القضاء الاسكوتلندي يدين المقرحي ويبرئ فحيمة من تهمة «القتل» بالإجماع

القضاة الثلاثة حكموا على «المتهم الأول» بالسجن 20 عاما على الأقل

TT

برأ قضاة محكمة لوكربي الثلاثة امس الليبي الامين خليفة فحيمة من تهمة المشاركة في تفجير طائرة الـ«بان آم» الاميركية فوق لوكربي باسكوتلندا عام 1988 وقتل 270 شخصا من ركابها وسكان البلدة الاسكوتلندية، لكنهم ادانوا مواطنه عبد الباسط المقرحي في القضية. وأنزل القضاة بحق المقرحي عقوبة السجن المؤبد. وأجاب رئيس المحكمة اللورد رونالد سذرلاند عندما سأله كاتب المحكمة عما اذا كان القضاة الثلاثة قد توصلوا الى حكمهم في التهم الموجهة للمقرحي (المتهم الاول): نعم. ثم سأله عما اذا كان الحكم بالاجماع ام بالاغلبية فرد القاضي «بالاجماع». ثم سأل كاتب المحكمة رئيس المحكمة عن الحكم بحق فحيمة فرد «البراءة» وعن السؤال بشأن «الاجماع» او «الاغلبية» رد القاضي: «بالاجماع».

وساد صمت مطبق قاعة المحكمة التي غصت بالجمهور من اقارب الليبيين (نحو 20 شخصا) والضحايا (نحو 60 شخصا) والصحافيين. وعندما نطق اللورد سذرلاند بالحكم بدا المقرحي وفحيمة جامدين ولم تظهر على ملامحهما اية انفعالات. وبعد 10 دقائق من هذا الصمت قال القاضي سذرلاند لفحيمة «انت حر طليق ولك ان تغادر قاعة المحكمة». عندها التفت فحيمة للمقرحي وصافحه ثم غادر القاعة ليطلب محاميه ريتشارد كين بعد ذلك من المحكمة السماح له بمغادرة القاعة.

وطلب الادعاء انزال العقوبة الالزامية المنصوص عليها في القانون الاسكوتلندي لـ«جريمة القتل» وهي السجن المؤبد. عندها سأل القاضي محامي المقرحي، بيل تيلور، عما اذا كان لديه ما يقدمه من مبررات لتخفيف الحكم، فرد تيلور قائلا ان موكله مصر على براءته من التهمة وانه سينتظر صدور نص الحكم (الوثيقة) ليعلق. والمؤكد ان تيلور سيستأنف ضد الحكم ويتعين عليه الاستئناف خلال اسبوعين. السفير الليبي لدى هولندا والاتحاد الاوروبي الدكتور حامد الحضيري، اعرب عن استغرابه الشديد للحكم. وقال في تصريح مقتضب «كيف يمكن ان تبرئ المحكمة فحيمة والادعاء يزعم انه لولاه لما استطاع المقرحي تنفيذ العملية المزعومة.. نحن على قناعة تامة ببراءة كليهما».

وقالت استاذة القانون في جامعة جلاسجو كلير كونولي انها لم تفاجأ بالحكم. وأضافت «كانت هناك ادلة كثيرة وان كانت ظرفية ضد المقرحي والقليل ضد فحيمة». وردا على سؤال بشأن مزاعم الادعاء بانه «لولا فحيمة لما استطاع المقرحي ادخال القنبلة الى مالطا»، اجابت كونولي «اما ان القضاة قرروا ان الادلة ضد فحيمة كانت مشوبة بشكوك يمكن رفضها او انهم خلصوا الى انه ساعد المقرحي ولكن من دون دراية مسبقة بأهداف الخطة».

وتباينت ردود فعل المراقبين حيال الحكم. ورأى بعضهم وراءه «حسابات سياسية» مستندين في ذلك الى «التناقض الصارخ» بين الحكم بالاجماع بادانة المقرحي بجريمة القتل وبين الحكم بالاجماع ببراءة فحيمة الذي زعم الادعاء انه رافق المقرحي عشية الكارثة من طرابلس الى مالطا و«ساعده» في ادخال الحقيبة الملغومة الى المطار ومن ثم وضعها ضمن امتعة الطائرة المنكوبة.

واللافت في حيثيات الحكم الذي يقع في 82 صفحة ان القضاة لم يقبلوا من اقوال الشاهد والمنشق الليبي عبد المجيد جعاكة سوى ما يتعلق بوصفه لهيكل هيئة امن الجماهيرية الذي يقول الادعاء ان المقرحي كان يعمل فيها. وبالنسبة للشاهدين الرئيسيين الآخرين وهما رجل الاعمال السويسري ادوين بوليير وصاحب المتجر المالطي انتوني غوتشين فان القضاة خلصوا الى ان الاول رغم ما اثير حول اقواله من شكوك تضمنت افادته العديد من الجوانب المقنعة لا سيما ما يتعلق باتصالاته وتعاملاته مع المقرحي، خصوصا حول موقتات لتفجير القنابل زودت شركته «ميبو» ليبيا بها. وبالنسبة لغوتشين فان القضاة خلصوا الى انه باع الملابس التي عثر على بقاياها ضمن بقايا الحقيبة الملغومة الى المقرحي لكنهم سجلوا في حيثيات الحكم ان تعرفه على «المتهم الاول» لم يكن حاسما.