لوردات بريطانيا قلقون على مستقبلهم

TT

لندن ـ رويترز: في يوم ما، كان مجلس اللوردات البريطاني يحكم تقريبا بدون منازع، ضمن تركيبة طبقية تطورت على مدى قرون وامتدت الى عرش انجلترا القديمة. ولا يزال الخدم إلى اليوم الخدم يرددون عبارة «سيدي اللورد» كلما مر عليهم واحد من أعضاء هذا المجلس. لكن اللوردات لم يعودوا يحظون بنفس القدر من التبجيل خارج الغرف المنمقة لمجلس اللوردات في البرلمان البريطاني.

وينظر اليهم معظم البريطانيين كأناس خاملين متبلدين يتشبثون بأذيال عصر مضى. وقال فرانك فيلد الوزير العمالي السابق إن مجلس اللوردات يمثل «نموذجاً لكيفية رعاية المسنين».

وانطلاقا من نظرته الخاصة اليهم، أبعد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عام 1999 المئات من اعضاء هذا المجلس الذين يدخلونه عن طريق الوراثة، لكنه أبقى عليه كمجلس معين، وعين هو شخصياً 30 في المائة من اعضائه الحاليين. ويتردد حالياً أن بلير يفكر في إجراء مزيد من الاصلاحات في مجلس اللوردات كجزء من حملته للانتخابات العامة المزمع إجراؤها في الربيع القادم. وكان المعلق المخضرم هوجو يانغ قد أكد الشهر الماضي أن أعضاء حزب العمال يدرسون المزيد من تقليص سلطات مجلس اللوردات. وأفادت صحيفة «التايمز» أن بلير قد يدفع اللوردات الأكبر سنا (بعضهم يعيش عقده التاسع) حتى يتنحوا بأنفسهم.

وقد أدت مثل هذه التقارير إلى استشاطة اللوردات غضباً، فصرح اللورد ستراثكليد زعيم المحافظين المعارضين في المجلس بأن «هذا قتل رحيم»، قبل ان ينفي حزب العمال صحة هذا التقرير. وتقدم اللورد دونالدسون، وهو واحد من اشهر قضاة بريطانيا المتقاعدين، بمشروع قانون الاسبوع الماضي في محاولة لمنع مجلس العموم الذي يتمتع فيه بلير بأغلبية كبيرة من تغيير سلطات مجلس اللوردات من جانب واحد. وقال دونالدسون لهيئة الاذاعة البريطانية «اذا كان ذلك ممكنا بأي حال، فيجب أن يكون بموافقة جميع المعنيين».

وهذا الإجراء يتعارض مع قانون برلماني أقر أوائل القرن الماضي وفقد بموجبه اللوردات حقهم المباشر في منع اي قانون يصدره مجلس العموم. ويستطيعون الآن فقط تعطيل هذا القانون، وهم يستخدمون هذه الصلاحية بفعالية شديدة. فخلال العام المنصرم استطاع اللوردات منع صدور قانون يقيد المحاكمة بنظام المحلفين وتعديل مقترحات عمالية اخرى كثيرة. واجمالا نجحوا في التغلب على الحكومة 36 مرة. وحدث هذا رغم ان بلير عين 206 اعضاء في هذا المجلس.

وقد أدخل بلير، وبسرعة، أكثر من أي رئيس وزراء سابق، أعضاء إلى مجلس اللوردات، مما دفع ستراثكليد الى أن يعلق على الأمر ويصفه بشكل مهين بقوله «إنه ملك غير متوج»، في إشارة إلى توني بلير.

وقالت مارجريت بيكيت زعيمة حزب العمال في مجلس العموم انه لن يقدم شيء لهذه الدورة البرلمانية. وتستمر الدورة بشكل عادي حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن هذه الدورة ستنتهي مبكرا بسبب الانتخابات المتوقعة. ودعا ستراثكليد الى انشاء لجنة برلمانية مشتركة من المجلسين (النواب واللوردات) لمناقشة المزيد من الاصلاحات. لكن بيكيت العمالية قالت إنه لا يحق لستراثكليد أن يندهش في حال لجأت حكومة العمال إلى قانون البرلمان، وقالت «اذا اصروا على التصرف، مع أن القواعد تغيرت، فإنهم يدفعوننا للرد». وتبدو كل خيارات الإصلاح معتبرة سوى خيار واحد يتعلق بإيجاد مجلس لوردات منتخب بالكامل. وفي هذا الصدد دعا عضو البرلمان العمالي، توني بن، رئيس الوزراء بلير إلى تقديم «مبرر جيد واحد» لعدم إصلاح مجلس اللوردات وجعله منتخباً عن طريق الاقتراع المباشر. فرد عليه بلير بصراحة قائلاً إنه لا يريد لهذا المجلس ان يتنافس مع مجلس العموم.