مسؤول عسكري إسرائيلي يهدد من جديد باقتحام المدن الفلسطينية لضرب قيادات «تقف» وراء العمليات

منفذ عملية «يزور ـ تل أبيب»: ما فعلته كان انتقاما للاغتيالات التي نفذتها إسرائيل

TT

تدخلت أوساط اميركية عليا لدى رئيسي الحكومة الاسرائيلية، الحالي ايهود باراك، ورئيس الحكومة المنتخب ارييل شارون، وضغطت للامتناع عن عملية اسرائيلية انتقامية ضد الفلسطينيين. وقررت القيادة السياسية الاسرائيلية تعليق خطة اعدتها للقيام بغارات على مقرات الأجهزة الأمنية في قطاع غزة. لكن مسؤولاً بارزاً في الجيش الاسرائيلي هدد بأن تقتحم قواته مدناً فلسطينية كبرى (منطقة أ) من اجل ضرب ما توصف بأنها القيادات التي تقف وراء العمليات الانتحارية الفلسطينية ضد اسرائيل، خصوصاً العملية الأخيرة التي وقعت اول من امس وقتل فيها ثمانية يهود (7 جنود ومدنية) دهساً.

وكان منفذ العملية خليل ابو علبة، قد استعاد وعيه فجر أمس في المستشفى، فانقض عليه محققو المخابرات الاسرائيلية، الذين لم يتركوه للحظة منذ القبض عليه. وبدأوا التحقيق معه حول العملية وأسبابها وظروفها، فقال لهم انه وصل الى منطقة «يزور» بالذات، لينفذ هذه العملية (دهس الجنود الذين انتظروا في محطة الباصات والتي اسفرت عن مقتل ثلاثة جنود وأربع مجندات ومواطنة واصابة 21 آخرين). وانه أقدم على فعلته انتقاماً وثأراً للاغتيالات التي تنفذها اسرائيل في فلسطين، وآخرها اغتيال المقدم مسعود عياد (الذي تطايرت أشلاء جسده اثر قذف سيارته بأربع قذائف من الجو).

ويسعى المحققون الى معرفة ما اذا كان ابو علبة عمل لوحده، او انه عضو في تنظيم مسلح، وما هي علاقته بمسعود عياد، وهل أرسل من تنظيم «القوة 17» او من أي طرف آخر في القيادة الفلسطينية.

وتحاول السلطات الاسرائيلية تجميع المعلومات للرد على الضغوط الغربية، التي تناشدها ضبط النفس والامتناع عن توتير الأوضاع اكثر. وفي الوقت نفسه تقوم بحملة دعائية واسعة ضد السلطة الوطنية الفلسطينية تتهمها بأنها لا تكافح الارهاب وتمتنع عن أي تعاون أمني مع اسرائيل.

ودعا رئيس الدولة، موشيه قصاب، امس الزعماء الغربيين ان يتخذوا موقفاً حازماً من سياسة الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، للضغط عليه لمكافحة ما يسميه بالارهاب. وقال في تصريح للصحافيين، بعد مشاركته في احدى الجنازات، ان عدم اتخاذ موقف حازم من عرفات يشجعه على الاستمرار في سياسته، التي تشجع الارهاب. وقال قصاب: «عرفات لم يستنكر العملية الأخيرة في يزور. وعليه ورفاقه ان يفهموا ان طموحاتهم القومية لن تتحقق اذا لم يكافحوا الارهاب. وان العنف لن يحقق لهم المكاسب».

وقال رئيس الحكومة الاسرائيلية المنتخب، ارييل شارون، ان على الفلسطينيين ان يفهموا ان قواعد اللعبة قد تغيرت. ففي اسرائيل ستقوم حكومة جديدة لن تدير أية مفاوضات، من دون ان يسود الهدوء التام داخل اسرائيل والمناطق، ولن تقبل بأن يمر أي حادث عنف من دون رد.

وذكر مصدر اسرائيلي سياسي رفيع المستوى، امس، ان الادارة الأميركية بدأت الضغط على الرئيس عرفات ليدرك ان هناك رياحاً جديدة ايضاً في البيت الأبيض. وقال ان وزير الخارجية الأميركي، كولن باول، أجرى محادثة قاسية مع عرفات، فجر امس، أبلغه فيها ان «الادارة الجديدة ستلاقي صعوبات جمة في الكونغرس لتمرير المساعدات المالية المقررة للسلطة الوطنية، طالما انه لا يتعامل بحزم مع قوى الارهاب الفلسطينية».

من جهته، اتهم عرفات اسرائيل بالمسؤولية عن تصعيد التوتر. وقال ان الاعلام الاسرائيلي الرسمي يحاول الظهور أمام العالم كضحية للارهاب الفلسطيني، بينما الحقيقة انها تتصرف كدولة ارهاب ضد الشعب الفلسطيني بأسره. فتدير سياسة حصار رهيب وتنفذ اغتيالات بشعة وتستخدم أسلحة محرمة دولياً تتضمن الغازات السامة.

وقال وزير الحكم المحلي الفلسطيني الدكتور صائب عريقات، ان اسرائيل تتعامل مع العالم على انه أعمى وأخرس وأطرش «فهي تدير حرباً تدميرية ضد شعبنا، وتنسف عملية السلام من أساسها ثم تتظاهر بأنها ضحية». وقال: «انهم يتجهون الى اليمين، حكومة وسياسة وشعباً. ويشددون سياسة الارهاب والقمع ضدنا. ويديرون سياسة خنق وتجويع واذلال ضد شعبنا. ويحاولون التغطية على ذلك بحملات دعائية مبنية على الأكاذيب».

وخلال هذه الدوامة، خرج مسؤول عسكري اسرائيلي كبير لم يرد الافصاح عن اسمه، بتهديدات حربية صريحة ضد الفلسطينيين. فقال لمراسل الاذاعة الاسرائيلية ان قيادة الجيش أعدت خطة لمواجهة الارهاب، في حالة استمرار تشجيعه من قبل السلطة الفلسطينية، تقضي بالوصول الى كل مشجعي الارهاب في القيادة «واذا احتاج الأمر فاننا لن نتردد في اقتحام المدن الفلسطينية (منطقة «أ» الخاضعة للسيادة الفلسطينية المطلقة) وضرب تلك القيادات بلا رحمة.

وقال ان هناك سياسة جديدة تتبع ضد شخصيات فلسطينية رفيعة، بضمنها الرئيس عرفات نفسه. وأشار الى ملامح هذه السياسة بالتصرف الذي قام به جنود الاحتلال الاسرائيلي على جسر اللنبي، ليلة أول من امس، حين اوقفوا سيارات ثلاثة من القادة الفلسطينيين والمفاوضين البارزين في عملية السلام، هم وزير الاعلام والثقافة، ياسر عبد ربه، ووزير الحكم المحلي، عريقات، ورئيس جهاز الأمن الوقائي في غزة، محمد دحلان، وطلبوا تفتيشها. ورفض المسؤولون الفلسطينيون ذلك، فرد الاسرائيليون بمنع دخولها. ولذلك اضطر عبد ربه ودحلان وعريقات الى الدخول مشياً على الأقدام.