السلطات الفلبينية تمنع استرادا من السفر وتجمد حساباته المصرفية

TT

أصدرت الحكومة الفلبينية امس أمرا بمنع الرئيس المخلوع جوزيف استرادا من مغادرة البلاد، لانه مطلوب لاستجوابه بشأن اتهامات بالفساد والكسب غير المشروع. وقال وزير العدل الفلبيني هيرناندو بيريز ان القرار يشمل استرادا وزوجته وابنه جينجوى وعددا من اصدقائه ومساعديه من السفر.

وجاء القرار اثر طلب تقدم به مكتب شكاوى العاملين بالدولة لاستصدار امر يمنع سفر 27 شخصا. وقال بيريز ان الامر شمل 24 شخصا فيما استبعد عضوان بمجلس الشيوخ من القائمة، اضافة الى محافظ اقليمي فجر القضية في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، عندما اتهم استرادا علانية بالحصول على رشى بملايين الدولارات من نواد غير مشروعة للقمار.

واصدرت الحكومة الفلبينية ايضا امرا آخر بتجميد حساب مصرفي لاسترادا وزوجته بزعم انه تهرب من الضرائب. واصدر مكتب العائدات الداخلية امرا الى احد فروع سيتي بنك برفض اي سحب من اي حساب مصرفي لاسترادا وزوجته لويزا اجركيتو او اي حساب باسم خوسيه فيلاردو او كفين جارثيا.

وخضع استرادا لمساءلة مجلس الشيوخ له بتهمة الفساد وتلقي رشى. وقال شهود عيان انه كان يستخدم اسمي فيلاردو وجارثيا لفتح حسابات مصرفية.

واصدرت المحكمة العليا الفلبينية يوم السبت الماضي امرا بتنحيته من الرئاسة مع تنامي الاحتجاجات في اعقاب انهيار محاكمته امام مجلس الشيوخ بعد انسحاب المدعين واصفين المساءلة بانها مهزلة. وذكرت الصحف ان استرادا كان يحاول سحب ثلاثة ملايين دولار ومائة مليون بيزو (نحو مليوني دولار) من حساب باسمه في فرع لسيتي بنك في ضاحية جرينهيلز بمانيلا القريب من مقر اقامته الخاص.

على صعيد آخر قال وزير الدفاع الفلبيني اورلاندو مركادو امس انه لم تقع محاولة انقلاب من جانب انصار استرادا، لكن مثل هذه الانباء سيتم التحقق منها. وفي الوقت نفسه قالت مصادر امنية ان المواطنين وجدوا في الرسائل المنقولة عبر شبكة الهاتف المحمول وسيلة فعالة في حملتهم المناهضة للرئيس المخلوع. وقالت صحيفة «توداي» المحلية امس ان شركة سمارت للاتصالات التي تدير شبكة المحمول في الفلبين تعاملت مع 70 مليون رسالة الاسبوع الماضي بزيادة 55% عن الاسبوع السابق مع تنامي الضغوط الشعبية على استرادا. واشارت الى انه حتى التطورات التي شهدها الاسبوع الماضي والتي ادت الى اعتزال استرادا كانت الفلبين صاحبة اكبر رقم في العالم من الرسائل المنقولة عبر شبكة الهاتف المحمول.

وشملت الحملة المعادية لاسترادا ايضا الاذاعة والتلفزيون وشبكة الانترنت، ولكن الهواتف المحمولة كانت اوضح مثال على القوة الشعبية التي اتاحتها التكنولوجيا لسكان الفلبين.

غداة مغادرة جوزيف استرادا قصر الرئاسة على عجل، بدأت عملية البحث والتقصي لممارساته خلال فترة رئاسته التي استمرت عامين ونصف العام لمعرفة احتمالات العقوبات التي يجب تطبيقها. فقد أعلن فريق من المحققين عقب أسبوع من فشل محاكمة استرادا عن بداية تحقيق جنائي في الادعاءات الخاصة باختلاسه لملايين الدولارات خلال فترة رئاسته التي امتدت إلى عامين ونصف العام.

الاعتقاد السائد حاليا هو ان موافقة استرادا على التخلي عن السلطة لا تعني بأية حال عدم مساءلته عن أي تجاوزات ارتكبها خلال فترة رئاسته، إذ ان التطورات الأخيرة في الفليبين حدثت في وقت أدرك فيه عدد من زعماء الدول السابقين ان التخلي عن السلطة لا يضمن بالضرورة إسقاط الممارسات السابقة التي توجب المثول أمام القضاء.

عقب تسلم جلوريا آرويو منصب الرئاسة خلفا لاسترادا أعلن المحقق العام آنيانو ديسيرتو انه سيبدأ رسميا تحقيقا يستمر شهرين في الأدلة المقدمة ضد استرادا. وأضاف ديسيرتو ان التحقيق سيشمل تهم سرقة أموال الدولة وسوء استخدام المال العام والابتزاز وشهادة الزور والرشوة وامتلاك ثروة لا يعرف مصدرها.

وسرقة أموال الدولة من الجرائم الكبرى، ومن المحتمل ان تصل عقوبتها إلى الإعدام. وتقول آرويو ان العدالة لابد ان تأخذ مجراها، غير ان المسؤولين المقربين منها يعتقدون انها لن تكون متحمسة للمضي قدما في محاكمة زعيم مخلوع لا يزال يتمتع بتأييد واسع وسط فقراء الفلبين. ويرى أحد مساعدي آرويو ان محاكمة استرادا لن تحقق أي مكاسب سياسية وان من الأفضل «ان يترك وشأنه».

ويتساءل البعض عن ما إذا سيبدي المواطنون الإرادة السياسية والأخلاقية اللازمة لمحاكمة استرادا على جرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام. ثمة من يرى أيضا ان الميل إلى الخيارات السهلة لن يخدم قضية المعركة ضد الفساد، بمعنى ان اجتثاث ظاهرة الفساد بصورة عامة تتطلب بالضرورة خوض معركة حقيقية وشرسة ابعد ما تكون عن الميل إلى الخيارات السهلة. ويؤكد الناشطون في مجال محاربة الفساد على أهمية عدم تكرار خطأ السماح للدكتاتور السابق فردينالد ماركوس باللجوء إلى خارج البلاد عام 1986.

كما ان مجموعات محاربة الجريمة والفساد ترى انه لا بد من محاكمة أصدقاء استرادا المتورطين في جرائم الفساد، وضرورة تنظيم حملة واسعة لمحاكمة السياسيين المتورطين في مختلف جرائم الفساد. يذكر ان إحدى المنظمات الناشطة في محاربة الجريمة وظاهرة الفساد تملك وثائق وأدلة كان من المفترض استخدامها في محاكمة استرادا، إذ ستستخدم الآن في توجيه تهم مدنية وجنائية ضده.

*خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»