الجنرال جوزيف لا يدخن وليس لديه أصدقاء... ولا يعرف لغة شعبه

TT

جوزيف كابيلا لا يدخن، لا يتعاطى المشروبات الكحولية، لا يحب دعوات الغداء، لا يملك خزانة مكتظة بالملابس، ولا عددا كبيرا من الاصدقاء، فضلا عن انه لا يتحدث لغة الشعب الذي سيحكمه... والواقع انه لا يكثر الحديث بصورة عامة! باختصار يمكن ان يقال ان جوزيف كابيلا، لا يشبه اباه، رغم اختياره خلفا له كرئيس لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وعما اذا كان ذلك سيجعله افضل او اسوأ من ابيه، فمسألة يحددها المستقبل وحده.

وتم تنصيب الابن الاكبر للرئيس القتيل لوران كابيلا، من بين ابنائه العشرة امس. واعتلى إثر ذلك، عرش دولة بمساحة اوروبا الغربية، ولكنها مثخنة بأشكال من التمزق والشتات والحروب بحيث لا تفوقها في ذلك بقعة اخرى من هذا الكوكب.

ولد جوزيف كابيلا في سنوات المنفى بشرق افريقيا عام 1968، في رواية، وعام 1972 في رواية اخرى. ولكنه قضى اغلب حياته خارج الكونغو. وتلقى تعليمه الاساسي والثانوي بتنزانيا، اما تدريبه العسكري فتلقاه برواندا عام 1995، وبدأ الدراسة الجامعية بأوغندا، ولكن سرعان ما استدعاه والده للمشاركة في الحرب ضد ديكتاتور البلاد السابق موبوتو سيسيكو.

وأرسله والده بعد سقوط موبوتو، الى الصين للحصول على مزيد من التدريب العسكري. وعاد بعد ثلاثة اشهر فقط، ليعين بدرجة لواء بالقوات المسلحة. ومنذ عام 1997 صار قائدا عاما للجيش.

يقول الجنرال يافه ناويج «كان دائما رجلا عسكريا وما يزال، هذا الرئيس الجديد رجل نظامي وعملي... انه قليل الكلام... ولكن الرجال العظماء هكذا دائما... وهو مقبول من اوساط القوات المسلحة، وانا واثق من انه سيكون حاكما جيدا».

وعندما سئل الجنرال، هل سيكون الرئيس الجديد مقبولا لدى الشعب، قال والدهشة تعلو محياه: «طبعا سيكون مقبولا»! ويتحدث كابيلا (الابن) الانجليزية والسواحيلية بطلاقة، ولكنه لا يحب السواحيلية، حسب شهادة عمه جوفينال نوبليس، والذي يقول ايضا انه لا يتحدث اللنغالا، اللغة القبلية التي يتحدثها اغلب الكونغوليين، ويضيف: «كان يتحدث مع والده بالانجليزية حتى عندما لا يكون هناك غرباء».

الصديق الاقرب لدى كابيلا (الابن) هو رجل اعمال تنزاني يسمى «جيمي». ويقول عنه صديق آخر عرفه لأربع سنوات: «هو شاب خجول... نحن لا نخرج معا... فهو مشغول دائما. وفي اوقات فراغه غالبا ما يلزم منزله يشاهد مباريات البيسبول، او يستمع الى BBC ، او يصلح دراجته النارية. ولكن عندما يأتي جيمي فانهما يقضيان وقتا سعيدا ويضحكان كثيرا». ظل جوزيف كابيلا يعيش في فيلا متواضعة في مجمَّع عسكري، ولكنه سينتقل بالطبع الى احد القصور الرئاسية. وهو ليس متزوجا. ولكنه يعيش مع صديقته، وهي فتاة جذابة تسمى «اولييف» من «قومي»، ويقال انه التقى بها عندما جاءت بصحبة خالتها للاحتجاج على مصادرة الجيش لمنزلهم! ولهما طفلة عمرها عام واحد وتسمى جوزفين. ولكابيلا (الابن) اخت توأم تسمى «جين» تدرس الصحافة بالولايات المتحدة، واخ غير شقيق اسمه سيدي. وثمة اشاعة بأن امهم من قبيلة التوتسي الرواندية. وتعيش امهم السيدة سيفا مانيا ـ وهي احدى زوجات كابيلا الثلاث ـ بقصر الرخام حتى اليوم. هذه الاشاعات يمكن ان تكون ضارة جدا. ولذلك تنفيها الحكومة بشدة وتقول ان والدة كابيلا من قبيلة بانجو ـ بانجو.

ومع ان جوزيف لم يظهر كثيرا بعد موت والده، الا انه التقى بممثلين لمختلف الفئات الاجتماعية والتجارية والدينية، فضلا عن ممثلي البعثات الدبلوماسية. ولم يبق امامه الا ان يخاطب الامة عبر الاذاعة والتلفزيون.

من الجانب الآخر، لا يعرف الشعب ماذا ينتظره. ويقول احد المواطنين الذين شاركوا في تشييع جنازة والده: «نحن لا نعرفه مطلقا، وهذا لا يعني اننا نعاديه، ولكن علينا ان ننتظر لنرى».

ولكن البعض يجهر بالمعارضة للرئيس الجديد. وهؤلاء يقولون ان الكونغو ليست «ملكية» يتوارثها الابناء عن الآباء.

ومع ان هذا صحيح بوجه عام، الا ان البلاد حكمها على الدوام رجال اقوياء، على رأسهم الملك ليوبولد الثاني الذي حوَّلها الى ضيعة شخصية له، وأدت اساليبه الوحشية الى قتل 10 ملايين مواطن في بعض الروايات. ثم حكمها موبوتو لمدة 32 عاما، وكان مثالا للقمع والعنف والوحشية والنساء، وجاء كابيلا الذي لم يقل عنه الا في قصر فترته.

اعضاء الحكومة اظهروا وحدة متماسكة. واختاروا رجلا يعتقدون انه سيكون مقبولا من الجميع، على الاقل حاليا. ويقول وزير العدل مويينزي كونغولو: «لا يمكن ان تواجه اغتيال الرئيس صباحا، ثم تجري الانتخابات بعد الظهيرة».

يحظى كابيلا (الابن) باحترام الجيش، ويقال ان الضغوط العسكرية هي التي نصبته رئيسا. وقال احدهم: «في هذه البلاد، الجيش وحده هو الذي يقرر».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتورز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»