الجنرال ويزلي كلارك: قذائف اليورانيوم لن تؤدي إلى «هيروشيما بطيئة»

TT

قاد الجنرال ويزلي كلارك القائد الاعلى لحلف شمال الاطلنطي (الناتو) قوات التحالف الغربي نحو النصر، بدون خسائر في الارواح، على القوات الصربية في كوسوفو. وفي هذا الحوار يجيب كلارك عن مجموعة من الاسئلة التي تشغل الدوائر الغربية، فضلا عن رجل الشارع الاوروبي والاميركي، وخصوصا حول الآثار السياسية والعسكرية والصحية، والآثار الاخلاقية لاستخدام القوات الاطلسية لقذائف اليورانيوم الناضب في حربي البوسنة وكوسوفو، باوروبا، فضلا عن حرب الخليج قبلهما في الشرق الاوسط.

* ثارت ضجة في اوروبا بخصوص مرض الجنود الايطاليين وغيرهم الذين قيل انهم تعرضوا الى اليورانيوم الناضب المستخدم خلال الحرب في كوسوفو والبوسنة. ما هو رأيك في هذا الموضوع؟

ـ توجد مستويات سلامة معروفة للغاية بالنسبة للتعرض للأشعة، وضعتها وكالة الطاقة النووية الدولية وغيرها من المؤسسات، معتمدة على ابحاث مكثفة واختبارات من قبل الحكومة الاميركية وغيرها من الحكومات عبر السنوات. وقد التزمنا بهذه المستويات. ولذا فنحن نعرف العلاقة بين معدلات الاشعة والخطر واليورانيوم الناضب. وهي نسبة يمكن قياسها، وهي منخفضة للغاية، 40% اقل اشعاعية من اليورانيوم الطبيعي. ولم تكن هناك رابطة بين هذا المستوى من الاشعة وتأثيرات محددة. وببساطة، فاليورانيوم الناضب يقع ضمن مستوى ما يعتبر مقبولا.

ان اليورانيوم الناضب يستخدم في الاسلحة ليس لأنه مشع. ولكن لأنه معدن اثقل من الرصاص، فان قوة ارتطامه اقوى بالاهداف المدرعة. لقد عمل الناتو في اطار القواعد القانونية الدولية، وبذلنا كل ما في وسعنا لتجنب الاضرار بالبيئية على مستوى كبير، وتعمدنا عدم استهداف مناطق نعتقد ان مصانع الاسلحة الكيميائية الصربية موجودة فيهما.

* اذا كانت قد تمت دراسة تأثير اليورانيوم الناضب بطريقة جيدة فلماذا هذه الضجة في اوروبا الآن؟

ـ اولا ان هذه حملة مجرد «بروباجندا» صربية طويلة المدى، بدأت في منتصف التسعينات، بعد غارات الناتو الاولية ضد القوات الصربية في البوسنة. ومنذ ذلك الوقت، تكررت عدة مرات في وسائل الاعلام، واكتسبت بعدا جديدا في الوقت الحاضر بسبب الديناميكية السياسية الاوروبية تجاه الناتو. ولتخفيف هذه المخاوف يجب على الذين يريدون تجارب جديدة القيام بها بطريقة شاملة وعلمية، وليس على المسرح السياسي. ورأيي الشخصي المؤسس على ابحاث تم اجراؤها انه ليس من المرجح ظهور اية معلومات جديدة.

* وبالرغم من ذلك فقد طلب الناتو من جنوده خلال حرب كوسوفو أن يأخذوا حذرهم في التعامل مع الاسلحة المستخدم فيها اليورانيوم الناضب؟

ـ في ما يتعلق باليورانيوم الناضب، كما في كل حالات الاشعاعات، لا نريد امتصاص جسم حي لمادة مشعة يمكن ان تتسبب في اضرار. وهذا هوسبب اعلاننا تحذيرا بيئيا في يوليو (تموز) عام 1999 الى الجنود بعدم الوجود حول ذخائر مستهلكة، سواء كانت يورانيوم ناضباً او ذخائر اخرى من الرصاص او قنابل صغيرة لم تنفجر، وعندما توجد حول ذخائر مستهلكة من اي نوع، فهي خطرة.

وخلال حرب الخليج تعرضت بعض الدبابات الاميركية، بطريق الخطأ، الى زخات دخل في تصنيعها اليورانيوم الناضب. وقد قتل بعض الجنود في هذه الدبابات، ولم يقتل البعض الآخر، وعندما فحص المحققون الدبابات المدمرة لبحث تأثير الذخيرة، ارتدوا اقنعة غاز لكيلا يستنشقوا اي غبار. وطلبنا من رجالنا آنذاك ارتداء قفازات اذا ارادوا الدخول الى اهداف تعرضت للقصف.

وتجدر الاشارة الى ان بعض جنودنا الذين كانوا في تلك الدبابات التي تعرضت للقصف بطريق الخطأ خلال حرب بالخليج، كانوا يحملون شظايا من اليورانيوم الناضب في اجسادهم. ولقد راقبناهم، ولم يحدث اي تأثير على صحتهم، ولم يصب اي منهم باللوكيميا، كما لم يمت اي منهم.

* خلال حرب كوسوفو حذر الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل جورباتشوف من استخدام اسلحة اليورانيوم الناضب، وقال: «ان مثل هذه الاسلحة تحترق في درجة حرارة عالية، وتصدر عنها سحب سامة من اوكسيد اليورانيوم تتحلل في السوائل الرئوية والشعبية، واي شخص يكون في دائرة قطرها 300 متر من مركز الانفجار يستنشق كميات كبيرة من هذا الغبار... وهو الامر الذي يمكن ان يضر بعدد متنوع من الخلايا في الجسم، ويدمر الكروموسومات ويؤثرعلى شبكة الاجهزة المسؤولة عن المخ. وحذر جورباتشوف من «هيروشيما بطيئة».

* ما هو رد فعلك على ذلك؟

ـ هذا مثال على لغة الاثارة التي لا تساعد احدا، ربما توجد بعض الاسلحة الروسية التي لا نعلم عنها شيئا تؤدي الى ذلك، لكن الاسلحة الاميركية لا تسبب مثل هذه السحب. فالاسلحة الاميركية عبارة عن رصاص مدافع رشاشة، وهي غير مصممة لكي تنفجر، ولكن لاختراق الاهداف، انها تقوم بثقب المدرعات بطاقة كبيرة، لانها ثقيلة للغاية، وتنشر داخل الدبابة او حاملة الجنود المدرعة كل انواع الشظايا الناجمة عن هذا الاختراق مثل المدافع الرشاشة. ولكن لا توجد سحب تمتد لمسافة 300 متر.

والاهم من ذلك في ما يتعلق بالضجة الحالية، لم يكن هناك اي جندي تابع للناتو على ارض المعركة عندما تعرضت الاهداف لقصف بذخيرة يدخل في صنعها اليورانيوم الناضب. لقد اطلقت القذائف من طائرات على ارتفاع آلاف الاقدام. ولذا فإن فكرة ان الايطاليين او اي شخص آخر يمكن ان يتعرض للاشعاع بإستخدام، او نتيجة لقربه من هذه الاسلحة، ليست فكرة جيدة. ولا يوجد اي احتمال بأن الايطاليين او اي شخص آخر يمكن ان يستنشق اي «سحب».

واعتقد ان المحتمل انه اذا كان الصرب يقيمون اهدافا تمويهية يوميا، ثم نطلق عليها 50 طلقة كل يوم فربما يحدث نوعا من التركيز مع مرور الايام من اليورانيوم الناضب في منطقة واحدة لأن معدل التحلل بطئ للغاية، بل ان ذلك يعتمد على كيفية اصابة الهدف وكيف تم نشر الذخيرة وتفتت الهدف.

* وهل يعني ذلك زوبعة في فنجان؟

ـ لا اعتبره كذلك لأن مثل هذا الموضوع يجب ان يؤخذ جديا، ولكني على ثقة من عدم العثور على اي علاقة جديدة بين اسلحة اليورانيوم الناضب والمشاكل الصحية. اذ توجد حقيقتان، اولا تم اطلاق 31 الف طلقة نارية يدخل في صنعها اليورانيوم الناضب على مدى شهرين في منطقة مساحتها 4 آلاف ميل مربع. ثانياً ان بعض الجنود الاوروبيين مرضى.. البعض ربط بين الحقيقتين، ولكن لا يوجد اي اساس لهذه العلاقة علميا وطبيا واحصائيا او عن طريق الخبرة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز ـ وجهة نظر عالمية»