مسلمو غوجارات يتهمون جماعات الإغاثة الهندوسية وأجهزة الحكومة بمحاباة ضحايا الزلزال الهندوس

TT

وسط المركز التاريخي لمنطقة بوج، وعلى بعد 12ميلا من مركز زلزال يوم الجمعة الماضي، انكب عشرات المتطوعين من المسلمين المنتعلين الصنادل البلاستيكية على ازالة الانقاض لسحب جثة طفل صغير يدعى مصطفى، بينما تحلقت مجموعة من المنقذين لحرق جثة صديق لهم يدعى ضهير اجلال في معبد للديانة اليانية. وقام العاملون في هذا المعبد بحرق 49جثة، كلهم من بين اتباع هذه الديانة.

وفي ظل المساعدة المحدودة التي تبذلها الدولة او الحكومة المركزية، تطغى على جهود الانقاذ والاغاثة الهندية جهود المجموعات الاهلية، المنقسمة على طول الخطوط الدينية التقليدية او الطوائف المتوارثة في الهندوسية.

وتأتي معظم التبرعات بالاغذية والملابس، مثلا، من النوادي والجمعيات المجاورة للمنطقة المنكوبة، او من خلال المنظمات ذات الصبغة الدينية مثل منظمة «هندو راشتريا سوايامسفاك سانج» (آر اس اس). ففي مستشفى ال جي في مدينة احمد آباد، مثلا، تجد اعضاء هذه المنظمة يوزعون اقداح الشاي والطعام على اقرباء الناجين، ويبقون على ممرات المستشفى مفتوحة امام وصول المزيد من المرضى.

غير ان متطوعين من الكاثوليك وصلوا الى المستشفى لتقديم بعض المساعدة، طردوا وضربوا بالعصي ووجهت لهم التهديدات واللعنات. ويعلق احدهم قائلا: «لقد كانوا يصرخون بوجوهنا طالبين منا مغادرة المكان... مع انه في ظرف مثل هذا، يجب ان يتاح المجال امام اي شخص يرغب في المساعدة. ولا ارى انه بامكان طرف واحد السيطرة على ادارة جميع الامور».

اما شابر شابولدزهبي الذي يقود مجموعة من الشباب المسلمين تدعى «شباب فولنتير كوربس» عبر الازقة المفضية الى مركز مدينة بوج التاريخي، لمحاولة انتشال جثث من بيت مهدم فيقول انه لا يكن اي حزازات للمجموعات الاهلية الاخرى، ولا ضد الحكومة. ولكنه يتمنى ان توفر معونات للجزء المسلم من البلدة مثل المعونات التي تقدم للجزء الهندوسي والياني الاكثر ازدهارا من المدينة. ويضيف موضحا: «كل ما نقوله عاملوا كل شخص بنفس المعاملة، فنحن من نفس اللون، وننتمي لنفس البلد... ها هم افراد آر اس اس قادمون (مجموعة هندوسية قومية) ولكنهم لن يقدموا المساعدة لنا، ولكن لاتباع ملتهم».

ويبدو ان الامر الذي يجمع عليه سكان بوج والقرى المحيطة، الشعور بقدرة الحكومة على بذل المزيد لمساعدة الاحياء والاموات سواء بسواء. ورغم ان ليس هناك من دولة، سواء كانت متقدمة او نامية، يمكنها ان تكون مستعدة بالكامل لمثل الزلزال الذي ضرب غوجارات يوم الجمعة الماضي، تظل سرعة وفعالية التحرك الحكومي ازاء الكارثة الناجمة علامة مهمة على كفاءتها في اعين مواطنيها.

واتصف تحرك نيودلهي، العاصمة، بالقوة بكل تأكيد، ووجه رئيس الوزراء الهندي آتال بيهاري فاجبايي دعوة الى مواطنيه بتمثل «حالة الاستعداد للحرب» للقيام بعمليات الاغاثة. غير ان تحرك الدولة، المسؤولة عن تدبر الاوضاع خلال هذه الكارثة، كان غير واضح، مما ترك الكثيرين من سكان غوجارات يتساءلون ان كانت هذه هي الطريقة السليمة للانتصار في حرب.

كما انتقد بعض المراقبين الحكومة المركزية لامساكها لأكثر من 24ساعة عن طلب المساعدة من الحكومات الاجنبية. وربما كان هذا التأخير، حسبما يقول الخبراء، وراء ارتفاع عدد الضحايا.

ولهذا، فان قلة من المواطنين باتت بانتظار تلقي مساعدة من الحكومة. وتنتقد فاطمة خيدي، المدرسة في بومباي، تحركات حكومة بلادها خلال هذه الكارثة قائلة: «تعلن الحكومة اننا قادمون، اننا قادمون، ولكنهم لا يأتون... لماذا؟ لانهم يعرفون ان اهل هذه المنطقة سيعتنون بها. ولا اعني الدين بذلك، انهم كسالى فحسب».

غير ان بعض خبراء الاغاثة يعربون عن ان الوقت لا يزال مبكرا جدا لتوجيه انتقادات للحكومة. ويعلق ميهر بات مدير معهد الكوارث في احمد اباد قائلا: «هذا الزلزال غير مسبوق في قوته، لهذا فان اي دولة في العالم ستجد نفسها في وضع صعب للغاية». واضاف «لقد كنت في بوج امس، وشاهدت بنفسي جهودا بطولية من جانب ادارتها، وهناك مبادرات محلية متعددة».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)