لا مبادرة فرنسية جديدة بشأن العراق وباريس تنتظر سياسة الإدارة الأميركية الجديدة

TT

نفت مصادر فرنسية واسعة الاطلاع في باريس أمس ان تكون فرنسا في صدد الاعداد لمبادرة في مجلس الأمن الدولي بشأن العراق وتحديداً من أجل حمله على التعاون مع الأمم المتحدة وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1284.

وجاء نفي هذه المصادر عقب ما قاله الرئيس الفرنسي جاك شيراك في خطاب له اول من امس أمام السلك الدبلوماسي المعتمد في باريس، بمناسبة العام الجديد، بوجوب «التوصل سريعاً الى اتفاق داخل مجلس الأمن لتحديد الشروط الخاصة بتطبيق القرار 1284، كما علينا ان نقنع العراق انه لا بديل عن تطبيق القرار المذكور». وكذلك اعتبر شيراك ان من الضروري التعجيل باعادة مفتشي الأسلحة (الدوليين) الى العراق والبدء بالرقابة الطويلة المدى على التسلح «من أجل اتاحة الفرصة لتعليق العقوبات ثم رفعها». ووصف شيراك العقوبات «التي تصيب بقسوة الأبرياء» بأنها «تطرح مشكلة اخلاقية وكذلك سياسية».

واعتبرت المصادر المذكورة ان كلام الرئيس شيراك يجب ان يفهم في ضوء وصول ادارة اميركية جديدة وبمناسبة الذكرى العاشرة لبداية «عاصفة الصحراء» التي أخرجت العراق من الكويت.

وترى فرنسا التي امتنعت عن التصويت على القرار 1284، ان ثلاثة عناصر يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، لدى النظر في الوضع العراقي، وهي ان الوضع الانساني خطير، وان العقوبات غير فعالة، وان الرقابة على التسليح العراقي متوقفة منذ سنتين. وتدعو فرنسا التي تؤكد للعراق انها لا تقبل بالخروج عن الشرعية الدولية بشأن رحلات الطيران او رفع العقوبات، الى الاستئناف السريع للحوار بين الأمم المتحدة من جهة والعراق من جهة أخرى. وهو ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين في قمة الدوحة الاسلامية الأخيرة. وبأي حال، تعتبر باريس ان من غير المفيد في الوقت الحاضر القيام بأية مبادرة قبل تسلم الادارة الأميركية الجديدة لمهامها وقبل ان تكون قد حددت السياسة التي تريد انتهاجها ازاء العراق.

وتريد باريس من مجلس الأمن الدولي ان يحدد بدقة بعض فقرات القرار 1284 الذي يرفضه العراق بشكل كامل، وترى الدبلوماسية الفرنسية ان العمل يجب ان ينصب على اظهار ان ثمة فروقاً بين تعليق العقوبات (مؤقتاً) وبين رفعها بشكل نهائي. وفي الحالة الأولى، ترى باريس ضرورة ان يقبل العراق بعودة المفتشين على الأسلحة اليه، وان تتاح لهم حرية الحركة بشكل كامل، واذا ما أفادت لجنة نزع التسلح ان العراق متعاون وانها حققت تقدماً في عملها، فمن الممكن ان توصي بتعليق العقوبات.

ويصطدم الموقف الفرنسي (والروسي) بتصلب الولايات المتحدة التي تدعمها بريطانيا والتي تقول ان تعليق العقوبات لا يمكن ان يتم إلا بعد حل كل المسائل العالقة بشأن التسلح العراقي. وترى باريس ان هذا الشرط يتناول الرفع النهائي للعقوبات وليس تعليقها، وانه من الضروري عدم الخلط بين الأمرين.

وتستمر النقاشات داخل مجلس الأمن، وبشكل غير رسمي، حول هذه النقطة التي ما زالت المواقف متباعدة بشأنها.