أحد مساندي الرئيس بوتفليقة يعلن تمرده على سياسته

TT

وصف حزب الاغلبية البرلمانية في الجزائر دعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى ترقية الوئام المدني الى وئام وطني بالغامضة والخالية من كل حجة، ودعا مناضليه الى عدم الاستجابة لهذه الدعوة وعدم المشاركة في المهرجانات الشعبية التي تنظمها تنسيقية لجان مساندة الرئيس عبر مختلف مناطق البلد.

وأكد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي احمد اويحيى، في رسالة خاصة وجهها الى مسؤولي الحزب في الولايات، ان «الخطاب الذي ينشد الى وئام وطني» يعتبر «خطابا خطيرا بغموضه وباطلا في حجته»، لان ذلك من شأنه ان «يترك الصورة ان الشعب الجزائري الذي اخرج من صفوفه الخونة والمرتزقة، هو شعب في حاجة الى تأسيس روح او جو الوئام في كيانه. والكل يتفق على ان هذه الأطروحة باطلة، اللهم الا اذا كنا نلتحق بذلك الطرح الدنيء الذي يصف كفاح الشعب الجزائري ضد الارهاب بحرب أهلية».

كما رفض اويحيى، الذي يشغل منصب وزير العدل في الحكومة الحالية، انتقاد بوتفليقة، في آخر تصريح له، احزاب الائتلاف الحكومي على اهتمامها بتحقيق المكاسب والمناصب بدل الاهتمام بالمصلحة الوطنية. واوضح اويحيى، بالمناسبة، ان دعوة رئيس الدولة احزاب الائتلاف الى الوئام بينها لا معنى لها، وذكر ان هذه الاحزاب السبعة لم تتقارب في ما بينها الا من اجل المصلحة الوطنية، كما ان «هذه الاحزاب المعنية لم ولن تتخلى، من خلال التقارب او الائتلاف، عن برامجها الذاتية، خاصة ان تلك البرامج تتباين في نقاط عديدة وحتى في بعض الاحيان في مفاهيم جوهرية»، في اشارة الى احزاب التوجه الديمقراطي العلماني من جهة، والاحزاب الأصولية من جهة اخرى، والتي التقت كلها من اجل مساندة الرئيس بوتفليقة.

ولمحت رسالة اويحيى، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، الى التنازلات التي قدمها التجمع الوطني الديمقراطي للرئيس بوتفليقة «عما قد يعتبر حقا من حقوق حزبنا»، مثل سكوته عن تجريده من منصب رئيس الحكومة، وهو المنصب الذي يعود الى التجمع على اعتبار انه هو الذي يحوز الأغلبية في غرفتي البرلمان وفي المجالس البلدية، وقد اشترط التجمع في البداية ان يختار بوتفليقة رئيسا للحكومة من خارج الاحزاب وكان تعيين رئيس الحكومة السابق احمد بن بيتور، لكن مباشرة بعد استقالة هذا الاخير، في يوليو (تموز) الماضي، فضل الرئيس استخلافه بعلي بن فليس الموجود في قيادة حزب جبهة التحرير الوطني، الحزب المنافس للتجمع الوطني الديمقراطي. كما اشارت بعض المصادر الى ان اويحيى اعطى توجيهات الى مناضلي الحزب في مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية الثانية) بالوقوف الى جانب رئيسه الحالي بشير بومعزة (شخصية مستقلة) ضد أية محاولة لتعويضه بأحد قياديي جبهة التحرير محمد الشريف مساعدية الذي اختاره بوتفليقة، اخيرا، من ضمن نصف الثلث الرئاسي. وهو ما جعل بومعزة يتمسك بمنصبه كرئيس للبرلمان بعد ان تلقى ضمانات من ان الأغلبية ستكون الى جانبه في الانتخابات.

وحذر وزير العدل من أية محاولة لتذويب الاحزاب ودفعها الى التخلي عن طروحاتها السياسية، مشددا على ان «النتيجة الوخيمة لمثل هذا الاتجاه ستكون اخلاء الساحة السياسية الوطنية لصالح تلك التيارات او الجماعات التي تنشط سياسيا بغية خلق الفوضى او حتى انهيار الدولة الجزائرية».

ودعا اويحيى ايضا الى التوجه الى مواصلة «تجنيد جميع الجزائريين والجزائريات الى الصمود واليقظة» لمواجهة الجماعات المسلحة، التي لا تزال تزرع الرعب في اوساط المدنيين. مقابل ذلك شن اويحيى هجوما واسعا ضد المهرجانات التي ينقلها التلفزيون الحكومي ووسائل الاعلام العمومية الاخرى، معتبرا ما تقوم به مجرد «عمليات تهريجية، كون روزنامة الوئام قد انتهت»، اضافة الى ان هذه المبادرة «تؤدي، مع الأسف، الى انشقاق مكلف في أوساط مجتمعنا الذي يعاني بدون أي تمييز كان من عدوان الارهاب الوحشي». يذكر ان الرئيس بوتفليقة كان قد لمح الى استعداده لايجاد قانون آخر للعفو عن الجماعات المسلحة، اذا قررت هذه الجماعات التخلي عن اعمال العنف.