لبنان يصر على عودة كاملة للاجئين الفلسطينيين ويرفض افكاراً تتحدث عن عودة جزئية او مبرمجة زمنيا

TT

يرصد المسؤولون اللبنانيون باهتمام وحذر بالغين كل ما يدور حالياً من مفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين وذلك خشية من ان تنتهي هذه المفاوضات الى تجاهل حق العودة للاجئين الفلسطينيين ولاسيما منهم اللاجئين في لبنان، الى ارضهم في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وقالت مصادر سياسية لبنانية لـ «الشرق الأوسط» ان هذه الخشية كان قد عبر عنها الرئيس اللبناني العماد اميل لحود قبل الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان في مايو (ايار) الماضي وبعده ولا يزال يعبر عنها في كل ما يصدر عنه من مواقف في كل المناسبات، وذلك انطلاقاً مما تجمع ولا يزال لديه من معطيات حول هذا الملف الشائك والذي يبدو ان البحث فيه سيطول ويطول لأن ما يرشح من افكار وطروحات حتى الآن لا ينم عن وجود نية حقيقية لدى اسرائيل لقبول عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، وعلى الاقل اللاجئين منهم في لبنان، واذا صح ما يقال من ان اسرائيل تشترط ان تشمل العودة كل من بلغ سن السبعين رجلاً كان ام امرأة، فإن ذلك يدل فعلاً على مناورة اسرائيلية للتملص من الاقرار بهذا الحق الفلسطيني الذي كرسه قرار مجلس الامن الدولي الرقم 194 القاضي بعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم.

وتضيف هذه المصادر ان لبنان ولكثير من الاعتبارات، لا يمكنه ان يقبل او يتحمل توطين اي مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين على ارضه نظراً لما يثيره هذا الامر من حساسية سياسية وطائفية لدى اكثر من فريق لبناني من جهة، ولما يمكن ان يتركه ذلك من انعكاسات سلبية على الحل اللبناني، ذلك ان الرئيس لحود ومعه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري يعتبرون ان حق العودة للاجئين الفلسطينيين هو احد ابرز الشروط الاساسية لقيام سلام عادل وشامل في المنطقة الى جانب الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا اللبنانية واطلاق الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية والانسحاب من الجولان السوري الى خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967.

واعربت هذه المصادر عن اعتقادها بأن ما يرشح حالياً من افكار فلسطينية واسرائيلية حول موضوع اللاجئين الفلسطينيين قد لا يعدو كونه بالونات اختبار لاستكشاف ردود الفعل عليها، وقالت ان الجانب اللبناني يدرك جيداً ما يخطط في هذا الصدد، ويرى ان من مصلحة الفلسطينيين وسلطتهم ان يعود جميع اللاجئين الى اراضيهم سواء الى ما يسمى اراضي 1948 او اراضي السلطة الفلسطينية، في حين ان الاسرائيليين يخططون على ما يبدو للوصول الى عودة جزئية للاجئين سواء الموجودين منهم في لبنان او في بقية الدول العربية وذلك اذا لم يتسن لهم التملص نهائياً من هذا الموضوع.

وقالت المصادر نفسها ان لبنان ابلغ كل الجهات الدولية المعنية والقيادة الفلسطينية نفسها انه يرفض اي حلول جزئية لهذه القضية وخصوصاً بعدما بدأ بعض الجهات الفلسطينية يتحدث عن احتمال ان تتم العودة للاجئين على مراحل ووفق خطة زمنية مبرمجة في اطار اتفاق مع الجانب الاسرائيلي، ذلك ان الخطط المبرمجة غالباً ما يتعثر تنفيذها لأن لدى اسرائيل الكثير من الامكانات للنكوص بها.

وفي اي حال فإن الاوساط السياسية في لبنان بدأت تستبعد حصول اتفاق فلسطيني - اسرائيلي في خلال الايام المتبقية من ولاية الرئيس الاميركي بيل كلينتون التي تنتهي في 17 من يناير (كانون الثاني) الجاري، وقالت ان الدلائل تشير الى ان الاسرائيليين والفلسطينيين باتوا غير مستعجلين التوصل الى اتفاق لأن الجانبين يراهنان كل على طريقته على الادارة الاميركية الجديدة برئاسة الرئيس جورج بوش (الابن)التي قد تكون لها نظرة الى هذا الملف مغايرة لنظرة ادارة كلينتون. ولذا تبدو الايام الفاصلة عن يوم 17 من الشهر الحالي ستكون اشبه بمرحلة حبس انفاس.