باراك للناخبين الإسرائيليين: خلال عامين سأعيد الجنود من المناطق الفلسطينية

مؤيدون له يقتحمون حاسوب الجيش الإسرائيلي ويرسلون للجنود أوامر استدعاء للخدمة

TT

خرج رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود باراك، بحملة دعائية جديدة في معركته الانتخابية في مواجهة مرشح اليمين ارييل شارون، شبيهة بالحملة التي كان قد خاضها في الانتخابات السابقة ووعد فيها بسحب القوات الاسرائيلية من جنوب لبنان المحتل خلال سنة، فقد بدأ يركز حملته الجديدة على وعد جديد «باخراج ابنائنا (الجنود) من المناطق الفلسطينية في غضون سنتين أو ثلاث».

وجاءت هذه الحملة استنادا الى نجاح الحملة حول لبنان في انتخابات 1999، خصوصا ان باراك كان قد اوفى بوعده فعلاً وسحب قواته من لبنان حتى قبل ان تكتمل السنة. واختار هذه المقارنة ايضا، لكي يظهر ان ما يجري في المناطق الفلسطينية من صدامات ومواجهات، هو شكل من اشكال الحرب التي لن تتوقف الا اذا وقع على اتفاق سلام او جرى انسحاب من طرف واحد، كما حدث في لبنان. ومعروف ان باراك كان قد طرح خطة احادية الجانب، هي خطة الفصل العسكري والسياسي والاقتصادي جزئيا ما بين اسرائيل وفلسطين ـ «نحن هنا وهم هناك».

في المقابل، اقدم اربعة من الضباط في جيش الاحتياط الاسرائيلي من انصار باراك، على القيام بلعبة اعلامية ـ انتخابية مثيرة احدثت الهلع حينا والاعجاب حينا آخر لكنها كانت مثار حديث ونقاش جماهيري واسعين (وهذا هو الهدف منها)، اذ بعثوا برسائل شخصية الى 250 الف مواطن اسرائيلي، هي عبارة عن أوامر تجنيد وهمية لجيش الاحتياط، للدلالة على ان فوز ارييل شارون سيؤدي حتما الى الحرب.

واتضح ان الضباط الأربعة اقتحموا حاسوب الجيش الاسرائيلي وسحبوا منه الاسماء، بشكل غير قانوني. واستخدموا نفس مظاريف الرسائل المستخدمة في الجيش الاسرائيلي، ونفس الكلمات والاحرف والرموز، مما جعل بعض متلقي هذه الرسالة يعتقدون فعلا ان الحرب مقبلة وان عليهم الامتثال في معسكراتهم ووحداتهم العسكرية.

وجاء في الرسائل، التي ارسلت تحت عنوان «الأمر الثامن» (وهو رقم امر الاستدعاء العسكري في اسرائيل): «عليك ان تمتثل للخدمة العسكرية الاحتياطية ابتداء من تاريخ 7/2/2001 وحتى اجل غير مسمى في قاعدة جيش الدفاع الاسرائيلي القريبة من مكان اقامتك.

لا. ان هذا ليس الأمر الثامن بعد. ولكن قد يكون الأمر كذلك في القريب. انه سيكون الامر الثامن، اذا جلس في مكتب رئيس الحكومة ذلك الرجل الذي سبق ان ورط اسرائيل في العديد من الحروب ووقف في معارضة كل خطوة باتجاه السلام».

وأكد الضباط الأربعة انهم لم يكتبوا هذه الرسالة بمبادرة من طاقم باراك او بمعرفته. وانهم اقدموا عليها بمبادرتهم الشخصية، كونهم قلقين على مصير اسرائيل وحياة كل فرد فيها، من جراء خطر فوز شارون «فهذا الرجل هو الذي ورطنا في حرب لبنان. وهو الذي عارض اتفاقات السلام مع مصر والأردن والفلسطينيين. ومنعته المحكمة من البقاء في منصبه كوزير دفاع».

واختتمت الرسالة بالقول «ليس لدينا وقت ولا فرصة للتفتيش عن مرشح ملائم اكثر من باراك. وليس لنا ان نفتش عن «تصويت احتجاجي». فالمهمة الآن منع شارون من الفوز».

وهاجم شارون هذه الرسالة وقال انها تحمل في طياتها استهتارا فظا بالجيش وبالقوانين ولعبا بأرواح الناس وبضحايا الحروب السابقة. وقال: سوف ترتد الى نحرها وتضر بباراك نفسه.

وبالفعل، لم يبد ان هذه الرسائل افادت باراك، فبالاضافة الى شارون، هاجمها الجيش نفسه، وقدم اصحابها للمحاكمة. ولكن ما اثار ضدها الناس، هو انها ارسلت بشكل عشوائي. ووصلت ايضا الى بيت احد الجنود افنير شالوم، من ايلات، الذي قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطاع غزة. فثارت ثائرة اهله. وصرخت والدته «ان باراك لم يفكر في ارسال تعزية لنا، عندما توفي ابننا. لكنه الآن يذكرنا. فهو يريد صوتنا في الانتخابات اي استهتار هذا، انه لأمر مزعج».

اما في الليكود، فقد خرجوا بحملة دعائية جديدة ضد باراك عنوانها «باراك يعيد اللاجئين الى اسرائيل»، ملأوا بها الشوارع في طول اسرائيل وعرضها.

وعقد شارون اجتماعا لقادة احزاب اليمين، فدعاهم الى الاكتفاء بالنصر، والعمل على ان يكون انتصاره ساحقا وبفارق كبير «فكلما كان الفارق اكبر، فهم العرب ان الشعب في اسرائيل يرفض التنازل اكثر».

وتبين من استطلاع رأي جديد ان 48.4% من مؤيدي شارون، لا يرون غضاضة في تصريحات زميله وحليفه ايفيت ليبرمن وتهديداته باعادة احتلال بيت جالا الفلسطينية وضرب العاصمة الايرانية طهران او تفجير سد اسوان في مصر. وقال 60% من هؤلاء انهم يرون في ياسر عرفات، قاتلا وسفاحا.

اما استطلاعات الرأي الانتخابية، فما زالت تشير الى انتصار شارون الساحق، بنسبة (50% ـ 34%) على باراك، لدرجة جعلت انصار باراك انفسهم يقولون ان اعجوبة فقط يمكن ان تغير اتجاه المعركة.

الى ذلك يقيم الشاذون جنسياً في اسرائيل، غدا، مظاهرة قطرية في تل ابيب للاعراب عن التضامن مع ايهود باراك وتأييدا لانتخابه رئيسا للحكومة.

وكشفت الجمعية التي تقودهم النقاب ان باراك بعث اخيرا برسالة شكر على تأييد جمهورها له، يتعهد فيها بدعم مطالبهم من اجل التعامل بمساواة وباحترام، ومنحهم حقوقهم في الزواج (!!).

وقالت رئيسة الطاقم المؤيد لانتخاب باراك انه صنع تاريخا في اسرائيل. اذ انه اول رئيس حكومة يساند نضالهم.