إيران تحتفل بالذكرى الـ23 لثورتها وسط اتهامات

جناحي النظام بـ«الانحراف» عن تعاليم الخميني

TT

طهران ـ ق.ن.أ : احتفلت ايران امس بالذكرى الثالثة والعشرين لانتصار الثورة التي اسقطت نظام الشاه في الحادي عشر من فبراير (شباط) عام 1979 بمظاهرات الحشود البشرية المعروفة.

وانضم خمسة آلاف من قوات الباسيج (المتطوعين او المليشيا الاسلامية) الى قافلة من المقاتلين الثوريين تجمعوا جميعهم عند ضريح الخميني في مقبرة جنة الزهراء جنوب العاصمة بينما استعرض 500 من راكبي الدراجات البخارية الطريق المؤدية من مطار مهراباد الدولي وحتى مرقد الخميني في العاب يطلقون خلالها شعارات تعيد الى الذاكرة تلك الايام العشرة الممتدة منذ وصول الخميني من منفاه بباريس وحتى انهيار امبراطورية رضا شاه بهلوي والتي يسميها الايرانيون« عشرة الفجر».

وتقام خلال الايام العشرة كل عام احتفالات تضم مهرجانات دولية للسينما والمسرح والموسيقى وتنتهي بتظاهرة واسعة يشارك فيها في الغالب معظم الايرانيين، وتنظم ايضا مناورات استعراضية من قبل الحرس الثوري المكلف بحماية المطار و149 كتيبة من تسع محافظات تذكر بقدوم الخميني ونزوله من الطائرة ليتوجه بعدها مباشرة الى مقبرة جنة الزهراء ليعلن من هناك وبوجود حكومة رئيس الوزراء شاهبور بختيار «انا الذي اعين الحكومة واضرب بقبضتى فم الشاه» وليعين بالفعل حكومة مؤقتة، رأسها الراحل مهدي بازركان الزعيم السابق لحركة تحرير ايران المحظورة حاليا.

وكالعادة في كل عام يذهب رئيس الجمهورية وطاقم حكومته الى ضريح الخميني ويجددون العهد بمواصلة النهج، وهو ما فعله أول من امس الرئيس محمد خاتمي الذي اكد مجددا انه ماض على نهجه في الحفاظ على ارثه المتمثل في نظام «الجمهورية الاسلامية».

وقال خاتمي ان حركة الاصلاح التي اطلقها في انتخابات الرئاسة الماضية عام 1997 لا تعني ابدا التخلي عن المبادئ التي ارساها الخميني، مشددا على ان الهوية الدينية والحريات الفردية الاجتماعية لا يمكن فصلها ابدا في الحركة الاصلاحية.

ويواجه انصار الخميني وتلامذته هذه الايام، وخصوصا مع اقتراب موعد استحقاق الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) وضعا صعبا في تفسير نهج الخميني وخطه وهم يتبادلون الاتهامات حول الانحراف والردة عن نهجه، اذ يتهم المحافظون الاصلاحيين بانهم إما ان يكونوا قد انحرفوا بالضبط عن الخط الذي رسمه الخميني لنظام الجمهورية الاسلامية او بانهم يفتحون الطريق لاعدائها من الليبراليين ومعارضي نظام ولاية الفقيه بالعودة مجددا الى صدارة الاحداث كما كانوا في بدايات سقوط نظام الشاه.

وذكرت صحيفة «كيهان» اول من امس ان 150 نائبا في مجلس الشورى الذين وجهوا الاسبوع الماضي رسالة الى رئيس السلطة القضائية طالبوه باحترام الحريات ووقف الاعتقالات التعسفية استوحوا رسالتهم ومضمونها من بيان بهذا الخصوص صدر عن حركة «تحرير ايران» المحظورة.

وقد شنت السلطة القضائية في الايام الاخيرة حملة اعتقالات استهدفت صحافيين وناشطين سياسيين، ولم توفر اعضاء مجلس الشورى. وتستعد كما يبدو لاعتقال او محاكمة محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس وربما مدير مكتبه ايضا حجة الاسلام محمد علي ابطحي فث مسعى لاقصاء رموز الحركة الاصلاحية، وهو ما اشار له مدير عام وزارة الداخلية جواد قديمي الذي قال أول من امس ان استدعاء مساعد وزير الداخلية مصطفى تاج زاده للمحاكمة بذريعة ملفات الانتخابات التشريعية الماضية ولدوره في تحريض الاضطرابات في مدينة خرم اباد العام الماضي يهدف فقط الى اقصاء تاج زادة وباقي المؤثرين في استمرار الحركة الاصلاحية.

ومن المقرر ان يمثل تاج زادة امام اعضاء مجلس الشورى مع وزير الداخلية عبد الواحد موسوي لاري ورئيس هيئة التفتيش العليا لبحث ما يمكن تسميته بتجاوزات تاج زاده، بينما الانظار كلها متجهة الى الانتخابات الرئاسية المقرر ان يبدأ تسجيل المرشحين لها في ابريل (نيسان) المقبل، لكن المؤكد ان خاتمي سيرشح نفسه بينما المحافظون لا يزالون يفكرون بمرشح قوي وهم يستعدون كما يبدو الى مقاطعة تقديم اسماء لكي لا يواجه خاتمي مرشحا جديا، الامر الذي يؤثر سلبا على اقبال الناخبين على صناديق الاقتراع وهو ما يريدون التأكيد عليه ليقولوا ان شعبية خاتمي انحسرت.

والى جانب الصراع حول القيم في الداخل تبرز خشية المحافظين من تحول الجمهورية الى نظام علماني وهم يحذرون من «الاصلاحات على الطريقة الاميركية» التي يقولون انها تعبد الطريق لحريات غير منضبطة وردة عن القيم، فان الاصلاحيين الذين يرددون ان الثورة الاسلامية لم تسقط نظاما قمعيا لتقيم بدلا منه نظاما قمعيا اخر باسم الدين يروجون هذه الايام لفكرة تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بالرغم من قرارهم في مجلس الشورى، قبل ثلاثة أيام، باعادة العمل في الموازنة بعشرين مليون دولار لمواجهة ما يسمونه بالمؤامرات الاميركية. لكن ما يميز احتفالات هذا العام هو مشاركة اميركيين في سباق دولي بمناسبة عشرة الفجر يقام في مدينة مشهد الدينية المحافظة على الرغم من القطيعة الدبلوماسية التي بدأت عام 1980 على اثر احتجاز الطلبة الثوريين (الذين تحولوا الى خانة الاصلاح) رهائن في السفارة الاميركية في طهران.