صحيفة سودانية تعود للصدور في الخرطوم بعد 8 سنوات من الاغتراب في القاهرة

TT

صدر أمس في القاهرة اخر عدد من صحيفة «الخرطوم» السودانية يصدر من العاصمة المصرية بعد هجرة اليها فرضتها ظروف سياسية دامت ثمانية أعوام ظلت «الخرطوم» المستقلة خلالها محسوبة على المعارضة السودانية، مما أدى إلى اتخاذ السلطات السودانية قراراً بايقاف توزيعها في السودان بعد شهر من صدورها في القاهرة ثم أعقبته بقرار آخر في سبتمبر (ايلول) 1994 باغلاق مكتبها في الخرطوم بعد مداهمته من السلطات الأمنية بعد اتهام مراسلي المكتب بتعمد الاهتمام بأخبار المعارضة الداخلية. وبانتهاء تلك الظروف قررت صحيفة «الخرطوم» العودة للسودان والصدور من الخرطوم بعد أسبوعين لتصدر أول أعدادها من العاصمة السودانية يوم 17 فبراير (شباط) المقبل. وكانت الصحيفة التي تأسست عام 1988 في السودان تواصل صدورها حتى انقلاب 30 يونيو (حزيران) 1989 وأوقفت بعدها بقرار جمهوري قضى بالغاء تراخيص كل الصحف الحزبية والمستقلة التي كانت تصدر في السودان واكتفت باصدار صحيفتين تابعتين للحكم. ولما رأت ادارة الصحيفة بأنه لا مجال للصدور من الخرطوم لعدم صدور قرار يسمح بذلك قررت الادارة الهجرة واصدار الصحيفة من القاهرة وأصدرت أول عدد لها من القاهرة في 17 ابريل (نيسان) 1993 وظلت توزع في القاهرة والخرطوم وبعد شهر واحد من صدورها في القاهرة أوقفت السلطات السودانية توزيعها في الخرطوم باعتبارها محسوبة على المعارضة السودانية التي كانت تتمركز في القاهرة وتبنت «الخرطوم» خطها كاملاً. وفي سبتمبر (ايلول) 1994 أغلق مكتبها في الخرطوم. لذات السبب. وبعدها بدأت صحيفة «الخرطوم» الانتشار الحقيقي لها من القاهرة وأصبحت توزع في أغلب دول الخليج وأوروبا وأميركا.

وبعد صدور قانون يسمح للصحف المستقلة بالصدور من الخرطوم أجرت ادارة الصحيفة التي يرأس مجلس ادارتها الدكتور الباقر أحمد عبد الله ويرأس تحريرها فضل الله محمد تقييماً شاملاً للموقف ومدى امكانية العودة الى السودان، ولكن ادارة الصحيفة رأت أن القيود المفروضة على الصحف المستقلة كثيرة ولا تتوفر لها الحرية المطلوبة التي تسمح لـ«الخرطوم» بأداء رسالتها بالشكل الكامل التزاماً مع قرائها فقررت عدم العودة إلى السودان واستمرت في الصدور من القاهرة.

وفي الاونة الاخيرة، رأت ادارة الصحيفة أن هناك مساحة من الحرية المعقولة التي يمكن أن تسمح لها بالعودة إلى السودان والصدور من الخرطوم. وبعد اجراء دراسة للقرار تم الاتفاق على اصدارها من الخرطوم والبحرين في طبعتين متزامنتين في وقت واحد ابتداء من 17 فبراير المقبل.

وجاء في افتتاحية العدد الأخير الذي صدر أمس من القاهرة والتي يكتبها رئيس التحرير فضل الله محمد تحت اسم «استراحة محارب» بأنه «لا بد للمحارب من استراحة يلتقط فيها الأنفاس ويعيد رص الصفوف ويجدد العزم والايمان». وهذا شأن «الخرطوم» «بعد ثمانية أعوام في مجابهة الصعاب وخوض المعارك واعلان شعلة الحرية من خارج حدود الوطن. وتتوقف عن الصدور من الخارج لمدة أسبوعين لا أكثر وتعود بعدها للصدور مجدداً من قلب الخرطوم العاصمة متمسكة بخطها الوطني وملتزمة بشرفها المهني واستقلالها السياسي».

وجاءت كلمة صاحب الامتياز ورئيس مجلس ادارتها الدكتور الباقر أحمد عبد الله مؤكدة نفس المعنى، حيث قال في عموده آفاق جديدة «كان لا بد لنا أن نلتقي منذ فترة غير قصيرة حتى نتوج كل هذا بالقرار الذي أدى إلى الانتقال إلى موقع الحدث بين أهلنا لنبدأ بمشيئة الله عهداً جديداً لنبدأ من السودان الوطن مثلما ظل دوماً في حدقات عيوننا نقاتل من أجله ونعادي في سبيله دون تردد حتى يتحقق بهذا الخير الذي تدفع بها هذه الصحيفة أو يكون لنا شرف الموقف الصلب الملتزم إلى جانب الوطن».