خطة كلينتون للتوفيق بين الفلسطينيين والإسرائيليين ترهق الرئيس الأميركي الجديد.. نجحت أم فشلت

TT

عندما قدم الرئيس الأميركي بيل كلينتون الشهر الماضي خطته المقترحة للسلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي أوضح أن: الموعد النهائي للخطة هو 20 يناير (كانون الثاني) 2001 الذي هو موعد انتهاء ولايته وتسلم الرئيس الأميركي الجديد (جورج بوش الابن) مهام منصبه. وطبقا لوثيقة لدى الوفد الفلسطيني كتب كلينتون كذلك: «هذه أفكاري، إذا لم تقبل فان ذلك لا يعني فقط عدم التفاوض حولها وانما يعني انها ستذهب معي عند خروجي من البيت الأبيض».

يلاحظ قارئ الوثيقة التأكيد المذهل لكلينتون وكأنه هو الوحيد القادر على التوسط بين الطرفين، غير ان التعليق الأول يشير كذلك إلى عدم استبعاد دخول الرئيس المنتخب بوش في وقت لاحق طرفا في قضية الشرق الاوسط. وأكد مسؤول في البيت الأبيض أن الإدارة الجديدة ربما يكون لديها أفكار مختلفة أو حتى منهج مختلف، مشدداً على انه من المنطقي افتراض ان الفريق الجيد سيحتاج إلى بعض الوقت للدخول في هذه المسألة.

ويمكن القول ان النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، سواء تمثل في أعمال العنف المستمرة أو في المفاوضات المعقدة، سيكون بمثابة اختبار حقيقي لفريق بوش المسؤول عن السياسة الخارجية بقيادة مستشارته للأمن القومي، غوندوليزا رايس، ووزير الخارجية الجنرال كولن باول. ويقول خبراء في شؤون الشرق الاوسط ان دبلوماسية كلينتون في الفترة الأخيرة من رئاسته ستتسبب في إيجاد مشاكل أمام الرئيس المنتخب مهما كانت النتائج. فالفشل قد يصعد من حدة النزاع، غير ان النجاح يستلزم ان يقبل بوش حتى ولو ببعض العناصر المقترحة المثيرة للجدل. ويقول جيفري كيمب، خبير شؤون الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي خلال حقبة الرئيس الأسبق رونالد ريغان، ان كلينتون مهما فعل سيتسبب في إيجاد الكثير من الصعوبات أمام الإدارة الجديدة. ويضيف كيمب ان للإدارة الجديدة أولويات أخرى وان باول لا يزال يتلقى تنويرا حول الأوضاع بصورة عامة. ويعلق كيمب قائلا ان باول يستعد في الأساس لتسلم مهام منصبه كوزير للخارجية الأميركية، أي ان مهام منصبه تعنى بكل السياسة الخارجية للولايات المتحدة وليست قاصرة على الشرق الاوسط فقط.

وقال مسؤول في الخارجية الأميركية ان باول التقى في مكتبه المؤقت ببناية هاري ترومان التابعة للخارجية كل رؤساء الإدارات في الوزارة. وأضاف مصدر طلب عدم ذكر اسمه لأنه ليس متحدثا باسم وزير الخارجية المرتقب، ان باول ظل يتلقى بانتظام مكالمة أو مكالمتين هاتفيتين يوميا من دنيس روس، مبعوث إدارة كلينتون للسلام في الشرق الوسط. وأكد المصدر ان باول هو الطرف المتلقي في الاتصال اليومي مع روس، كما أشار كذلك إلى ان باول لم يقدم بعد أي مقترحات لإجراء أي تغييرات في الجهود الدبلوماسية.

وحسب التكهنات الراهنة فان ابتعاد كلينتون عن هذه المسألة قد يعني إحراز تقدم كبير في عملية السلام في الشرق الاوسط، فقد ظل تأييد السلام أولوية بالنسبة للإدارات الأميركية المتعاقبة على صعيد الحزبين. علاوة على ذلك، فان بوش أعلن خلال حملته الانتخابية ومن خلال تعليقاته منذ ذلك الوقت، انه يرغب في الدخول كوسيط من اجل التوصل إلى تسوية عادلة بين إسرائيل وجيرانها العرب.

لو كان كلينتون قد توصل إلى تسوية بين الطرفين في قمة كامب ديفيد التي انعقدت في يوليو (تموز) الماضي، فان بوش ربما لا يجد صعوبة في قبولها حتى إذا كان لديه تحفظات على بعض بنودها. وعلى العموم فان السياسة الخارجية للولايات المتحدة حلقة متصلة، بمعنى ان أي رئيس جديد يلتزم بالاتفاقيات التي يبرمها من سبقوه.

تقارب موعد مبادرة كلينتون مع نهاية فترته الرئاسية أوجدت عددا من المشكلات السياسية أمام بوش، ذلك ان فريق الرئيس الجديد المنتخب يعتقد انه ليس هناك أي محصلات نهائية إيجابية. ففشل جهود كلينتون لا يعني سوى تصعيد العنف، وعلى الصعيد السياسي فان الفشل في التوصل إلى تسوية سيؤدي إلى انتصار زعيم المعارضة المتشدد ارييل شارون على رئيس الوزراء المستقيل ايهود باراك في الانتخابات المقرر أجراؤها في فبراير (شباط) المقبل.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» =