العراق ينجح في تهريب نفطه دون احتجاجات

TT

تهدد زيادة كميات النفط العراقي الخام المهرب الاستراتيجية التي اعدتها منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) للحفاظ على اسعار النفط تدور حول 25 دولارا للبرميل الواحد.

وقد تمكنت شبكة تهريب النفط العراقي التي تتحايل على الحظر المفروض على بغداد من قبل الامم المتحدة وتقدم مزيدا من الاموال مباشرة الى الرئيس العراقي صدام حسين، من ضخ كميات كبيرة من النفط العراقي الخام الى الاسواق العالمية من خلال قنوات سرية في تركيا وسورية وايران والاردن. وبالرغم من ان هذه العقود تنتهك القوانين الدولية، فإن النتيجة ربما ترضي المستهلك الغربي لانها ادت الى خفض اسعار النفط التي ساهم ارتفاعها في تباطؤ الاقتصاد الاميركي. والجدير بالذكر ان اسعار النفط الخام ارتفعت منذ قررت «أوبك» في الشهر الماضي خفض الانتاج بمعدل 1.5 مليون برميل يوميا. وحتى مع وجود النفط العراقي الاضافي في الاسواق، فإن امدادات النفط الخام رفعت الاسعار هذا الاسبوع الى اكثر من 30 دولارا للبرميل وهو سعر ذو حساسية سياسية.

وقد تصادف تأثير العراق الجديد كدولة نفطية ـ تملك ثاني اكبر احتياطي نفط في العالم بعد السعودية ـ مع الاعتراف المتزايد بين عديد من الدول ومن كبار العاملين في قطاع النفط بأن العقوبات الاقتصادية ضد نظام صدام حسين بعد عشر سنوات من حرب الخليج لم تعد ذات جدوى اقتصادية. وبالرغم من ان الرئيس الاميركي جورج بوش قد تحدث عن تنشيط وتجديد العقوبات الاقتصادية ضد العراق، فإن رغبة المستهلكين في زيادة الامدادات النفطية الى اقصى حد لها في وقت يعاني فيه العالم من ضعف اقتصادي، اضعف الدعم الدولي لمثل هذه السياسة حتى قبل ان تتمكن الادارة الاميركية الجديدة من تحديد سياستها.

بينما توقع العديد من الدول العربية التي ادانت صدام حسين من قبل عقودا تجارية واتفاقيات سفر مع العراق، مما يجعل من غير المرجح ان ينجح بوش في اقناع تلك الدول بعزل العراق مرة اخرى.

ويوضح رعد القادري، محلل شؤون النفط في شركة «بتروليوم فاينانس» في واشنطن «ان العراق تعلم كيف يلعب دوره بمهارة كبيرة. فحتى اواخر العام الماضي كان كل ما يريده العراق هو طرح نفطه الخام في الاسواق بأي ثمن. ولكنه الآن يرى النفط كسلاح استراتيجي لضرب العقوبات. ومن بين طرق القيام بذلك هو طرح نفطه في الاسواق ثم وقفه لاظهار اهمية نفطه للغرب».

وطبقا للعقوبات التي فرضتها الامم المتحدة، فمن المفروض على العراق ان يبيع نفطه طبقا لبرنامج يضع كل موارد البيع في حساب محفوظ لدى طرف ثالث ـ وتصل حصيلة هذا الصندوق الى 12 مليار دولار ـ يمكن استخدامه فقط لشراء الاغذية والادوية. ويؤكد المتعاملون في مجال النفط ان صادرات العراق الرسمية من النفط تصل الى معدل 1.2 مليون برميل يوميا، ولكن امكانات العراق تتيح له تصدير ضعف هذا الرقم.

وبالاضافة الى ذلك يعتقد ان العراق يهرّب ما يصل الى 600 الف برميل يوميا عن طريق ايران وسورية وتركيا والاردن. وهو الامر الذي يمكن صدام حسين من استخدام عائدات التهريب في اغراضه الخاصة، بما في ذلك شراء الاسلحة، وتصل تقديرات النفط المهرب الى ملياري دولار سنويا. ويعتقد ان بعض النفط المهرب يصل للولايات المتحدة، حيث يحتل العراق المرتبة السادسة في قائمة الدول المصدرة للنفط للولايات المتحدة.

وكان صدام حسين قد اوقف صادرات النفط العراقي في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، في محاولة للسيطرة على عائدات النفط العراقي، مطالبا بدفع 50 سنتا اضافية مباشرة الى حكومته في انتهاك مباشر لاجراءات الامم المتحدة. وعندما رفضت معظم الشركات ذلك سمح باستمرار صادرات النفط ولكن بمعدل اقل بكثير من 2.4 مليون برميل يوميا الذي كان يصدره العام الماضي.

واشارت مصادر قطاع النفط الى ان صدام حسين بدأ في توسيع عمليات التهريب وبيع نفط مهرب باسعار اقل من اسعار السوق. ويتم نقل النفط المهرب عبر شاحنات نفط الى تركيا والاردن، بينما تحصل ناقلات النفط الراسية في ميناء عبدان الايراني كميات كبيرة من النفط العراقي. وفي تحد صارخ للعقوبات الاقتصادية، تم تشغيل خط انابيب مع سورية ينقل عبره 100 الف برميل يوميا لتغطية معظم احتياجات سورية. ولكن بما ان معظم العالم لديه مصلحة في وصول صادرات النفط العراقية الى اقصى حد لها، فلا يهتم احد بعمليات التهريب.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»