خاتمي يعرض على خامنئي شروطه لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة في إيران

مصادر تتحدث عن قيام رفسنجاني بدراسة إمكانية ترشيح نفسه مجددا

TT

أكد مصدر قريب من إدارة مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» صحة الإشاعات القائلة بأن الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي يرأس مجمع تشخيص مصلحة النظام حالياً يدرس احتمال ترشيحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة في حالة عدم ترشيح الرئيس الحالي محمد خاتمي إليها.

وقال المصدر الإيراني ان مرشد الثورة قد أعرب لبعض الشخصيات القريبة من الرئيس السابق، عن عدم تأييده لترشيح رفسنجاني، غير أنه ليس بصدد مطالبة رفسنجاني بشكل مباشر بالابتعاد عن معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يبدو أنها ستكون معركة نهائية بين الأكثرية المطالبة بالإصلاحات وتغيير أسلوب الحكم والأقلية المسيطرة على معظم مراكز القوة.

وكشف المصدر أن خاتمي وضع شروطاً مسبقة أمام مرشد الثورة وأركان النظام للترشح، وفي حالة عدم تحقق شروطه أو عدم حصوله على ضمانات كافية بتحقيقها، سيمتنع عن الترشيح في الانتخابات، تاركاً النظام أمام أزمة حقيقية لن يكون باستطاعة أي مرشح من التيار اليميني المعارض للإصلاحات معالجتها.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن شروط خاتمي تشمل:

1 ـ تصفية شاملة في السلطة القضائية للعناصر اليمينية المتشددة وطرد مجموعة مدرسة الحقاني من القضاء، علماً أن معظم القضاة وكبار مسؤولي القضاء هم من خريجي مدرسة الحقاني في قم، ويعارضون خاتمي والإصلاحيين بقوة حيث دخل معظم رموز الإصلاح من الصحافيين والكتاب والسياسيين السجن بأحكام من خريجي مدرسة الحقاني.

2 ـ التزام أركان النظام ومسؤولي الأجهزة والمؤسسات الخاضعة لسلطة الولي الفقيه (خامنئي) بالدستور قولاً وفعلاً.

3 ـ إعادة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون إلى إشراف الحكومة بدلاً من وضعها تحت إشراف الولي الفقيه.

4 ـ عدم تدخل السلطة العليا ومراكز القوة في اختيار الوزراء.

5 ـ تعديل قانون الصحافة للسماح بعودة صدور الصحف المستقلة المعطلة.

6 ـ عدم تدخل السلطة العليا في شؤون البرلمان. (علماً أن مرشد الثورة قد بعث بعد شهرين من افتتاح الدورة الراهنة للبرلمان والتي يشكل فيها الإصلاحيون الأغلبية برسالة إلى مهدي كروبي رئيس البرلمان، أمر فيها بسحب لائحة إصلاح قانون الانتخابات والتي قدمها عدد من النواب الإصلاحيين إلى البرلمان.

7 ـ حل أجهزة الأمن الخاصة (استخبارات مكتب مرشد الثورة، حراسة الاطلاعات في السلطة القضائية، استخبارات القوات الانتظامية وغيرها) وإخضاع أجهزة الأمن الأخرى لإشراف وزير الأمن. وقد أقرت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان مؤخراً مشروعاً سيعطي وزارة الأمن صلاحيات واسعة وسيمهد لحل أو دمج أجهزة الأمن الأخرى في وزارة الأمن.

8 ـ تحديد مسؤوليات كل من مجمع تشخيص مصلحة النظام (رفسنجاني) ومجلس صيانة الدستور بصورة شفافة للحيلولة دون تصادم صلاحياتهما بصلاحيات السلطتين التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (البرلمان).

وكان الرئيس الإيراني قد أبدى مؤخراً تردده في الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجري في بداية يونيو (حزيران) المقبل بسبب يأسه من تحقيق وعودة وإصلاح النظام على حد قول دبلوماسي إيراني قريب من الإصلاحيين. غير أن مبادرة «جمعية العلماء المناضلين» الراديكالية بإعلان ترشيح خاتمي في الانتخابات الرئاسية، تدل على أن أمراً ما قد سبب تراجع خاتمي عن قراره السابق. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجمعية التي يرأسها رئيس البرلمان مهدي كروبي ويضم عدداً من العلماء الإصلاحيين وفي مقدمتهم خاتمي نفسه، كان أول تنظيم قام بترشيح خاتمي في الانتخابات الرئاسية السابقة.

واستناداً إلى حجة الإسلام كيان أرثى، أحد أعضاء المجلس المركزي للجمعية، فإن هذه الجمعية لم تتشاور مع خاتمي حول قراره الأخير بترشيحه في الانتخابات. وأضاف قائلاً: «إن الجمعية لا ترى أي شخص في الساحة بمستوى خاتمي فلهذا فإن هناك إجماعاً في الجمعية حول ترشيح خاتمي في الانتخابات».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الأحزاب الإصلاحية المنضوية تحت مظلة «جبهة الثاني من الجوزاء» ستعلن في وقت قريب دعمها لترشيح خاتمي، غير أن مصدراً في حزب «جبهة المشاركة»، وهو حزب أنصار خاتمي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن خاتمي لن يقبل بقرار الأحزاب الإصلاحية إلاّ إذا رضخت السلطة العليا لشروطه. وأوضح المصدر أن خاتمي يدرك جيداً أن اعتكافه سيضع النظام في مأزق سياسي من الصعب الخروج منه.

إلى ذلك فإن مرشحي الجبهة اليمينية المناهضة للإصلاحات وفي مقدمتهم علي أكبر ولايتي ومحمد جواد لاريجاني، ومحمد رضا باهونر والجنرال محسن رضائي ومحمود كاشاني وغيرهم، يفتقرون إلى دعم شعبي واعتبار دولي. وحكم محكمة برلين في قضية اغتيال قادة الأكراد لا يزال يلاحق ولايتي، فيما فشل باهونر ومحسن رضائي في الحصول على أصوات كافية في الانتخابات البرلمانية في فبراير (شباط) الماضي، فكيف يمكن الانتظار بحصولهما على أصوات أكثر في الانتخابات الرئاسية.

ومحمد جواد لاريجاني منظر الجبهة المناهضة للإصلاحات وهو شخص لا يحظى بشعبية كما أن ارتباطاته مع مراكز القوة، جعلته هدفاً لحملات الإصلاحيين طيلة السنوات الثلاث الأخيرة.

ورداً على سؤال حول إمكان ترشيح شخصيات إصلاحية مثل الدكتور عطاء الله مهاجراني وزير الثقافة السابق الذي اضطر خاتمي مؤخراً لقبول استقالته إثر ضغوط من خامنئي، ورئيس الوزراء السابق وكبير مستشاري خاتمي المهندس مير حسين موسوي، قال المصدر القريب من إدارة مرشد الثورة لـ«الشرق الأوسط»، إن مجلس صيانة الدستور المكلف دراسة صلاحيات المرشحين سيرفض بالتأكيد ترشيح مهاجراني إذ أن أمين المجلس أحمد جنتي معروف بعدائه لمهاجراني. وبالنسبة لموسوي فإن مرشد الثورة نفسه يعارضه بقوة، وجمعية العلماء المناضلين رشحت موسوي في الانتخابات الرئاسية السابقة في البداية، غير أنه تراجع عن قراره وبادر بترشيح خاتمي بعد أن تلقى إنذاراً من خامنئي بأن رئاسة موسوي ولو صوت له جميع الإيرانيين مرفوضة وأنه لن يصدقها.