يوم ثان من المواجهات في إيران بين الطلبة المطالبين بالديمقراطية وعناصر الميليشيات

خاتمي يدعو بمناسبة ذكرى الثورة إلى مزيد من الإصلاحات ويهاجم «ظلامية» المحافظين

TT

طهران: «الشرق الأوسط» لليوم الثاني على التوالي ردد الآلاف من الطلبة والشباب الايرانيين الذين تجمعوا في طهران امس لمناسبة الذكرى السنوية الثانية والعشرين لوصول زعيم الثورة الايرانية آية الله الخميني الى السلطة، الشعارات التي سبق أن رددها آباؤهم وأمهاتهم في المكان نفسه قبل 22 عاماً. غير ان هذه الشعارات هذه المرة لم تكن موجهة ضد الشاه محمد رضا بهلوي والنظام الملكي، بل استهدف الكثير منها مرشد الثورة علي خامنئي ونظام الجمهورية الاسلامية. وفي الوقت الذي حاول انصار «حزب الله» وقوات «الباسيج» في ميدان ازادي (الحرية) بوقف عمل الميكروفونات التي كان الرئيس محمد خاتمي يلقي عبرها كلمته امام الآلاف من أنصاره ومؤيديه لمنعه من مواصلة الكلام، وهتف الآلاف من الناس المحتشدين في الميدان بحياة خاتمي ودعوا لاسقاط العناصر المناهضة للاصلاحات، وفي مقدمتهم احمد جنتي ومصباح يزدي ومحسني اجدئي ومدير الاذاعة والتلفزيون علي لاريجاني.

وانطلقت المسيرات الحاشدة في ذكرى انتصار الثورة منذ الصباح الباكر في وسط العاصمة طهران ومعظم المدن الايرانية بينما المئات من الطلبة والشباب الذين تجمعوا اول من امس في حديقة «ملت» (الشعب) شمال طهران وفي 17 مدينة أخرى للتعبير عن غضبهم واستيائهم من الأوضاع السائدة في بلادهم. وتوجهوا امس الى حديقة «لاله» القريبة من جامعة طهران تلبية لدعوة وجهها حشمت الله الطبرزدي امين عام الجبهة الديمقراطية الطلابية، وهي جبهة مستقلة عن مكتبة تعزيز الوحدة المؤيد لخاتمي، للتظاهر ضد النظام.

وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة الايرانية قد قررت في اجتماع طارئ لها أول من امس وبعد المواجهات التي وقعت بين الطلبة ورجال الأمن في حديقة «ملت» وميدان ولي العصر، انزال ما يزيد على عشرة آلاف من رجال فرقة مكافحة الشغب ولواء ثار الله الخاص للحرس في المرافق المهمة للعاصمة وأطراف جامعة طهران وحديقة «لاله» لمنع انطلاق مسيرة الطلبة والشباب نحو مبنى الاذاعة والتلفزيون والمجمع الحكومي قرب مبنى البرلمان حيث يقيم مرشد الثورة وعدد من كبار المسؤولين.

وأكدت مصادر «الشرق الأوسط» في العاصمة الايرانية ان رجال الباسيج وأنصار حزب الله هاجموا الطلبة والشباب المتظاهرين في حديقة «لاله» بالهراوات والسلاسل والغاز المسيل للدموع ما أسفر عن سقوط العشرات من الجرحى بينهم ما لا يقل عن عشرين فتاة.

وخلافاً لمظاهرات يوم الجمعة في حديقة ملت التي ردد المتظاهرون شعارات بعودة النظام الملكي الدستوري. فان المتظاهرين في حديقة لاله بينهم العشرات من الطالبات رفعوا الشعارات نددت بالاستبداد وطالبت بالغاء ولاية الفقيه.

وفي كلمته، شدد الرئيس خاتمي على ضرورة تطبيق الشعارات التي رفعها في حملته الانتخابية، وفي مقدمتها بسط الديمقراطية ورفع الرقابة عن الصحف، ومكافحة الفساد والظلم، وفي الوقت نفسه اكد ولاءه للدستور والتزامه بجميع مواده ومنها ولاية الفقيه. وانتقد خاتمي منتقدي برنامجه الاصلاحي من المحافظين، وقال «انهم يضعون القيم (الدينية) ضد رغبات الشعب والدين ضد الحرية.. انهم يسعون لكبح الآراء التي لا تتماشى مع آرائهم الظلامية».

وتجدر الاشارة الى ان انصار خاتمي يطالبون خامنئي بعدم تجاوز الدستور والعمل في اطار الصلاحيات المقررة له في الدستور، بينما الجبهة المناهضة للاصلاحات والتي قادت امس الهجمات على الطلبة والشباب في حديقة لاله وقام عناصرها بترديد شعارات مناهضة لخاتمي والاصلاحيين، تدعو لاستبدال نظام الجمهورية الاسلامية بنظام ديني شمولي يحل الولي الفقيه فيه مكان الخليفة مطلق اليد في ما سيحل مجلس شورى معين من قبل الولي الفقيه مكان البرلمان المنتخب. وأشار مصدر اصلاحي في حديث مع «الشرق الأوسط» الى ان المعارضين للاصلاحات نسفوا جهود خاتمي لاصلاح النظام واعادة التلاحم بين الحكم والشعب كما كان الحال في بداية الثورة، والمجتمع الذي كان يدعم خاتمي وبرامجه أصبح اليوم منقطعاً عن النظام.