اليمن : خاطف الطائرة ذهل بعد اكتشافه هروب الركاب فصرخ في وجه القبطان «أنا ميت.. ميت لكن سأفجر رأسك»

TT

قال قائد الطائرة البوينج 727 التابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية والتي تعرضت ظهر اول من امس لمحاولة اختطاف، الكابتن انيس عامر، ان الخاطف اصيب بالذهول وازدادت عصبيته لدى خروج ركاب الطائرة المخطوفة منها في مطار جيبوتي وصرخ قائلا له: «انا ميت.. ميت.... لكن سأفجر لك هذا الرأس».

ووصف الكابتن أنيس عامر ما اسماه بـ«خطتنا الاخرى» والتي قال انها «كانت قيد التنفيذ وفي اللحظة الحرجة» فقد هاجمه احد افراد الطاقم بطفاية الحريق وهي تقذف مياه باردة وينجم عنها ضغط قوي فيما هجم الآخر على يد الخاطف الممسكة بالمسدس فأطلق النار لكننا تمكنا من تجريده من السلاح وتسليمه لسلطات الأمن الجيبوتية.

وشرح الكابتن حالة الخاطف، وهو يمني يدعى محمد يحيى علي ستار، لحظة قيامه بعملية الاختطاف للطائرة التي كانت في رحلة داخلية من العاصمة صنعاء الى محافظة تعز وقال: «كان الخاطف في حالة عصبية يلقي الأوامر ولا يريد سماع اي رد وكان ممسكا بمسدس يسمى «القلم المسدس»، ويتسع لرصاصة واخرى في فمه وثالثة في جيبه».

وروى قائد الطائرة لصحيفة «الثورة» اليومية الرسمية التي تصدر في صنعاء قصة عملية الاختطاف والتي نشرتها بعددها امس، وأشار الى انه بعد اقلاع الطائرة من مطار صنعاء متوجهة على خط الرحلة الداخلية صنعاء ـ تعز اقتحم احد الركاب غرفة القيادة معطيا الأوامر لطاقمها بتغيير خطها الداخلي والتوجه الى بغداد ـ مطار صدام الدولي.

وأضاف: لقد كان من الصعب التفاهم مع شخص لا يجيد الا بضع جُمل يرسم في احداها خط الرحلة وفي الثانية ماذا سيعمله لو لم تنفذ اوامره بدقة فيما الطائرة ليس فيها من الوقود الا ما يكفي لخط الرحلة او يزيد قليلا.

وأردف الكابتن انيس عامر: الامر سيان بين الموت برصاصته (الخاطف) او سقوط الطائرة اثر نفاد الوقود.. ولو تجاوز الطاقم عقبة الحاجز وأفلح في الحديث معه فربما صار بمقدوره السيطرة على الخاطف.

وسرد الكابتن أنيس كيفية تمكنه من فتح الحديث مع الخاطف وقال: «اخذت اصف له مدى تعاطفي مع قضية الشعب العراقي الذي يعاني جور الحصار المفروض عليه ورغبتي في التوجه الى بغداد بل وعزمي على تنفيذ هذا الامر معه».

وكانت تلك المفاتحة للحديث مع الخاطف وابداء الطيار للتعاطف معه ومع الشعب العراقي والتأكيد له بالعزم على تنفيذ الامر بالتوجه الى بغداد، عاملا اساسيا في تبديد الطيار لجزء من الحاجز النفسي بينه وبين الخاطف، كما شكلت مدخلا لاقناعه بضرورة التزود بالوقود رغم ما يتطلبه ذلك من جهد للحصول على موافقته.

وهنا بدأ الحديث بين الطيار والخاطف يعطي اولى وأهم ثماره بالموافقة على تزود الطائرة بالوقود لمواصلة الرحلة. وقال الكابتن أنيس: «اشترط عدم الهبوط بأي من المطارات اليمنية والتوجه الى مطار حدده هو بدقة، لكن هذا المطلب الاخير لم يلب وكانت الطائرة تتجه نحو جيبوتي».

ويروي الكابتن حالة الخاطف وقتها فيقول «لم يغير الحديث شيئاً من لهجته او تحفزه الدائم لاطلاق الرصاصة. فطوال الرحلة ظل واقفا امام كبينة القيادة وقلمه المسدس مصوب الى رأسي».

ويستعيد الكابتن أنيس عامر اللحظات ليشرح حصاد ما زرعه الحديث بينه وبين الخاطف قائلاً: «على ان الحديث لم يبدد فقط جزءاً من الحاجز النفسي ويقنع الخاطف بضرورة التزود بالوقود، ولكن كان له فائدة اكبر في انقاذ 91 راكباً على متن الطائرة معظمهم من النساء والاطفال لاحت له (الكابتن) ثغرة يمكن من خلالها انقاذهم.

وكانت معرفة الكابتن ومن خلال الحديث مع الخاطف لبعض الوقت بجهله باللغة الانجليزية نقطة الضعف ربما القاتلة بالنسبة للخاطف والتي اتقن الكابتن استغلالها ايما استغلال. اما كيف فانه يروي ذلك بالقول: «تحدثت مع فريق الضيافة واعطيت التعليمات بالانجليزية عبر نظام اتصال خاص لاجلاء الركاب من الباب الخلفي وأبواب الطوارئ بمجرد وقوف الطائرة، وتحدثت بنفس اللغة مع الطاقم المكون من مساعد الطيار ومهندسين».

نقطة الضعف القاتلة تلك في الخاطف كانت هي «القشة التي قصمت ظهر البعير» حسب المثل العربي، وهنا يصف الكابتن ادق اللحظات واحرجها، والمتمثلة بمجرد وقوف الطائرة في مطار جيبوتي قائلا: «وفي ظرف دقيقة او دقيقة ونصف كان جميع الركاب قد غادروا الطائرة.. حينها اصيب الخاطف بالذهول وازدادت عصبيته حتى خيل اليّ انه مقدم على تنفيذ تهديده لأنه خدع مرتين بالنزول في مطار جيبوتي وهو ما كان يرفضه وبخروج الركاب».

وهنا اذن بالفعل «قصم ظهر البعير» وكان انفجار صراخ الخاطف قائلا كما روى الكابتن: «أنا ميت.. ميت.... لكن سأفجر لك هذا الرأس» لكن عبارته هذه حملت نهاية مأساة ركاب الطائرة وطاقمها وكانت المسمار الاخير في نعش الخاطف، اذ نفذ اعضاء الطاقم خطتهم الهجومية التي اسفرت عن تجريده من السلاح وتسليمه لسلطات الامن الجيبوتية وأسدل الستار على قصة الاختطاف.