محامي المتهم المصري بالتجسس: موكلي قدم معلومات سياحية وليست عسكرية

المستشار السابق أحمد سعيد عبد الخالق لـ«الشرق الاوسط»: طالبت بتدخل الرئيس للموافقة على مثول رئيس جهاز الأمن القومي كشاهد في القضية

TT

طلب احمد سعيد عبد الخالق المستشار السابق بمحكمة أمن الدولة العليا ومحامي شريف الفيلالي المتهم المصري بالتجسس لصالح جهاز الاستخبارات الاسرائيلي «الموساد» تدخل الرئيس حسني مبارك للموافقة على مثول رئيس جهاز الأمن القومي المصري كشاهد في القضية، بعد أن رفضت المحكمة هذا الطلب في جلستها الأخيرة باعتبار ان الأمن القومي جهاز سيادي ولا يجوز استدعاء أحد العاملين به إلا بقرار جمهوري، مشيراً الى ان تقرير الجهاز المقدم للنيابة ذيل بعبارة «مع العلم أن الضابط السابق بالجيش الروسي جريجوري شفتش يعمل بالموساد»، وهي عبارة لا تستند الى أدلة دامغة وحولت المتهم شريف من مجرد «نصاب» الى عميل للموساد. وتحدث محامي الفيلالي لـ«الشرق الأوسط» عن طبيعة المعلومات المدونة على ديسكات الكومبيوتر التي ضبطت مع المتهم، وقال انها معلومات سياحية واقتصادية متداولة وليس بينها أية معلومات عسكرية تضر بالأمن القومي المصري. وأكد المحامي انه سيدافع عن المتهم بتهمة انه «نصاب» وليس جاسوسا، اذ قال: «نعم سأدافع عنه بتهمة النصب وليس التجسس، اذ مازلت مقتنعاً بذلك لانه باع الوهم للضابط السابق في الجيش الروسي جريجوري شفتش وأعطاه معلومات متداولة ومنشورة على صفحات الانترنت والمطبوعات الدعائية عن مصر ولا تمثل أسراراً خطيرة تمس الأمن القومي المصري، فقد أعطاه معلومات عن مشروع توشكى الذي تروج له الحكومة بين المستثمرين وبعض المعلومات عن حركة السياحة وظروف الاستثمار، وهي كما قلت معلومات لو أراد جريجوري الحصول عليها لكان له ذلك وبطرق رسمية ميسرة».

* وهل تعتقد ان جريجوري وهو ضابط سابق بالمخابرات الروسية وعميل لجهاز الاستخبارات الاسرائيلي ساذج الى هذه الدرجة؟

ـ أولا، لكي تكون الأمور واضحة فان هذا السيد «الجريجوري» ليس عميلا لجهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد). وشريف مجرد سكرتير ومترجم له، وكان جريجوري يريد انشاء شركة سياحية له في مشروع توشكى بمصر وقدم الفيلالي له معلومات سياحية وليس عسكرية.

* من أين لك هذا الإدعاء بأن جريجوري ليس عضواً بالموساد في حين أن جهاز الأمن القومي المصري أكد في تقريره عن ان شريف الفيلالي يتعامل مع جريجوري عميل الموساد؟

ـ للأسف الشديد فقد اطلعت على نص الاتهام وعلمت ان تقرير جهاز الأمن القومي ذيل تقريره عن الفيلالي بأنه يتعاون مع جريجوري في جلب معلومات تضر بالأمن القومي المصري، وتناول التقرير صراحة في آخر فقرة: «مع العلم ان جريجوري يعمل لصالح الموساد الاسرائيلي»، الا ان هذا الاتهام لجريجوري ما زال مرسلاً ولا يستند الى أدلة دامغة على أنه عضو في الجهاز المذكور. فجهاز المخابرات المصري لم يقدم تقارير وأدلة بذلك، وأنا هنا لا أدافع عن المتهم الروسي ولكن أدافع عن شريف المواطن المصري، وللعلم فإن الفيلالي نفى في اعترافاته أمام نيابة أمن الدولة أن يكون جريجوري عميلا للموساد.

* وهل من أجل ذلك طلبت من المحكمة استدعاء رئيس هيئة الأمن القومي للشهادة وأيضاً الخبير الذي أعد التقرير؟

ـ نعم، فأنا متأكد أنه لا توجد أدلة دامغة على تورط شريف في أعمال مخابراتية لصالح الموساد، لان جريجوري لم يطلب معلومات من شريف تهم الموساد أو أي جهاز مخابرات في العالم، لان المعلومات المطلوبة ميسرة ومن السهل الحصول عليها، وطلبت من المحكمة استدعاء الخبير الذي أعد التقرير الصادر عن هيئة الأمن القومي، مع إلزامه بتقديم محاضر جلساته، وطلب فض الاحراز واطلاع هيئة المحكمة عليها بحضور الدفاع والمتهم، والتصريح لي باستخراج شهادة رسمية من الجوازات عن تحركات المتهم ودخوله وخروجه البلاد، وندب خبير فني من غير هيئة الأمن القومي المصري لتشغيل أجهزة الكومبيوتر المضبوطة للوقوف عما اذا كان فيها ما يمس الأمن القومي المصري أم أنها معلومات عادية.

* هل رفض المحكمة استدعاء رئيس جهاز الأمن القومي للجلسات القادمة قد يؤثر على مجرى دفاعك على المتهم، وماذا ستفعل لحضوره؟

ـ رفض المحكمة الاستدعاء لرئيس جهاز الأمن القومي المصري يحتمل أمرين: الأول انها رفضت الطلب ضمناً وبدون أسباب قانونية، والثاني قد يكون انها أرجأت البت فيه لحين الحصول على معلومات أخرى قد تغني عن حضور رئيس الجهاز للمحكمة. واعتقد ان هيئة المحكمة استندت في رفضها الاستدعاء الى نص قانون المخابرات العامة رقم 100 لعام 1971 الذي نص في مادته التاسعة على حظر استدعاء رئيس الجهاز وجميع العاملين به للإدلاء بمعلومات لأية جهة على الاطلاق، ومن هنا كان الرفض باعتبار أن الطلب غير جائز لجهاز سيادي مثل الأمن القومي. وهذا قول صحيح وله سنده من القانون إلا انه رغم هذا الحظر فقد نصت ذات المادة على استثناء يجوز فيه لرئيس الجهاز أو العاملين الإدلاء بتلك المعلومات بإذن من رئيس الجمهورية أو مجلس الدفاع الوطني، ومن ثم من حق المحكمة أن تتخذ الاجراءات القانونية في استئذان رئيس الجمهورية لطلب شهادة رئيس الجهاز، وأتمنى أن تتحقق هذه الموافقة ضماناً للعدالة.

* لم تكتف بطلب استدعاء رئيس جهاز الأمن القومي بل طلبت استدعاء السفير حسين هريدي سفير مصر لدى اسبانيا لمناقشته حول ما ورد في التحقيقات، وكذا طلبت تشكيل لجنة من وزارات الدفاع والسياحة والاقتصاد والتعمير والزراعة للاطلاع على الأوراق، فما الذي يمكن أن يقدموه لتبرئة المتهم والديسكات المضبوطة لديه تقول النيابة أنها تضم معلومات مخابراتية لصالح الموساد؟

ـ طلبي تلك الوزارات وحضور سفير مصر في مدريد لمناقشته حول ما ورد في التحقيق او غيرهم لمناقشتهم ستكون امورا ضرورية لسير التحقيقات. واؤكد ان المتهم طلب الابلاغ عن جريجوري في السفارة ولم يجد صدراً رحباً، وكان البلاغ في 6 يوليو (تموز) عام 2000، وعندما قدم المتهم الى القاهرة بإرادته الحرة في 10 سبتمبر (ايلول) عام 2000 فتوجه عندها الى هيئة الأمن القومي فوراً وأصر على مقابلة مسؤول كبير وقدم صورة البلاغ السابق للسفارة، وأرسلت هيئة الأمن القومي بتاريخ 27 سبتمبر من نفس العام كتاباً للمحامي العام لنيابة أمن الدولة قالت فيه أن الفيلالي تقدم فعلاً لسفارتنا في مدريد ببلاغ وأرفق معه صورة البلاغ، وقال التقرير صراحة ان الفيلالي تقدم في 13 سبتمبر عام 2000 بصورة البلاغ وانتهى بطلب النيابة تفتيش مسكنه من باب «الحيطة» وذُيل هذا الخطاب بعبارة «علماً بأن جريجوري يعمل بالموساد»، ومن هنا انتقلت النيابة وفتشت مسكن المتهم وضبطت جهازي كومبيوتر و13 ديسك، وبعض الصور الشخصية وكاميرتين عاديتين ومبلغ 750 دولارا.

* بالتأكيد اطلعت على الديسكات والمعلومات التي بها، فما هي طبيعة المعلومات التي ضمتها؟

ـ شاهدت واستمعت بكل دقة لما في هذه الديسكات المضبوطة وليس بها أية معلومات تضر بالأمن القومي المصري، وهي معلومات في تناول الجميع وليس بها معلومات عسكرية.

* اذا كان الفيلالي «نصاباً» وليس متهماً بالجاسوسية كما تزعم، فما تفسير علاقاته النسائية المتعددة مع يهوديات بالخارج وعلى رأسهن سيدة تدعى «أرينا» في مدريد؟

ـ أنا لا أنكر ان الفيلالي صاحب علاقات نسائية متعددة، ولكن هذه العلاقات مع يهوديات وأصحاب جنسيات أخرى مسائل شخصية اتحفظ عليها بالطبع، لكنها لم تقدم دليلا ملموساً تؤكد ان الفيلالي جاسوساً رغم محاولة البعض الربط بين العلاقات النسائية المتعددة مع يهوديات والتجسس لصالح الموساد.

* من بين الطلبات التي رجوتها من المحكمة تخصيص دور كامل من مبنى المحكمة للنظر في القضية، فماذا وراء هذا الطلب الذي يبدو غريباً في المحاكم المصرية؟

ـ لأن الجلسة الأولى للمحاكمة كانت مزدحمة جداً وهناك شهود كثيرون في القضية ورجال صحافة واعلام من وكالات أجنبية مختلفة والمناقشة في هذا المكان الضيق والمختنق يمكن أن يؤثر على سير العدالة ولا يعطي فرصة للمناقشة بين المحكمة والدفاع وتخصيص دور كامل سيجعل القضاة في حالة ارتياح نفسي، واعتقد ان العوامل النفسية مطلوبة للسير الجيد للعدالة. وللعلم طلبت تقليل النظر في الدعاوى القضائية الأخرى يوم نظر قضية الفيلالي حتى لا تتعجل هيئة المحكمة ولا تستمع بشكل تفصيلي للدفاع والشهود.

* هناك اتهام من النيابة بأن المتهم وجه الدعوة لبعض أقاربه بالسفر للخارج لمد «الموساد» بمعلومات خطيرة عن الأمن القومي المصري، فما ردك؟

ـ كلام غير صحيح وقد أنكر المتهم ما نسب إليه في هذا الشأن في اعترافات النيابة، وكل ما فعله انه وجه الدعوة لأحد أقاربه المسؤولين بالحكومة لحضور معرض تجاري في اسبانيا، وهذا المسؤول رفض وطلب أن تكون الدعوة رسمية وعبر جهاز الدولة المصري.

* لماذا قبلت الدفاع عن المتهم فجأة ولم يعرف أحد أنك ستدافع عن شريف، إلا في ساحة المحكمة وتبين انسحاب المحامية ميرفت شلبي، هل ظهورك المفاجئ في الدفاع فيه نوع من «التمويه» أم أن هناك ملابسات أخرى؟

ـ ليس تمويهاً، وأنا رفضت القضية مرة واثنتين وثلاث لعلمي أن الدفاع عن المتهمين بالتجسس عمل يثير احتقار الرأي العام لي ولأسرتي خاصة في ظل حالة الاحتقان حالياً بين مصر واسرائيل، لكن بعد أن قرأت تصريحاً صحافياً لمفتي الجمهورية الدكتور نصر فريد نفى فيه ما نسب إليه من «حرمة الدفاع عن المتهمين بالتجسس»، جاءني أحد تلامذتي المحامين وهو أحد أقارب الفيلالي ورجوني الدفاع عنه خاصة وأنني مستشار سابق في محكمة أمن الدولة العليا وصاحب خبرة طويلة في النظر في هذه القضايا، فقرأت أدلة الاتهام وشاهدت ما جاء بديسكات الكومبيوتر، وتولد لدي إحساس بخبرة القاضي السابق ان أدلة الاتهام غير كافية.

* هل هذا يعني أنك تتوقع براءة المتهم؟

ـ أنا قاض سابق ولا ينبغي لي أن أتوقع ذلك، ومن واقع خبرتي كنا في قضايا معينة نصل مع أعضاء المحكمة الى حكم باعدام متهم بالأدلة التي أمامنا ونفاجأ في الجلسة أن الدفاع قدم أدلة دامغة لتبرئة المتهم فنحكم بالبراءة، رغم أنه كان اتفاقا مسبقا على النطق بحكم الاعدام، وأنا في قضية الفيلالي اؤكد أن التهم المنسوبة إليه محل شك، ولا أريد التوقع بل أترك الأمر لهيئة المحكمة التي تنظر في القضية.

* ماهي قيمة الأتعاب التي اتفقت عليها للدفاع عن هذه القضية؟

ـ مبلغ أقل بكثير من أية أتعاب يتقاضاها محام كبير في قضايا المخدرات.

* كم تحديداً؟

ـ قلت لك، أقل من أتعاب قضية مخدرات؟

* يمكن أن نقول انها ربع مليون جنيه مثلاً؟

ـ انها أتعاب، وعلمي انك صحافي وليس عاملا في مصلحة الضرائب.