محمد دحلان: الأجهزة الفلسطينية استعدت لمواجهة تهديدات شارون بقتل نشطاء السلطة

رئيس الأمن الوقائي في غزة لـ«الشرق الأوسط»: لم نعد نفرق بين رؤساء الحكومات الإسرائيلية

TT

كشف محمد دحلان رئيس جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة، النقاب عن ان السلطة الفلسطينية وضعت خطة لمواجهة تحديات «حقبة شارون»: بما فيها التهديدات التي اطلقها رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ارييل شارون، باغتيال رموز من السلطة.

وقال دحلان في حديث لـ«الشرق الأوسط» اثناء وجوده في تونس اخيرا، ان الاجهزة الامنية الفلسطينية تأخذ على محمل الجد هذه التهديدات.

* كيف ترون انعكاسات وصول ارييل شارون الى رئاسة الوزراء في اسرائيل؟

ـ لم نعد نعير اهتماما لمن يصل الى سدة الحكم في اسرائيل، فهذه ارادة الشعب الاسرائيلي وعليه ان يتحمل مسؤولية هذا الاختيار، ونحن لسنا خائفين من وصول شارون الى الحكم. هناك واقع على الارض يقول ان الشعب الفلسطيني موجود على ارضه، ويمتلك من الارادة على التأثير في المجتمع الاسرائيلي كما انه يتأثر به. وبالتالي ليس امام شارون الا خيار واحد وهو ان يحترم قرارات الشرعية الدولية. ونحن لا نبحث عن تحسين صورة الاحتلال وانما ننشد الانعتاق من هذا الاحتلال.

* ايهما افضل بالنسبة لكم، شارون ام باراك؟

ـ الافضل بالنسبة لنا هو من يمتثل للحقوق الوطنية الفلسطينية. لقد عايشنا اسحق رابين وحققنا بعض الانجازات معه، وجاء بنيامين نتنياهو وأوقف العملية السلمية لمدة ثلاث سنوات، ولكن بالرغم من ذلك فقد حققنا معه بعض الانجازات ووقعنا معه اتفاق واي ريفر، وأسقطنا الحكومة الاسرائيلية. وجاء ايهود باراك وعرض مقترحاته وأفكاره ولم نتجاوب معه لان ما عرضه لا يلبي طموحات الشعب الفلسطيني. لذا أمام شارون خيار واحد وهو انه لا يستطيع بالآلة العسكرية ان ينتصر ويسحق الشعب الفلسطيني، او يفرض عليه السلام الاسرائيلي. وهذه الانتفاضة، وهذا الموقف الفلسطيني الذي امسك بزمام الامور السياسية والتفاوضية والميدانية، هو الآن بحاجة الى دعم عربي حقيقي يترجم هذه الانتفاضة الى انتصارات سياسية، فالشعب الفلسطيني لا يستطيع بمفرده ان يواجه اسرائيل ومن يقف وراءها، وهو بالتالي بحاجة الى دعم على المستويات السياسية والمالية والمعنوية.

* اعلن شارون انه لن يتفاوض مع الفلسطينيين من النقطة التي توقفت فيها المفاوضات مع حكومة باراك، وانما من نقطة الصفر، وهو ما يعيد المنطقة الى حالة لا سلم ولا حرب، فما هو رأيكم في ذلك؟

ـ لا توجد حالة لا سلم ولا حرب، فنحن الآن في زمن الانتفاضة، وهو ما لا يتوافق مع شعار اللاسلم واللاحرب. ونحن كفلسطينيين لا نتوقع ان يحدث شارون انطلاقة في المفاوضات، ومن يتوقع ذلك يكون واهما، لان شارون بتاريخه وماضيه وحاضره ينبئ بأنه لا يريد انطلاقة جدية وحقيقية لعملية السلام في المنطقة، وبالتالي نحن نضع استراتيجيتنا على اساس هذه القاعدة ولا نبالي بالعواقب، لان شارون معروف بتاريخه وماضيه الدموي... وأنا اؤكد ان ما يهددنا به شارون نعيشه حاليا، حيث ان باراك لم يترك اي وسيلة عدوانية الا واستخدمها ضد الشعب الفلسطيني وقيادته من فرض الحصار والاغلاق الشامل وخنق الفلسطينيين اقتصاديا، الى استخدام الاسلحة بكل انواعها، بما فيها الطائرات والصواريخ، وهو ما ادى الى استشهاد اكثر من 400 فلسطيني واصابة حوالي 20 الفا آخرين.

* ولكن مجيء شارون الى الحكم يتناغم مع الشارع الاسرائيلي الذي لا يريد السلام، فما هو تعليقكم على ذلك؟

ـ لا اتفق مع هذا المفهوم السائد، اذ مال الشارع الاسرائيلي الى اليمين، لا بسبب شارون ولا بسبب باراك، بل بسبب ان المواطن الاسرائيلي لا يشعر بالامن، وهذا نتيجة للانتفاضة الفلسطينية التي سوف تستمر. وطبقا للاحصائيات التي اتابعها، فان نجاح شارون لا يعود الى تطرف الشارع الاسرائيلي، بل يعود في الاساس الى ان باراك فشل، والدليل على ذلك ان آخر استفتاء للرأي اجري حول السلام صوت فيه 61 في المائة من الاسرائيليين مع السلام.. اما من لا يرغب في السلام، فهو الكتل البرلمانية والقيادات السياسية والعسكرية في اسرائيل. وأنا اؤكد ان الشارع الاسرائيلي يرغب في السلام انطلاقا من مصلحة ذاتية. فهو يريد ان يشعر بالامن الشخصي.

* هل ترى ان الكنيست بتركيبته الحالية يتجه نحو السلام ام نحو الحرب؟

ـ الكنيست الاسرائيلي يعاني من حالة انقسام بالتساوي، بين السلام والحرب، وهذا سوف يتسبب في سقوط شارون في المستقبل القريب، وهو السبب الذي لم يدفع نتنياهو للدخول في الانتخابات، حيث انه كان يريد انتخابات للكنيست ولرئاسة الوزراء في الوقت نفسه، لان الكنيست منقسم بين من يؤيد عملية السلام ومن يرفضها، وهذا يحدث في اسرائيل لاول مرة، وبالتالي فأنا اتوقع ان تجري انتخابات جديدة للكنيست ورئاسة الوزارة معا خلال عام ونصف العام من الآن.

* هناك شبه اجماع بأن حقبة شارون ستكون معرقلة لعملية السلام، فهل تتفق مع هذا الرأي وكذلك الرأي الذي يقول بأنه سيدفع المنطقة الى الحرب؟

ـ ان نشوب الحرب او عدمه مرتبط بقرار، وهو ليس قرار الفلسطينيين. أنا لا اتوقع قيام حرب لان الامة العربية لا تريد هذه الحرب، ولكن الشعب الفلسطيني قرر الصمود. وكما صمد في فترة باراك سوف يصمد في فترة شارون. وأنا اتوقع ان يزيد البطش والعدوان في عهد شارون. ونحن ننتظر من الامة العربية موقفا لمواجهة شارون.

* ولكن ما هي الاستعدادات الفلسطينية لمواجهة بطش وعدوان شارون؟

ـ نحن مستعدون لمواجهة البطش والعدوان حتى قبل ان تبدأ الانتفاضة، والخسائر التي وقعت في الجانب الاسرائيلي تدل على ذلك، اذ انه لاول مرة تفقد اسرائيل هذا العدد من القتلى والذي بلغ حوالي 50 شخصا، وهو ما دفع نائب رئيس هيئة الاركان الى الاعتراف بأن اسرائيل تواجه حاليا وضعا مماثلا لما كانت عليه في عام 1948.

* هل تعتقد ان الادارة الاميركية الجديدة سوف تخدم عملية السلام اكثر من الادارة السابقة؟

ـ اعتقد بذلك وأوافق على هذا الرأي لسببين; الاول ان تجربة الادارة السابقة في فرض السلام الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني لم تنجح، فقد استطعنا ان نقول لا في كامب ديفيد بجرأة وثقة كاملة رغم اننا كنا وحيدين امام الغولين الاسرائيلي والاميركي. كما استطعنا ان نقول لبيل كلينتون، فإننا نستطيع ان نقول لا للادارة الحالية، وسنقول نعم لهذه الادارة اذا وفرت شروط الحل العادل. واعتقد ان هذه الرسالة قد وصلت لادارة الرئيس جورج بوش.

* هناك تهديدات من شارون باغتيال عدد من رموز السلطة وانت من ضمن القائمة التي يجري الحديث عنها؟

ـ الاغتيالات لن ترهبنا ولن تثنينا او تدفعنا الى الانكفاء والتراجع عن مواقفنا الوطنية. ونحن بالفعل نتوقع حدوث عمليات اغتيال وقد قمنا باتخاذ الاحتياطات القصوى من اجل منع اسرائيل من الوصول الى هدفها. ان هذا المخطط مرتبط بتطور عملية الصراع بيننا وبين اسرائيل. وانا شخصيا لا اخشى التهديد باغتيالي، فقد وضعت نفسي في خدمة وطني ولا اعتقد ان اي كادر فلسطيني يهاب الموت امام الاسرائيليين، وقد اتخذت الاجهزة الامنية تدابير كبيرة لمواجهة هذا المخطط، من ضمنها تدابير سرية وجهت الى الجميع لتأمين الحماية لهم.

* ما هو السيناريو الذي تتوقعه في الفترة القادمة؟

ـ لست من هواة وضع السيناريوهات ولكن ما اريد التأكيد عليه هو اننا وضعنا خطة لمواجهة المرحلة القادمة... وانا ارى ان شارون سوف يتحدث بشكل ايجابي عن عملية السلام ويحاول فك الحصار والعزلة الدولية عن اسرائيل.. كما سيحاول الظهور بأنه لا يريد ان يستمر في حالة العدوان على الشعب الفلسطيني. ولكن على المستوى السياسي لن يتقدم خطوة واحدة نحو السلام بشكل فعلي وجدي.