مصر: النيابة تطعن في أحكام الكشح

تباين داخل الأوساط القبطية في مصر بسبب الأحكام وتصريحات البابا

TT

و نجوى عبد العزيز قررت نيابة أمن الدولة العليا المصرية إعداد تقرير بالطعن بالنقض على الحكم الصادر في قضية أحداث الكشح والتي أصدرته محكمة جنايات سوهاج في الأسبوع الماضي. ويدرس حالياً المحامي العام لأمن الدولة العليا حيثيات الحكم الذي أودعته المحكمة والتي استندت فيه ببراءة 92 متهماً إلى عدم جدية التحريات وعدم معقولية الواقعة، وتقاعس بعض رجال الدين المسيحي عن تهدئة الأمور ورفضهم التعاون مع الشرطة وعدم ضبط أية أدوات للجريمة في مسرح الأحداث.

كما استندت المحكمة أيضاً في حكمها إلى عدم ثبوت امتلاك كثير من الشاكين أكشاكا وعربات خضار وعدم صحة أقوالهم، وعدم تطابق أقوال الشهود مع الواقعة.

كما أكدت المحكمة أن المسلمين والمسيحيين كانوا يتبادلون القاء الطوب والحجارة واختلطوا ببعض وتعذر معرفة مرتكبي هذه الأحداث.

واستندت المحكمة إلى ادانة المتهمين الأربعة بتهمة احراز أسلحة وذخيرة بأنها اطمأنت للأدلة الخاصة بهم لحدوث هذه الوقائع.

ومن المنتظر أن تتقدم النيابة بالطعن على الحكم أمام محكمة النقض خلال ساعات بعد أن يوافق النائب العام على ذلك.

وكانت محكمة جنايات سوهاج قد أصدرت حكمها الأسبوع الماضي ببراءة 92 متهماً من عدة اتهامات بينها قتل 21 شخصا بينهم مسلم واحد في أواخر عام 1999 وأوائل عام 2000 في أحداث الشغب والعنف التي وقعت في قرية الكشح بمحافظة سوهاج بصعيد مصر.

وقد طرحت الاحكام الأخيرة التي صدرت فيهذه القضية ردود فعل متباينة داخل الأوساط القبطية خاصة بعد التصريحات المفاجئة للبابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية والمرجعية المسيحية بأن الكنيسة ستطعن بكل السبل في الأحكام القضائية الصادرة وهو ما أحدث جدلا سياسيا واسعا خاصة داخل الأوساط القبطية التي اعتبرها البعض انها جاءت معبرة عن وجهة النظر القبطية في حين عارض آخرون موقف البابا وأكدوا أن الكنيسة ليست طرفا في القضية ويجب ابعادها عن مثل هذه القضايا لعدم حدوث تداعيات مقابلة اذا ما تدخل الأزهر مساندا للمسلمين في مثل هذه القضايا.

وكانت أحكام قد صدرت يوم الاثنين الماضي في قضية الكشح الثانية التي اتهم فيها 96 شخصا بينهم 57 مسلما و39 قبطيا برأت المحكمة 92 شخصا في حين أصدرت احكاما بالسجن عشر سنوات على متهم واحد وآخر بالسجن عامين وآخرين بالسجن عاما واحدا. وسعت «الشرق الأوسط» لجمع ردود الفعل المتباينة حول القضية.

وقال أحد الرموز القبطية في مصر وعضو البرلمان السابق عن حزب العمل المجمد حاليا جمال أسعد عبد الملاك ان ردود الفعل حول أحكام الكشح حملت شكلا من التوتر والاحباط بسبب احداث مقتل أكثر من 20 مسيحيا لأنه بدا ان هناك نوعا من الاعتداء السافر على الأقباط وبالتالي فإن القيادة الدينية المسيحية أوحت الى الأقباط بأن الأحكام المتوقعة ستأخذ بثأرهم غير أن الاحكام جاءت مخففة ولم يتم النظر اليها من زواية المواءمة السياسية، كما تناسوا أن عمليات القتل تمت بشكل عشوائي وبالتالي فإن المسؤولية ذهبت في الاطار المشاعي وأصبح من الصعب تحديد الفاعل الحقيقي.

وأضاف عبد الملاك انه لم يتم النظر الى أن المواءمة السياسية لم تكن فعلا جديدا ولكن سبق تنفيذه في قضية الكشح واحد عندما أسقط النائب العام الاتهامات الخمسة الموجهة للانبا ويصا الذي افتعل الأزمة الأولى من باب المواءمة السياسية، وفي ظل ذلك لم تثبت الأوراق التي تم تقديمها الى المحكمة وجود جرائم موجهة ضد أشخاص بعينهم فجاءت الاحكام مخففة ربما للمواءمة السياسية ايضا باعتبار ان القضية سياسية في المقام الأول ولها مردود داخلي وخارجي، مشيرا الى أن الأهم من ذلك هو الاستفادة مما وقع لعدم تكرار حوادث أخرى بوقوع كشح ثالثة في مكان آخر في مصر.

وشدد الرمز القبطي على أن اعلان البابا عن استئناف الكنيسة للحكم في القضية كان اعلانا في غير موضعه لأن استئناف الحكم من حق المتضررين واصحاب المصلحة الحقيقية دون غيرهم وبالتالي فإن من حق الرأي العام المسيحي ان يظهر اعتراضه بالشكل السياسي ولكن يظل حق الاستئناف القضائي من حق أصحابه، غير ان البابا اراد أن يأخذ موقف المدافع والممثل للأقباط في غير الطريق القانوني وهو ما يزيد الأمور تعقيدا.