مساعدو باراك يلجأون إلى مجازر صبرا وشاتيلا لتحريض الناخبين العرب ضد شارون وكسب أصواتهم

TT

يتحول الشارع العربي في إسرائيل (فلسطينيو 1948) إلى ساحة الحرب الأكثر سخونة في المعركة الانتخابية على رئاسة الحكومة التي يتنافس فيها رئيس الحكومة الحالي، إيهود باراك، ورئيس المعارضة ومرشح اليمين، آرييل شارون.

وبلغت المعركة من الحدة درجة استخدام مساعدي باراك مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في سبتمبر (أيلول) 1982 نموذجاً هدفه تخويف العرب من شارون.

والمعروف أن عدد الناخبين العرب يصل هذه السنة إلى حوالي نصف مليون يشكلون نسبة 12.5% من مجموع الناخبين (نسبة العرب من السكان في إسرائيل 17% ولكن نسبتهم تنخفض في سجل الناخبين بسبب ارتفاع نسبة الأطفال في صفوفهم بالمقارنة مع السكان اليهود).

وفي الانتخابات الماضية (1999) منح 95% من العرب أصواتهم إلى باراك و5% إلى بنيامين نتنياهو بينما وضع 40 ألف ناخب الورقة البيضاء. ولكن معظم الناخبين العرب غاضبون هذه الأيام على باراك ويفكرون في الامتناع عن التصويت، أو التصويت الاحتجاجي بوضع ورقة بيضاء، أو حتى مكايدة باراك بالتصويت لصالح شارون. ففي استطلاع رأي أجرته «يديعوت أحرونوت» في مدينة الناصرة، مطلع الأسبوع، جاء أن 70% سيضعون ورقة بيضاء و11% سيصوتون لباراك و13% لشارون.

وفي استطلاع آخر نشرته صحيفة «معاريف» أمس، في مدينة سخنين قال 78% إنهم سيضعون ورقة بيضاء و7% سيصوتون لباراك و15% لشارون (في الاستطلاع الشامل الذي أجرته «معاريف» تتغير الأرقام بحيث يصوت 20% من العرب لصالح باراك و7% لشارون والباقون ورقة بيضاء).

ورأى شارون بهذه النتائج تشجيعاً كبيراً. وإذا كان في بداية المعركة يكتفي بأن يمتنع العرب عن التصويت أو يصوتوا بالورقة البيضاء (إذ كل خسارة لباراك تصب في صالحه وتخدم مصالحه مباشرة) أصبح الآن يطمح إلى زيادة عدد أصوات الناخبين العرب لصالحه. وأمر بوضع خطة جديدة للوصول إليهم. وفي اجتماعه الأول ببعض مندوبيهم، من رؤساء المجالس البلدية في القرى العربية الدرزية (أول من أمس الأربعاء) قال شارون إن مصلحة العرب تقضي بأن يصوتوا له، «فأنا صاحب كلمة ورأي واحد. لا أطلق وعوداً كاذبة. أنا القادر على صنع السلام مع الفلسطينيين، لأن أي اتفاق أجلبه سيكون مقنعاً وثابتاً ودائماً وسيحظى بتأييد غالبية الجمهور من اليمين واليسار بينما سلام باراك سيعارضه نصف الشعب وربما أكثر». ثم راح شارون أبعد من ذلك ليمتدح الثورة الفلسطينية، فقال: «أنا احترم النضال الفلسطيني الوطني. لا أحب هذا النضال وأمقته. وأعارضه وأحاربه. ولكن باستقامة مع الذات، أقول إنه نضال يستحق الاحترام والتقدير. فهو مثابر وعنيد. وأهدافه الوطنية واضحة».

في المقابل، لا يستوعب باراك بعد عمق الغضب عليه في صفوف الناخبين العرب، ولا يعرف حتى الآن كيف يدير معركته الانتخابية عندهم. وعقد رفاقه العرب في قيادة حزب العمل اجتماعاً طارئاً لهم، هذا الأسبوع، حذروا فيه من البلبلة والفوضى السائدين في مكتب قيادة المعركة الانتخابية تجاه العرب. وطالبوا باراك بأن يعقد اجتماعاً قطرياً كبيراً لأعضاء حزب العمل العرب، يعلن فيه الاعتذار علناً عن قيام شرطته بقتل 13 شاباً من فلسطينيي 48 خلال الأيام الثلاثة الأولى من انتفاضة الأقصى، ويعلن تمسكه بمسيرة السلام ويتعهد بأن يسد هوة التمييز بين العرب واليهود خلال ثلاث سنوات لا أكثر.

لكن طاقم باراك الانتخابي، يعد برنامجاً آخر للوسط العربي، مبنياً على أساس تخويف العرب من شارون، وتذكيرهم بأنه مرتكب المجازر. وفي هذا الإطار أرسل طاقمه الإعلامي برئاسة لطفي مشعور، رئيس تحرير وصاحب صحيفة «الصنارة» الصادرة في الناصرة، إعلاناً انتخابياً مدفوع الأجرة إلى الصحف العربية لنشره، أمس، هو عبارة عن صورة كبرى لمجزرة صبرا وشاتيلا تحت العنوان: «شارون.. والمخفي أعظم» و«شارون.. أنتم أدرى» ودأب أحدهم لتسريب هذا الإعلان إلى الصحف العبرية قبل نشره في الصحف العربية، فقامت ضجة كبرى، أمر باراك على أثرها بسحب الإعلان، وتم تغيير صورة جثث ضحايا المجزرة بصورة جميلة لشارون، واتصل باراك بشارون ليعتذر له ويبدي تحفظه، لكن شارون رفض مكالمته وأعطى سماعة الهاتف لأحد مساعديه.

وانتقد رئيس كتلة حزب العمل في الكنيست، أوفير بنيس، الفظاظة في هذا الإعلان ولكنه في الوقت نفسه استغرب هذا الخوف لدى باراك وغيره وقال: «أنا لم أحب هذا الإعلان. ولكن ما الذي جرى. فهل يستطيع شارون أن يتنصل من تاريخه. فمن المعروف أن مجزرة صبرا وشاتيلا جزء من تراثه. هذا ليس رأيي، بل رأي لجنة تحقيق رسمية قامت في إسرائيل في حينه وقالت ذلك بوضوح وأمرت بإعفائه من منصبه كوزير للدفاع. وبسبب شارون اعتزل مناحم بيغن الحياة السياسية. فالرجل خطير وتاريخه بشع والليكود يحاول اخفاءه، ونحن علينا أن نذكر الناس به، العرب منهم واليهود على السواء».