عودة 23 مصريا على طائرة خاصة من العراق بعد توسط نائب للإفراج عنهم وتكفله بمصروفات عودتهم وحل مشاكل ديونهم

TT

عاد الى القاهرة صباح امس 23 مواطنا مصريا قادمين من بغداد على متن طائرة خاصة بعد ان امضوا بالعراق فترات وصلت الى 20 سنة لبعضهم ولم يتمكنوا خلالها من العودة بسبب ظروفهم المعيشية المالية والاجتماعية القاسية.

وكان عماد سعيد الجلده عضو البرلمان المصري قد اجرى اتصالات وبذل جهودا مكثفة مع الجهات المختصة بالسلطات العراقية ومكتب رعاية المصالح المصرية ببغداد من اجل ترتيب وتنظيم عودة هؤلاء المواطنين المصريين مع تحمله نفقات اعادتهم الى اسرهم بمصر.

وبذل مكتب رعاية المصالح المصرية ببغداد جهودا مكثفة مع السلطات العراقية من اجل تذليل جميع العقبات التي تسهل عودتهم الى ذويهم في مصر، خاصة ان البعض منهم قد فقدوا جوازات السفر الخاصة بهم .

وصرح عضو مجلس الشعب الذي رافق المواطنين المصريين في رحلة عودتهم الى القاهرة بأن عودة هذه المجموعة تأتي ضمن جهود اعادة مجموعات اخرى تعاني بعض المشاكل في العراق ستعود تباعا وذلك من خلال التنسيق مع مكتب رعاية المصالح المصرية بالعراق.

ويقول عماد الجلده عضو البرلمان المصري والذي يعمل في مجال الاستيراد والتصدير في العراق طبقا لاتفاقية الامم المتحدة «النفط مقابل الغذاء» ان معظم مشاكل المصريين هناك تنحصر في عدم قدرتهم المادية على العودة أو منهم من لا يحمل أوراقا رسمية من جواز سفر أو وثيقة سفر بعد ان فقدها في حرب الخليج، وفي مثل هذه الاحوال قمنا باستخراج وثائق سفر لمن فقد جواز سفره ووجدنا كل التسهيلات من السلطات العراقية والمصرية هناك، اما البعض من المصريين والذي يبلغ عددهم من 15 الفا الى 200 الف مصر فكثير منهم استقر وتزوج وانجب واقامته هناك دائمة يصعب عليه العودة.

ويشير عماد الجلده الى ان هناك البعض من المصريين عجزوا عن العودة لتمضية بعضهم عقوبة بالسجن لارتكابهم جرائم مدنية وليست لهم قضايا سياسية كما يعتقد البعض ورغم هذا فهناك مناقشات حول هؤلاء المصريين للافراج عنهم بعفو من الرئيس العراقي صدام حسين وهذا ما حدث مع بعض المصريين الذين عادوا.

والتقت «الشرق الأوسط» مع احد العائدين وهو جودة فوزي محمد مواليد عام 1970 ويقيم بمحلة فرناوة ـ شبراخيت ـ والذي يقول: انني غادرت مصر عام 1989 لأعمل فلاحا في بغداد ومنذ هذا الحين لم استطع العودة الى مصر رغم محاولاتي المتكررة الا انني في كل مرة احاول فيها دخول مصر عبر الحدود الاردنية يقولون ان هناك تعليمات صادرة بمنعي من العبور.

وفي حالة من الحزن والبكاء يقول: انني خلال تلك السنوات فقدت والديّ وشقيقي الذين ماتوا قبل ان يشاهدوني رغم ان امل والدي دائما كان القاء نظرة علي قبل وفاته. وشاء القدر ان مشكلتي تحل على يد النائب عماد الجلده وقيامه بسداد ديوني واستخراج وثيقة سفر لي بعد فقد جوازي لكن بعد فراق الاحباب. واضاف جودة: انني بعد فقدي جواز سفري سجنت بالعراق لمدة 3 سنوات بعد تعرضي لبعض المشاكل ولكن تم الافراج عنا بعفو عام من الرئيس العراقي وعندما خرجنا من السجن وكان معي عدد من المصريين بدأنا في مزاولة مهام عملنا من جديد حتى تمكنا من استخراج وثيقة سفر وبدأت رحلة الامل من جديد.

قرار منع اما محمود عبد الرؤوف مبارك ـ 35 سنة ـ محافظة البحيرة فيقول انني كنت اعمل بمعمل موانع الرطوبة بالعراق وغادرت مصر عام 1987 وعجزت بعد حرب الخليج عن العودة الى البلاد نتيجة قرار صدر من السلطات العراقية بمنع سفر أي مصري نتيجة حدوث شجار هناك. ولكن بعد فترة تمكنت من رفع قرار المنع عني من السلطات وتمكنت من ايداع بعض الامانات في حوزتي لديهم وسمحت لي السلطات بالعودة مع مجموعة المصريين المصاحبين لعضو المجلس عماد الجلده. واضاف: انني سجنت هناك لمدة 15 يوما فقط نتيجة حدوث الشجار مع منعي من السفر. وانا سعيد بأنني سأرى اهلي واقاربي بعد طول غياب.

يقول محمد علي العسكري (46 سنة): انني رغم سعادتي الا انني اشعر بحزن شديد نظرا لانني فقدت تحويشة العمر وحاولت ان اجمع اموالا اخرى اعود بها الى القاهرة ولكن الظروف الاقتصادية التي يمر بها العراق حالت دون ذلك وكنت قد سافرت منذ عام 82 واجتهدت في العمل حتى اصبحت امتلك مطعما ومزرعة قبل الحرب وبعدها صارت المعيشة بالكاد وكنت املك قوتي يوما بيوم ولم اتخذ قرار العودة لبلدي فأنا لم اتزوج وليس عندي ابناء وكنت آمل ان ينتهي الحصار على العراق لأعود من جديد صاحب ثروة ولكن الوقت مضى والحال كما هو، فقررت ان اعود واعمل وسط اهلي في كفر السابي بشبراخيت موظفا بمجلس القرية «ورب هنا رب هناك».

اما جمال عزت يوسف من مواليد 52 محافظة البحيرة ويعمل نقاشا فقال انه كان دائم الاتصال بأهله في مصر في الفترة الاولى منذ سفره الى العراق ولما تعرضت العراق لحرب الخليج انقطع الاتصال وبدأت الظروف تتدهور بالنسبة له من كل النواحي بالاضافة الى انه فقد جواز سفره وانه لم يكن هناك من يساعده على استخراج جواز سفر بدل فاقد لانه لم يكن يعرف القراءة والكتابة بالاضافة الى عدم وجود مصاريف شخصية تساعد على استخراج جواز السفر. وقال: ان شقيقتي في مصر اتصلت بعماد السعيد الجلده عضو مجلس الشعب عن دائرتي شبراخيت بالبحيرة وابلغته بأنني في العراق وطلبت منه مساعدتي في العودة وعلى الفور قام بعمل الاتصال بي في العراق وابلغني بالعودة الى مصر.

يقول احمد عطية شحاته (33 سنة) من البحيرة: سافرت منذ اثني عشر عاما وكنت دائم الاتصال بالاسرة في مصر وعندما بدأت حرب الخليج كانت بداية المشاكل المالية والاجتماعية وتعثر وصول التحويلات من العراق الى الاسرة بمصر وظللت طوال هذه المدة في انتظار تحسن الظروف المالية حتى اعود الى اسرتي في مصر.

ويقول عائد اخر يدعى جودة فوزي محمد (30 سنة) من البحيرة: سافرت الى العراق عام 88 للبحث عن فرصة عمل وبعد ان نجحت في ذلك الا ان بعد حرب الخليج تعرض العراق لظروف صعبة عام 92 اثرت على كل نواحي الحياة وظللت ابحث عن فرصة عمل اخرى وكنت اجد فرصا بسيطة لا تكفي لتوفير نفقات الحياة وتوجهت الى الاردن بحثاً عن العمل قبل خمسة اشهر الا ان السلطات الاردنية لم تسمح لي بالوصول وعدت الى بغداد في انتظار الفرصة للعودة الى مصر.

ويقول احمد محمد احمد (20 سنة) انه من مواليد العراق ويعيش مع ابويه المصريين ويعمل بأحد المطاعم ويعاني من ضمور في النمو لم يجد العلاج المناسب بالعراق بسبب ظروف الحصار وظل منذ خمس سنوات ينتظر فرصة العودة الى مصر للعلاج الا ان الظروف المالية لاسرته بالعراق حالت دون عودته الى ان تم تنظيم هذه الرحلة.

ويقول محمد حمد محمد ـ 38 سنة من الفيوم ـ سافرت عام 87 الى العراق ونجحت في البداية في استئجار محل لبيع منتجات الالبان ورغم المكاسب التي حققتها خلال هذه الفترة الا ان المكاسب التي بلغت مليوني دينار عراقي ظلت حبيسة لدى صاحب العمل ولم اتمكن من استردادها وطلب مني صاحب العمل توفير البديل لكي يعمل معه وبعد توفير البديل ماطل في سداد مستحقاتي مما ادى الى اصابتي بجلطة اثرت على حركتي بشكل كامل اضطررت بعدها لاستخدام كرسي متحرك وانتظرت فرصة العودة الى مصر.