الأمم المتحدة تحذر من عصابات بيع الأطفال الأفريقيين إلى الدول الغنية

TT

يبدو أن الأوضاع الاقتصادية للقارة الافريقية تسير من سيئ إلى أسوأ، فالفقر الذي يضرب القارة السوداء بلغ ذروته لينال من النظام التربوي والصحي المتهالك أصلا. ويبدو أن التردي الاقتصادي نال من القيم التقليدية والاجتماعية التي كانت تحد من استغلال الأطفال في افريقيا، فقيم التضامن التي كانت موجودة تاريخياً، وكانت تسمح للعائلات الريفية بإرسال أبنائها إلى الأقارب في المدن، لكي ينالوا نصيبا من التعليم أو العمل قد انقرضت، لتحل محلها صفقات مالية.

وانتعش هذا النوع من تجارة الأطفال بفضل طبقة من الوسطاء الذين يزدادون ثراء وطمعا في الربح، فمقابل مبلغ لا يزيد على عشرة جنيهات استرلينية، يقبل بعض الآباء على تأجير أبنائهم إلى أشخاص في دول العالم الغنية.

وأدت الحروب الأهلية في افريقيا السوداء إلى تضعضع الاقتصادات الزراعية لتلك الدول، ودفعت بالأطفال في بلدان مثل الصومال ورواندا وليبيريا وبوروندي وسيراليون إلى الشوارع، ليجري بعد ذلك استغلال الكثيرين منهم جنسياً في معسكرات القتال وهم دون سن العاشرة. وحتى في المناطق التي لم تمتد إليها لعنة القتال أصبح من الشائع إرسال الفتيات الصغيرات هناك إلى المدن الكبرى، مثل دوالا ولاغوس وآكرا ودكار وأبيدجان لتعملن بالدعارة، وبوسع من يتوجه إلى الكونغو الديمقراطية أن يشاهد أطفالا صغارا يباعون هناك عبر نهر الكونغو.

وحذرت الامم المتحدة من ان تجارة الصغار الأفارقة من أجل استغلالهم جنسيا أصبحت رائجة للغاية، في مدن مثل كيب تاون ودوربان في جنوب افريقيا. أما في زامبيا فتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من سبعين ألف طفل وطفلة يسخرون في الدعارة. وقالت هيئة الاذاعة البريطانية إن عصابات من اللبنانيين تسيطر بشكل كبير على عمليات تهريب الأطفال في سيراليون، وأن هذه العمليات تتزايد بين افريقيا وأوروبا، وتخضع لقواعد تشبه تلك المطبقة على أي تجارة منظمة، وبالرغم من ذلك لم تنجح التحقيقات المختلفة في الحصول على أرقام وأدلة تواجه بها المجتمعات التي تنكر تشجيعها لهذه التجارة. واخيرا ألقت السلطات البلجيكية القبض على مواطنة كونغولية تعيش في بلجيكا بتهمة تهريب عدد من الأطفال إلى بلجيكا. والمتهمة متزوجة من مواطن بلجيكي، ولديهما أربعة أطفال، واعتاد زوجها على السفر إلى الكونغو الديمقراطية ،واستغلال الوثائق الخاصة بأطفاله الأربعة في تهريب أطفال آخرين. واشارت الامم المتحدة الى ان هناك عرفا يتداوله العاملون في هذه التجارة، فالأطفال المهربون من الصومال على سبيل المثال، يسافرون من دون الوثائق الضرورية أو بأخرى مزيفة، وأثناء توقف الطائرة في سويسرا يتقدمون بطلب اللجوء السياسي، وتكرر هذا السيناريو لعدة مرات في مطار زيوربخ، وفي بعض المرات كانت المجموعة المهربة تضم أكثر من 30 طفلا.

ولكي توقف هذا السلوك، قررت السلطات السويسرية أن تكون مع المواطنين الصوماليين تأشيرة دخول، أو تصريح بالإقامة لكي يسمح لهم بالهبوط في المطارات السويسرية وعادة ما يتم اصطحاب مجموعات الأطفال لبيعهم أو استغلالهم في أوروبا تحت دعوى مشاركتهم في دورات رياضية، أو حضورهم قداسا يقيمه البابا مثلا. وقد ألقي القبض على مسؤول في سفارة غربية في نيجيريا بعد اتهامه بالضلوع في هذه التجارة.

وتقول الامم المتحدة ان الذين يعملون في تهريب الأطفال لا تطالهم أيدي العدالة غالبا، فتعريف التهريب غير محدد، وبوسع الآباء في معظم القضايا أن يزعموا أن المهربين الذين يصطحبون أطفالهم هم أشخاص أؤتمنوا عليهم خلال الرحلة لتوصيلهم إلى نهايتها، كما أن معظم الدول الافريقية لا تتمتع بتشريعات تمنع الصور القاسية من استغلال الأطفال. ولا شك أن هذه الدول ستسارع إلى توقيع الميثاق الجديد لمنظمة العمل الدولية الذي يهدف للقضاء على أسوأ صور استغلال الأطفال، لكن المشكلة ستظل كامنة في التطبيق.