أوساط مصرية تستغرب اعتزام صنعاء منافسة عبد المجيد

أكدت لـ«الشرق الأوسط» تمسك مصر بحقها في اختيار الأمين العام

TT

استغربت مصادر مصرية وعربية متطابقة في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» ما نسب من تصريحات صحافية لعبد القادر باجمال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية اليمني والتي أعلن خلالها اعتزام بلاده ترشيح رئيس وزرائها وزير خارجيتها السابق محسن العيني لمنصب الأمين العام للجامعة العربية خلفاً للدكتور عصمت عبد المجيد الذي ستنتهي فترة ولايته الثانية في منتصف شهر مايو (أيار) المقبل.

وقال مصدر رسمي مصري لـ«الشرق الأوسط» أن القاهرة لا تعتزم بأي حال من الأحوال التخلي عن حقها في ترشيح أحد مواطنيها لشغل هذا المنصب نظراً لأن العرف المعمول به منذ انشاء الجامعة العربية عام 1945 قد جرى على أن يتم اختيار الأمين العام للجامعة العربية من دولة المقر التي تستضيف مقر الجامعة على أراضيها. واعتبر أن هذا العرف الذي مضى عليه خمسة وخمسين عاماً لم يتم انتهاكه ولو مرة واحدة، مشيراً إلى أن الاستثناء الوحيد لتولي مسؤول غير مصري منصب الأمين العام للجامعة العربية كان في أعقاب مؤتمر قمة بغداد الشهير عام 1978 أثر زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات لاسرائيل حيث قررت الدول العربية نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس التي أسندت المنصب لمواطنها الشاذلي القليبي الذي استقال غداة أزمة الدخول العراقي للكويت في الثاني من أغسطس (آب) عام .1990 وأوضح المصدر الذي طلب عدم تعريفه أن جميع الدول العربية احترمت في السابق هذا العرف ولم تعترض مطلقاً على حق مصر الطبيعي والمكتسب في تسمية المرشح لمنصب الأمين العام للجامعة العربية.

وكان التأخير في إعلان الموقف الرسمي المصري بشأن التجديد للدكتور عصمت عبد المجيد لفترة ولاية ثالثة مدتها خمس سنوات تنتهي عام 2006 قد أثار جدلاً في الأوساط السياسية والدبلوماسية العربية وتكهنات متضاربة حول ما إذا كانت السلطات المصرية لا تنوي التمديد للدكتور عبد المجيد.

ولكن مسؤولين مصريين أبلغوا «الشرق الأوسط» أمس أن هذا التأخير لم يكن مقصوداً وأنه ربما كان مؤشراً على اعتزام مصر الموافقة على تجديد فترة ولاية الدكتور عصمت عبد المجيد.

ولم يصدر حتى الآن أي رد فعل رسمي مصري حيال هذه التكهنات كما لم يصدر من الرئيس المصري حسني مبارك أو كبار معاونيه أي تلميحات في هذا الصدد.

وتلقت أوساط الجامعة العربية باستغراب ودهشة أمس إعلان وزير الخارجية اليمني ـ أمس ـ اعتزام بلاده المنافسة على منصب الأمين العام للجامعة العربية عبر ترشيح أحد مسؤوليها السابقين لشغل هذا المنصب العربي الهام. وقال مصدر رفيع المستوى بالجامعة لـ«الشرق الأوسط» إن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها احدى الدول العربية بشكل غير رسمي عن نيتها في مزاحمة حق دولة المقر «وهي مصر» في اختيار المرشح لهذا المنصب. وكشف النقاب عن أن الدكتور عصمت عبد المجيد تلقى تطمينات غير رسمية من مسؤولين كبار بالحكومة المصرية بشأن التجديد لتوليه لفترة ولاية ثالثة. ونفى أن يكون جدول الأعمال المقترح للقمة العربية العادية التي ستنعقد في العاصمة الأردنية -عمان- قبيل نهاية شهر مارس (آذار) المقبل يتضمن مناقشة أسماء المرشحين لهذا المنصب.

وكانت بورصة الشائعات التي أحاطت بالجدل الراهن حول هذا المنصب قد تكهنت بترشيح عدد من كبار المسؤولين العرب السابقين أبرزهم الرئيس السوداني الأسبق عبد الرحمن سوار الذهب والرئيس اللبناني السابق سليم الحص ووزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الابراهيمي.

وعلى الرغم من أن ميثاق عمل الجامعة العربية لا يتضمن نصاً رسمياً يؤكد صراحة على أن منصب الأمين العام للجامعة العربية هو من نصيب دولة المقر إلا أن العرف المعمول به منذ 55 عاماً يمنح دولة المقر هذا الحق.

ونظرياً لا تملك أياً من الدول العربية الأعضاء بالجامعة حق الاعتراض على شخصية المرشح لهذا المنصب بعد أن تتم تسميته من قبل دولة المقر.

وتقول مصادر الجامعة العربية إن العرف الخاص والمعمول به بشأن جنسية الأمين العام يماثل الدستور البريطاني الذي يتكون في غالبيته من قوانين وأعراف غير مكتوبة ـ رسمياً ـ ولكن لا خلاف عليها.

وعلى مدى السنوات التي تلت إنشاء الجامعة العربية عام 1945 تولى منصب الأمين العام خمسة أمناء كان من بينهم تونسي واحد فقط والغلبة للمصريين بحكم استضافة القاهرة لمقر الجامعة العربية.

ولوحظ أن سمير رجب رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» ـ القاهرية ـ والمقرب من مؤسسة الرئاسة المصرية قد أشاد مؤخراً بشخصية الدكتور عبد المجيد واعتبره أكثر المرشحين حظوظاً للاستمرار في تولي منصبه الحالي.

وكان رجب يعلق بذلك على تقرير سبق أن نشرته «الشرق الأوسط» في هذا الخصوص.

واقترح الدكتور مصطفى الفقي وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري الشهر الماضي أن يتم التجديد للدكتور عبد المجيد لمدة عامين علماً بأن فترة عمل الأمين العام للجامعة العربية كما وردت في ميثاق الأمانة العامة الموضوع عام 1950 اقتصرت على عامين ثم تم تمديدها لاحقاً إلى خمسة أعوام وبدون حد أقصى لمدد الولاية.