كوشتونيتسا لديل بونتي: محكمة لاهاي تغلب السياسة على القانون

TT

سلم الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا قائمة شكاوى بشأن محكمة جرائم الحرب التابعة للامم المتحدة لكبيرة المدعين في المحكمة امس مع بداية زيارتها للبلاد التي تهدف لبدء عصر جديد من التعاون بين الجانبين. وجعلت الانتقادات الحادة التي ابداها كوشتونيتسا من المستحيل تقريبا اقدامه على تسليم سلفه الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش المتهم بارتكاب جرائم حرب في كوسوفا للمحكمة في لاهاي وهو ما طالبت به المدعية كارلا ديل بونتي. وقال مكتب الرئيس اليوغوسلافي: «ان الرئيس الذي يرفض تسييس عمل المحكمة انتقد اصدارها لاتهامات سرية، فضلا عن ان معظم المتهمين من الصرب وحذر من ان ذلك قد يعطي انطباعا بارتكابهم ذنبا جماعيا». وعبر موقف كوشتونيتسا عن رفض اغلبية مواطني جمهورية الصرب للتصور الراسخ لدى الغرب بان ميلوشيفيتش والقوات الصربية تتحمل الجزء الاكبر من اللوم بشأن المذابح التي جرت في البلقان على مدى عقد كامل، والتي مزقت يوغوسلافيا السابقة الى جمهوريات منفصلة خلال التسعينات. ورفضت ديل بونتي الكشف عن تفاصيل محادثاتها مع الرئيس اليوغوسلافي. وقال شهود عيان انها غادرت غاضبة مبني القصر الاتحادي في بلغراد على عجل، بعد انتهاء محادثاتها دون الادلاء بأي بيان للصحافيين، والذي كان مكتب كوشتونيتسا قد اعلن عنه في وقت سابق.

وقالت متحدثة باسمها انها لن تصدر اي بيانات وستنتظر لحين انتهاء الزيارة التي تستغرق ثلاثة ايام، والتي استهدفت بدء عصر جديد من التعاون بين بلغراد والمحكمة، بعد ان كان هذا التعاون متوقفا اثناء حكم ميلوشيفيتش. ورغم ان قصر الرئاسة اليوغوسلافية حاول التكتم على مجرى المحادثات، الا ان المعلومات التي تسربت تؤكد اختلاف وجهات النظر بين موقف المحكمة الدولية من جهة والرئيس اليوغوسلافي المتخصص بالقانون الدولي من جهة اخرى. وقال مصدر مقرب من قصر الرئاسة لـ«الشرق الأوسط» ان الرئيس كوشتونيتسا رفض قبول طلب ديل بونتي بالقبض على ميلوشيفيتش وأربعة من مساعديه السابقين بما فيهم الرئيس الصربي الحالي ميلان ميلوتينوفيتش وتسليمهم للمحاكمة في لاهاي. واتهم كوشتونيتسا المحكمة بأنها تغلب السياسة على القانون.

ورغم نفي ديل بونتي لاتهامات كوشتونيتسا الا انه رفض التنازل عن موقفه، واعتبر ان تسليم اي مواطن يوغوسلافي للمحاكمة خارج يوغوسلافيا مخالف للدستور اليوغوسلافي ويعاقب عليها الفاعل.

وهذا الموقف الذي اغضب ديل بونتي منعها من تسليم لوائح الاتهامات السرية للرئيس اليوغوسلافي كما ذكرت فلورانس هارتمان الناطقة باسم المحكمة الدولية. لكن كلاً من وزير العدل ممشيلو جروباتش ووزير الخارجية جوران سفيلانوفيتش، اعربا عن استعداد بلغراد للتعاون التام مع المحكمة الدولية الخاصة بجرائم الحرب في مناطق يوغوسلافيا السابقة، وقبول فتح مقر للمحكمة في بلغراد لتسهيل التعاون بين الطرفين.

وهذه المواقف المتناقضة بين الرئيس اليوغوسلافي والحكومة الاتحادية تعكس مدى الهوة التي بدأت تظهر بين صفوف تحالف المعارضة الصربية التي فازت في الانتخابات الاتحادية والصربية. ويرى المراقبون ان زيارة ديل بونتي لبلغراد تعتبر اول امتحان للقيادة الصربية الجديدة التي اكدت قبل اسقاط ميلوشيفيتش استعدادها التام للتعاون مع المؤسسات الدولية.