الديمقراطيون لا يريدون الاصطدام ببوش ويسعون إلى تسوية مع الجمهوريين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس

TT

رغم خسارة المرشح الديمقراطي الاميركي آل غور في معركة الرئاسة الأخيرة، فان اقتسام الكونجرس مع الجمهوريين واقتراب موعد الانتخابات النصفية المقبلة يزيد من احتمالات حصول الحزب الديمقراطي على وضع الأغلبية. ومع انطلاق المؤتمر الـ107 للحزب، يبدو كذلك ان الجناح اليساري، الذي بدا هادئا خلال السنوات الثماني السابقة تحت ظل رئاسة بيل كلينتون، قد بدأ يظهر بعض التململ، كما بدأ كذلك يتحدث بلهجة حادة بعض الشيء، وفي أذهان أعضائه محاكمة كلينتون وانتخابات الرئاسة الأخيرة.

وربما ينعكس كل ذلك سلبا على أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونجرس. إذا قرر الحزب مواجهة الحزب الجمهوري، فانه سيتهم بالتعويق، كما انه إذا اتجه إلى التعاون مع الحزب الجمهوري عوضا عن المواجهة، فانه سيواجه تمرد بعض عناصره. ويقول ماكسين ووترز، النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا: «انه يجب توخي الحذر حتى لا يصبح الحزب الديمقراطي صورة من الحزب الجمهوري، لأن الكثير من الخطوط الفاصلة تتسم بالضبابية وعدم الوضوح.

وانتقد جناح ووترز داخل الحزب الديمقراطي بعض طروحات الرئيس المنتخب جورج بوش التي أعلنها خلال حملته الانتخابية، خصوصا خفض الضرائب (31 ترليون دولار)، وخطته الخاصة بالتعليم الخاص، وبيع بعض الجهات الحكومية للقطاع الخاص، إذ ترى هذه المجموعة ان الطرح الأمثل هو خفض الضرائب بنسبة أقل من تلك التي وردت في برنامج بوش الانتخابي، وزيادة الإنفاق الحكومي.

ولا يريد قادة الحزب الديمقراطي ان ينظر إليهم كمعوقين، فهم يتذكرون جيدا مواقف الحزب الجمهوري وتمسكه المتشدد بموقف غاية في المحافظة عام 1994، كما لا يزال في أذهانهم موقف الناخبين الذين نظروا إلى نيوت جينجريتش ومجموعته كسبب في التعويق والجمود، وعاقبوهم على ذلك في انتخابات عام 1996. ويرى النائب الديمقراطي عن ولاية تكساس، تشارلس شتنهولم، ان هناك العديد من المجالات التي يمكن التعاون فيها مع الرئيس المنتخب، مثل الضمان الاجتماعي وإصلاح النظام التعليمي. وبالنسبة لغالبية الديمقراطيين تعتبر كيفية تعامل الحزب مع بوش أكثر من انها مجرد معركة على السيطرة على القيادة، إذ ينظرون إليها كمسألة تتعلق بمستقبل حزبهم.

وثمة مخاوف لدى بعض رموز الاعتدال داخل الحزب الديمقراطي من احتمالات الابتعاد عن الوسطية التي اختطها الرئيس بيل كلينتون. ويقول آل فروم، رئيس «مجلس القيادة الديمقراطي»: «ان السنوات المقبلة قد تشهد خروج الحزب عن نهج الوسط الذي ظل يعمل به خلال السنوات السابقة». ويرى محافظو ومعتدلو الحزب الديمقراطي ان الدرس المفيد يكمن في الابتعاد عن السياسات الليبرالية، والعمل مع الرئيس المنتخب بوش. وفي نفس الوقت يعتقد بعض المحللين ان الدخول في التفاوض على أساس أجندة ليبرالية يعنى احتمال تحقيق الحزب الديمقراطي لمكاسب مهمة في نهاية الأمر، لذا هناك من يؤيد بقوة انتهاج الحزب لخط أكثر ليبرالية. ويمكن القول ان الهوة الكبيرة بين الطرفين قد تساعد على إيجاد أرضية خصبة للتوصل إلى تسوية، خصوصا ان السياسيين يدركون جيدا ان الناخبين سئموا من النزاعات بين الطرفين.

سيكون أول اختبار رئيسي للوجهة المقبلة للحزب، في الجلسة الخاصة بالمصادقة على تعيينات حكومة بوش، خصوصا السيناتور السابق جون آشكروفت في موقع النائب العام. وتدل مؤشرات مبكرة على الاستماع إلى الأصوات الليبرالية غير ان ذلك لا يعني بالضرورة الاهتمام الكامل بما تقول. ويتوقع ستزيفن واين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، ان تتم التسوية بين الطرفين من خلف الكواليس على أساس اتفاق حول التفاصيل سرا، ثم الإعلان المشترك عن التسوية التي توصل لها الطرفان مع ادعاء كل طرف الفضل في التوصل إلى هذا الاتفاق. واضاف ان الاجتماعات المبكرة التي تتم في الغالب من وراء الكواليس هي التي ستحدد ما إذا هيأ الطرفان المسرح للتوصل إلى تسوية.

* خدمة «كريستيان سايانس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»