مصر وأميركا في عهد كلينتون: نمو غير مسبوق في العلاقات

TT

مثل لعبة القط والفأر تبدو العلاقة على السطح بين مصر والولايات المتحدة الاميركية خلال سنوات حكم الرئيس الاميركي بيل كلينتون، فهي هادئة ومتزنة سياسيا على مستوى التنسيق ويؤرقها الخلاف في وجهات النظر، وهو الخلاف الناتج عن اختلاف المصالح ونظرة كل عاصمة لأمن الشرق الاوسط ومستقبله.

ورغم ان الرئيس الراحل انور السادات هو الذي فتح باب العلاقات الاميركية ـ المصرية فإن عهد الرئيس حسني مبارك خاصة في سنوات كلينتون منح القاهرة ثقلا خاصا داخل الادارة الاميركية التي منحت السلام في الشرق الاوسط اولوية اهتماماتها الخارجية خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي، الامر الذي اخرج الشرق الاوسط من دائرة التجاذب السياسي بين القطبين الكبيرين.

وخلال ولايتي كلينتون لعبت مصر دورا كبيرا في دفع عجلة السلام بالمنطقة مع محاولة تغليب المصالح العربية قدر الامكان، لذلك كانت مصر مقرا للعديد من الفاعليات والاجتماعات التي رعتها واشنطن مثل المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب في شرم الشيخ التي استضافت ايضا في سبتمبر (ايلول) الماضي مؤتمرا موسعا لانقاذ المسار الفلسطيني وشهدت القاهرة وطابا توقيع اتفاقيتين بين الفلسطينيين والاسرائيليين وشارك الرئيس المصري في حضور الاحتفالية الكبيرة بتوقيع اتفاق «غزة ـ اريحا» في حديقة البيت الابيض.

ورغم هذه المشاركات الواسعة والتنسيق الواضح على المسار السلامي شهدت العلاقات المصرية ـ الاميركية ازمتين كبيرتين على هذا المسار، الاولى حين رفض الرئيس مبارك الانضمام الى مباحثات «واي ريفر» التي شهدت توقيع اتفاق حمل الاسم ذاته وحضره العاهل الاردني الراحل الملك الحسين، كما غابت القاهرة عن مباحثات «كامب ديفيد» وحملت ادارة الرئيس كلينتون مصر مسؤولية فشل هذا الاتفاق برفض الرئيس المصري الضغط على الرئيس عرفات لقبول ما كان مطروحا في هذه المباحثات خاصة في موضوع السيادة على القدس، واعتبر المسؤولون الاميركيون ان تصريحات الرئيس مبارك حول السيادة العربية والاسلامية على القدس نسفت الجهود الاميركية في هذا الصدد.

ورغم الخلافات بين الجانبين فان القاهرة وواشنطن حرصتا على احتوائها مبكرا خاصة في ظل ادراك الادارة الاميركية المهتمة جدا بعملية السلام على المسار الفلسطيني انه لا يمكن التوصل الى سلام حقيقي على هذا المسار دون حضور واقتناع وموافقة مصرية صريحة.

اما العلاقات الثنائية بعيدا عن ازمة الشرق الاوسط المعقدة فقد شهدت نموا غير مسبوق ابرزه شكلا زيارة الرئيس الاميركي بيل كلينتون لمصر اربع مرات خلال ولايته وهو ما لم يفعله رئيس اخر، وشهدت العلاقات الاقتصادية مبادرة مبارك آل غور وانشاء المجلس الرئاسي المصري ـ الاميركي الذي دعم العلاقات الاقتصادية الى اقصى مدى وحصلت مصر بمقتضى ذلك على وصف الدولة الاولى بالرعاية اقتصاديا.

ومضى التعاون الأمني بين البلدين هادئا ووثيقا بعيدا عن الانفعالات السياسية ورسميا وقعت القاهرة وواشنطن عدة اتفاقيات للتعاون الامني وبعد ان كانت القاهرة تكيل الاتهامات لواشنطن بسبب منحها حق اللجوء السياسي لعدد من الاصوليين المصريين، ساعدت اجهزة الامن الاميركية نظيرتها المصرية في استعادة عشرات الاصوليين الهاربين في كل انحاء العالم، وهو ما بدا طبيعيا حين سلمت القاهرة محمود أبو حليمة احد المتهمين في قضية تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك.