الرئيس الأميركي المنتخب ينهي تشكيل حكومته تحت شعار «التنوع والمصالحة» والكونجرس الجديد يبدأ أعماله

TT

انهى الرئيس الاميركي المنتخب جورج بوش في وقت سريع تشكيل حكومته المقبلة التي حرص فيها على ان يمد يده الى الاقليات، وان يضم في تركيبتها ديمقراطياً من اصل آسيوي هو نورمان مينيتا. قال بوش في مؤتمر صحافي عقده في اوستن بولاية تكساس حيث اعلن تعيين ثلاثة اعضاء آخرين في حكومته المقبلة: «لا ارى وسيلة افضل لبدء العام الجديد غير اكمال تشكيل حكومتي التي ستكون كما اعتقد من اكثر الحكومات متانة».

وسمى بوش الديمقراطي من اصل ياباني نورمان مينيتا وزيرا للنقل، والسناتور اللبناني الاصل سبنسر ابراهام وزيرا للطاقة، كما اختار الصحافية الناشطة في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية ليندا شافيز، وهي من اصل اميركي لاتيني، وزيرة للعمل. وبذلك يكون الرئيس الثالث والاربعون للولايات المتحدة قد عين الاعضاء الرئيسيين في حكومته المقبلة.

وفضلا عن مئات المراكز الثانوية يبقى على بوش ان يختار قبل تسلمه مهامه رسميا في 20 الشهر الجاري مديري وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه)، ومكتب التحقيقات الفيدرالي (اف.بي.آي)، وسفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة. ويتوجب ان تحظى جميع هذه التعيينات بموافقة مجلس الشيوخ.

وبتعيينه ديمقراطيا معتدلا لوزارة النقل يقطع بوش الطريق امام الانتقادات المتزايدة حول عدم تسليم اعضاء في هذا الحزب مناصب في ادارته حتى الآن رغم وعوده بتشكيل حكومة «تضامن». وقال الخبير السياسي ستيوارت روثنبيرج ان «الرئيس كان يبحث عن ديمقراطي، اي ديمقراطي».

من جهته قال مينيتا (69 عاما) الذي يتولى منذ يوليو (تموز) الماضي منصب وزير التجارة في ادارة الرئيس بيل كلينتون: «اني ديمقراطي بكل معنى الكلمة... لكن الحملة الانتخابية انتهت».

ونظرا لفوزه بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية وللضغائن التي نجمت عنها يسعى بوش بشكل ملحوظ الى وضع ولايته الرئاسية تحت شعار التنوع والمصالحة. وفي هذا السياق قال بوش: «من المهم ان ترسل هذه الادارة اشارة الى انها تعرف كيف تميز المواهب اينما وجدت وبغض النظر عن الانتماءات السياسية».

ولارساء سلطته راهن الرئيس المنتخب خصوصا على الاقليات والنساء. ففضلا عن التعيينات الثلاثة التي اعلنها اخيرا، فقد سبق وسمى الجنرال الاسود كولن باول وزيرا للخارجية والسيدة السوداء كوندوليزا رايس على رأس مجلس الامن القومي، اضافة الى سيدتين اخريين آن فينمان وزيرة للزراعة وكريستين ويتمان للبيئة. كما عين من اصول اميركية لاتينية ميل مارتينيز للاسكان والبرتو جونزاليس مستشارا قانونيا للبيت الابيض.

والى جانب نائبه ريتشارد تشيني يعتزم بوش ايضا الاستناد الى صناعيين او اصحاب الخبرات المتمرسين في الحكم لمساعدته امثال بول اونيل (الخزانة) ودون ايفانس (التجارة) ودونالد رامسفيلد (الدفاع). ولم ينس بوش المحافظين فاختار السناتور الجمهوري جون اشكروفت المعروف بمعارضته الشديدة لحق الاجهاض ليكون وزيرا للعدل.

وأنجز بوش كل ذلك في وقت سريع جدا، علما بأن رئيس السلطة التنفيذية يتمتع عادة بمهلة شهرين بعد الانتخابات الرئاسية لاعداد نفسه لممارسة الحكم، لكن بوش اكمل تشكيل فريقه الحكومي في غضون ثلاثة اسابيع فقط.

من ناحية اخرى بدأ الكونجرس الاميركي رقم 107 اعماله امس وهو منقسم على نفسه مما يصعب مهمته في تمرير قوانين جديدة. وسلطت الاضواء بعد افتتاح الجلسة ظهر امس على هيلاري كلينتون التي ستصبح اول سيدة اميركية اولى تؤدي اليمين الدستورية كمسؤول منتخب بوصفها عضوا في مجلس الشيوخ عن نيويورك.

ورغم ان الحزبين الجمهوري والديمقراطي رددا الكثير من المحاضرات عن فضائل اللاحزبية، الا ان الكل ينتظر كيف سيتعاون الجمهوريون والديمقراطيون في شؤون الامة، خاصة في اعقاب انتخابات عام 2000 المريرة. وللمرة الاولى منذ عام 1881 انقسم مجلس الشيوخ بالتساوي بين الحزبين ليشغل كل منهما 50 مقعدا. ولأول مرة ايضا منذ العشرينات احتفظ الجمهوريون بالأغلبية في مجلس النواب للمرة الرابعة على التوالي، وان تقلصت اغلبيتهم الى 221 مقعدا مقابل 211 للديمقراطيين.

ويخصص المشرعون الاميركيون الاسبوع الاول عادة لتنظيم اعمال الكونجرس المنتخب. وأعاد مجلس النواب امس انتخاب رئيسه الجمهوري دينيس هاسترت. كما انتخب النواب الجمهوريون ايضا رؤساء عدد من لجان المجلس الرئيسية، ومن بينها لجنة موازنة المالية والضرائب والتي ستشهد اول تأثير للانقسام الحزبي لدى مناقشتها خطة خفض الضرائب للرئيس المنتخب، بما قيمته 1.3 تريليون دولار على عشر سنوات.

واضافة الى قضية الضرائب يأمل بوش ان يضع الكونجرس من بين اولوياته التعليم وامدادات الطاقة بينما يسعى الديمقراطيون الى توسيع نطاق الرعاية الصحية.

ومن المتوقع ان يعمل الحزبان على مناقشة الاصلاحات الانتخابية بعدما تكشف من مشاكل خلال انتخابات الرئاسة الاخيرة التي جرت في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفاز فيها بوش بعد معركة قانونية طويلة مع منافسه الديمقراطي آل غور. ومن المنتظر ايضا ان يوضع شعار بوش خلال حملته الانتخابية انه «موحد لا مفرق» موضع الاختبار بعد ان اتضحت ابعاد المواجهات المنتظرة في الكونجرس الاميركي رقم 107.