حاول هؤلاء المواطنون «التسلل» خارج «المعتقلات الكبيرة» التي اوجدها الجيش الاسرائيلي.

وأوضح اللواء القدوة طبيعة التقسيمات الجغرافية التي فرضها الجيش الاسرائيلي فقال: تحولت مناطق السلطة الفلسطينية الآن الى حوالي 20 منطقة معزولة، وهي التجمعات السكانية الكبيرة مثل المدن، وفصلها جميعا عن بعضها البعض بالسواتر الترابية والحواجز العسكرية، اما على مستوى القرى الفلسطينية في الضفة الغربية فقد فرض الجيش الاسرائيلي حصارا على ما يزيد عن 30 قرية قريبة من المستوطنات، وأصبح سكانها يخضعون لاقامة جبرية ارضاء للمستوطنين».

وحول انعكاسات الحصار الاسرائيلي قال اللواء القدوة: «يوجد عدد كبير من الطلاب والمدرسين والموظفين الذين يعملون في مدينة مجاورة مثلا، وادى هذا الحصار الى انقطاع هؤلاء عن جامعاتهم واماكن عملهم، وحتى الحالات الانسانية مثل الاسعاف للمصابين والجرحى والذين تعرضوا للاصابة خارج اي مدينة فلسطينية كان مصيرهم النزف حتى الموت.

فهناك حالة الشهيد احمد عوض الذي اصيب بالقرب من احدى قرى طولكرم، وكان يبعد عن مستشفى المدينة عند اصابته حوالي كيلومتر واحد، ولكن الجنود والحواجز الاسرائيليين منعوا سيارة الاسعاف من عبور حواجزهم الامر الذي اضطرها للتجول مسافة 20 كيلومترا عبر طرق وعرة في الجبال حتى توفي المصاب وهو ينزف دما. وهنالك بعض المناطق التي تخضع منذ ثلاثة اشهر لاجراءات حظر التجول ليل نهار مثل البلدة القديمة في الخليل ومناطق أخرى محاذية للمستوطنات».

وقال اللواء القدوة: «احيانا عندما تهدأ الاوضاع قليلا تسمح الحواجز الاسرائيلية بحركة تنقل محدودة للمواطنين، بدون ازالة السواتر الترابية على الطرقات، وفي هذه الحالة تصل السيارات لمسافة قريبة من الحاجز العسكري ثم يضطر المواطن للسير على الاقدام مسافة قد تصل لحوالي كيلومترين للانتقال الى الجانب الآخر من الحاجز، ليستقل سيارة اخرى، وعندما يعلن الجيش الاسرائيلي عن فرض الاغلاق، كما يحصل الآن، تمنع الحركة والتنقل كليا، ونحن نتعامل مع هذا الحصار كحالة طويلة الامد واصبح شعبنا الفلسطيني يتكيف مع هذه الظروف القاهرة والصعبة جدا، ولن تستطيع هذه الاجراءات ان تنال من صمود الشعب الفلسطيني وارادة التحدي لديه، وكلما تزايدت الضغوط الاسرائيلية ازدادت رغبة الشعب الفلسطيني في التصدي لهذه الاجراءات والممارسات اللاانسانية».