بوش الابن يرث وضعا أكثر خطورة في الشرق الأوسط مما تركه والده عام 1991

TT

القدس المحتلة ـ رويترز: ينسحب الرئيس الاميركي بيل كلينتون من على خشبة المسرح السياسي الدولي اليوم السبت من دون ان يتحقق حلمه في التوصل الى اتفاق سلام الشرق الاوسط وسط خلافات عميقة حول مساهمته في عملية سلام يتركها وهي تمر بأزمة.

والرأي منقسم بخصوص تركة كلينتون بعد مرور ثماني سنوات على صنع السلام وقعت خلالها اسرائيل والفلسطينيون اتفاقية مؤقتة في عام 1993 واقتربا اكثر من اي وقت مضى من التوصل لاتفاق سلام نهائي.

ولكن في الأشهر القليلة الاخيرة من رئاسة كلينتون خاضت اسرائيل والفلسطينيون اشرس اشتباكات منذ سنوات وتقوضت مصداقية جهود السلام الاميركية في اعين فلسطينيين ينظرون لواشنطن بوصفها متحيزة لاسرائيل.

وبالنسبة للبعض فان كلينتون جسد املا في السلام واعاد تشكيل التفكير العام والرسمي في المنطقة الى الابد. ويتساءل آخرون عما اذا كان اندفاعه لتحقيق السلام قبل انتهاء رئاسته كان خطأ ربما عرقل العملية برمتها.

وكتب ايهود باراك رئيس وزراء اسرائيل لكلينتون «كان السعي للسلام على رأس جدول اعمالك دوما وحاولت باخلاص لا حد له التغلب على اجيال من العداء والكراهية. وسيجلك التاريخ ويؤدي لك التحية على ذلك». ولم يصدر مثل هذا المديح من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي انتقدته واشنطن بعد ان فشل في التوصل الى اتفاق سلام مع باراك في قمة توسط كلينتون لعقدها في يوليو (تموز) الماضي في كامب ديفيد خارج واشنطن.

وقال غسان الخطيب وهو محلل سياسي فلسطيني: لقد فاض كيل الفلسطينيين من هذه الادارة ويريدون ان يروا تغييرا. وهناك اعتقاد من جانبنا بانه لا يمكن ان تكون هناك ادارة اسوأ من ادارة كلينتون. واستفاد كلينتون من اتفاقية اوسلو المؤقتة للسلام في عام 1993 التي تم التفاوض عليها بدون تدخل امريكي مباشر ووقعت في البيت الابيض. لكن فشل قمة كامب ديفيد التي استمرت خمسة عشر يوما كان انتكاسة كبيرة.

وناقش الجانبان المسائل الاكثر صعوبة مثل مستقبل القدس وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم في اسرائيل.

لكن الاحباط الفلسطيني من تباطؤ عملية السلام بلغ درجة الغليان وبدأت انتفاضة في اواخر سبتمبر (ايلول) الماضي قتل خلالها 309 من الفلسطينيين على الاقل و45 اسرائيليا و13 من عرب اسرائيل.

ويرى اسرائيليون من الجناح اليميني وفلسطينيون ان الاميركيين هرولوا الى كامب ديفيد من دون ان يكونوا مستعدين تماما وفتحوا صندوق الشرور بالاصرار على الخوض في مسائل اكثر حساسية قبل ان تكون قابلة للحل. ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن دور جولد مندوب اسرائيل السابق في الامم المتحدة قوله: ترث ادارة بوش شرق اوسط اكثر خطورة بكثير مقارنة بالشرق الاوسط الذي كان موجودا في نهاية حرب الخليج في عام 1991.

وقالت الصحيفة في افتتاحية شديدة الانتقاد انه يجب على كلينتون ادانة الانتفاضة بقوة اكبر وادانة عدم استعداد عرفات للسلام. وهاجمته بشدة لاقتراحه تقسيم القدس التي يطالب بها كل من الجانبين عاصمة له.

ودافع مارتن انديك السفير الاميركي لدى اسرائيل عن منهج كلينتون في التعامل مع عملية السلام وعن انجازاته. وقال ان قدرا كبيرا من التفكير انصرف على مر السنين في كيفية وتوقيت علاج قضايا اكثر صعوبة. وقال: بالتأكيد ارتكبنا اخطاء. لكنه اضاف: لقد وصل الاسرائيليون والفلسطينيون الى قبول جزء كبير من الخطوط العامة الرئيسية لما سيكون عليه الاتفاق... فالجانبان ليسا بعيدين الى هذا الحد. لقد قطعا في الواقع طريقا طويلا جدا.

ورد انديك على اتهام بأن واشنطن متحيزة بقوله ان القادة العرب الراغبين في صنع السلام جاءوا واشنطن لاننا كنا مؤيدين لجانب اسرائيل. ورغم العنف يلتقي مرة اخرى مفاوضون فلسطينيون واسرائيليون بشكل منتظم بحثا عن السلام رغم ان معظم المسؤولين على الجانبين متشائمون بخصوص فرص النجاح في المستقبل القريب.

وكانوا يناقشون اقتراحا من خمس نقاط طرحه كلينتون في محاولة لاهثة اخيرة لضمان اتفاق. وهذه الشروط ليست ملزمة للرئيس المنتخب جورج بوش وهناك شك عميق في كيفية ملء الفراغ الذي سيخلفه رحيل كلينتون.

وقال ديفيد ماكوفسكي المحلل المختص في الشرق الاوسط انه يتوقع لأفكار كلينتون ان تعيش بعد رئاسة بوش بشكل ما. لكن جيرالد شتاينبرج وهو محلل سياسي اسرائيلي قال انه لا يمكن توقع ان يشكل اي من المقترحات اساسا دائما لمحادثات دون اتفاق قوي بشأنها.

ويكمن الخطر الآن في احتمال ان يتبع جهود كلينتون فجوة بينما تثبت ادارة يوش نفسها في السلطة يستمر خلالها العنف بدون تهدئة.

وطالب فلسطينيون واسرائيليون يمينيون بمراجعة دقيقة للسياسة الاميركية. كما يفضل الفلسطينيون كذلك تدخلا دوليا اوسع نطاقا للحد من النفوذ الاميركي بينما يأمل الاسرائيليون المنتمون الى الجناح اليساري في استمرار الاهتمام الاميركي القوي.

وأبدت صحيفة «هآرتس» قلقا امس الجمعة من تصريحات لوزير الخارجية الاميركي الجديد كولن باول قال خلالها انه على جميع الاطراف صنع السلام بأنفسهم. وقالت: نأمل ان تتبنى الادارة الجديدة درجة ما من الاهتمام الذي ميز سنوات كلينتون بقدر ما يكون الشرق الاوسط موضع اهتمام.