كبار زعماء المحافظين متورطون في اغتيالات المثقفين والمعارضين الإيرانيين

مصدر مقرب منهم يكشف لـ«الشرق الأوسط» أنهم حرصوا على عدم معرفة خامنئي بالمخطط لتجنب معارضته

TT

هدد أحد أقارب مصطفى كاظمي (سيد موسوي) الوكيل السابق لوزارة الاستخبارات الإيرانية الذي جرت محاكمته مؤخراً برفقة 17 من كبار مسؤولي الوزارة بتهمة التورط في سلسلة الاغتيالات التي طالت عدداً من أبرز الشخصيات السياسية والثقافية الإصلاحية في إيران، بالكشف عن تفاصيل السيناريو الذي أعد لتصفية الشخصيات الإصلاحية ورجال المعارضة على أيدي رجال الاستخبارات وبأوامر وقرارات مباشرة من علي فلاحيان وزير الاستخبارات الأسبق وخلفه قربان علي دري نجف آبادي.

وقال هذا القريب الذي اختار اسم «مصلح» خلال الحديث مع «الشرق الأوسط» ان السلطة العليا في إيران وجهت توصيات إلى محمد نيازي رئيس مؤسسة القضاء العسكري والقاضي عقيقي رئيس المحكمة العسكرية بإصدار حكم الإعدام بحق كاظمي ومساعده مهرداد عاليخاني وكذلك بحق علي روشني وحميد رسولي اللذين شاركا في اغتيال زعيم حزب الشعب القومي الراحل داريوش فروهر وزوجته برفانه قبل عامين.

وأضاف «مصلح» الذي كان يتحدث إلى «الشرق الأوسط» من دولة مجاورة لإيران في الخليج، أنه يحتفظ بدفتر يوميات كاظمي وحقيبة تحوي وثائق دامغة تكشف عن دور عدد من كبار علماء الدين والشخصيات السياسية والعسكرية المحافظة في اغتيال أكثر من ثمانين مثقفاً وكاتباً وفناناً خلال السنوات العشر الماضية.

وكشف «مصلح» انه كان يتعاون مع كاظمي ومساعد فلاحيان، سعيد إمامي، الذي قيل إنه انتحر في السجن بعد أن اكتشفت لجنة التحقيق الرئاسية دوره في قتل فروهر وزوجته وثلاثة من الكتاب والمثقفين، مضيفاً أن سعيد إمامي كان قد وجه قبل «انتحاره» رسالة إلى فلاحيان نقلها «مصلح» نفسه، ودعا امامي فيها رئيسه السابق إلى إخراجه من السجن وإلاّ فإنه سيكشف عن كل شيء.

واطلعت «الشرق الأوسط» على صورة لرسالة امامي مكتوبة في السجن على حاشية صفحات من صحيفة «جمهوري إسلامي».

وأضاف «مصلح» ان إمامي سلمه أيضاً رسالة تحمل تاريخ 21 شهر الميزان عام 1375 الشمسي (12 أكتوبر/تشرين الأول 1996) موجهة إلى فلاحيان ونائبه الأول حجة الإسلام مصطفى بورمحمدي يقترح فيها تصفية «أولئك الذين يشكلون تهديداً للنظام أو أنهم سيتحولون خلال السنوات الخمس المقبلة إلى خطر حقيقي على النظام». ومن الأسماء التي أوردها إمامي في رسالته جميع الأشخاص الذين جرت تصفيتهم في ما بعد مثل فروهر وزوجته ومختاري وبوينده وشريف ودواني ومن قبلهم الأديب المعروف سعيدي سرجاني، وكذلك القادة الأكراد المقيمين في برلين، ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور شاهبور بختيار المقيم في باريس وغيرهم.

كما أن الرسالة تذكر أسماء بعض دعاة الإصلاح والتغيير الذين انضموا إلى خاتمي بعد انتخابه مثل سعيد حجاريان الذي تعرض لمحاولة اغتيال شبه ناجحة أسفرت عن إصابته بالشلل، وعبد الله نوري وزير الداخلية السابق المعتقل حالياً في سجن ايفين ومحسن كديور المفكر الديني البارز، والمرجع الشيعي الأعلى آية الله حسين علي منتظري.

وفي حديثه الخاص بـ«الشرق الأوسط» قال «مصلح» الذي رفض الكشف عن أبعاد صلاته العائلية والمهنية مع مصطفى كاظمي، ان إدانة كاظمي ومساعده، حسب رأي مسؤولي منظمة القضاء العسكري وبعض المسؤولين الكبار، تكفي لتخفيف حدة الغضب الذي يسود المجتمع وخاصة الأوساط الجامعية والثقافية نتيجة لتورط وزارة الاستخبارات في قضية الاغتيالات، غير أن رأس كاظمي ـ حسب «مصلح» ـ ليس مطلوباً بل ان الشارع الإيراني يطالب بإسقاط رؤوس من أمروا إمامي وكاظمي والآخرين باقتحام بيت فروهر وذبحه مع زوجته وقتل العشرات من أبرز المثقفين والكتاب.

وأضاف «مصلح» ان يوميات كاظمي التي سلمها إليه قبل أيام من اعتقاله تحوي معلومات مثيرة جداً حول جلسات سرية عقدت بحضور فلاحيان وبورمحمدي وسيد محمد مير حجازي وخزائي وغيرهم من كبار مسؤولي الاستخبارات لبحث خطط قتل المعارضين في الخارج وأصحاب الرأي الآخر في الداخل. كما تتضمن اليوميات شرحاً لاجتماعات كاظمي مع مسؤول كبير في الحرس ومكتب مرشد الثورة. ونقل كاظمي في يومياته عن هذا المسؤول، حسب «مصلح»، قوله إن مرشد الثورة علي خامنئي لا يعرف شيئاً عن مخطط اغتيال عدد من المثقفين، وأن من الضروري الإبقاء عليه غير عارف لأنه ان علم بالأمر فلن يسمح بتصفية هؤلاء.

ومن المنتظر صدور الحكم القضائي على مصطفى كاظمي و17 من زملائه يوم السبت المقبل من قبل القاضي رضا عقيقي رئيس المحكمة العسكرية. ووعد «مصلح» انه إذا أدين كاظمي باعتباره المسؤول الأول في ملف الاغتيالات تمهيداً لإعدامه، فإن «الشرق الأوسط» ستكون أول من يطلع على أسرار وخفايا ملفات عدة أقلها ملف الاغتيالات السياسية في إيران والاغتيالات التي طالت الشخصيات المعارضة بالخارج. وأكد أن كاظمي دعاه للكشف عن دفتر يومياته ووثائقه إذا ما حكم عليه بالإعدام ولم يكشف عن المتورطين الآخرين في قضية الاغتيالات، وبينهم فلاحيان ودري نجف آبادي.