مصر ترشح عمرو موسى لأمانة الجامعة العربية واليمن يسحب مرشحه بعد مكالمة هاتفية بين مبارك و صالح

أحمد أبو الغيط الأوفر حظا لتولي حقيبة الخارجية المصرية * دبلوماسيون يتوقعون تنشيط دور الجامعة وآخرون يخشون تأثير مشاكلها على طموحات الأمين الجديد

TT

اكدت مصر رسميا امس ترشيح وزير خارجيتها عمرو موسى لتولي منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفاً للدكتور عصمت عبد المجيد الذي تنتهي فترة ولايته الثانية في منتصف شهر مايو (أيار) المقبل بعد عشر سنوات متتالية أمضاها في هذا المنصب الذي أثير حوله وبسببه المزيد من الجدل الذي لم يتوقف حتى الآن. وجاء هذا الاعلان بعد اعلان اليمن سحب ترشيحه لمحسن العيني للمنصب.

الى ذلك ذكرت مصادر دبلوماسية مصرية واسعة الاطلاع ان رئيس بعثة مصر في الامم المتحدة السفير احمد ابو الغيط هو الشخص الأوفر حظاً لتولي منصب وزارة الخارجية المصرية خلفاً لعمرو موسى.

يذكر ان موسى قبل توليه الخارجية المصرية كان يشغل منصب مندوب مصر الدائم بالمنظمة الدولية وكذلك سلفه عصمت عبد المجيد وكان الرئيس المصري حسني مبارك قد اتصل أول من أمس هاتفياً مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تطرق الى مسألة انتخاب أمين عام للجامعة العربية خلال الاجتماعات المرتقبة للقمة العربية التي ستعقد على مستوى القادة والرؤساء العرب في السابع والعشرين من شهر مارس (آذار) المقبل.

وقالت الصحف اليمنية الصادرة أمس ان الرئيس مبارك عبر خلال المكالمة عن تطلعه في سحب اليمن لمرشحه محسن العيني (الذي وصفته الصحف اليمنية بالشخصية السياسية البارزة) رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق منوهاً بما يربط بين البلدين الشقيقين من أواصر متينة وعلاقات أخوية خاصة ومتميزة.

ونقلت الصحف اليمنية (26 سبتمبر والثورة) عن الرئيس مبارك تأكيده بأن مصر سوف تتقدم بمرشحها لمنصب الأمين العام للجامعة العربية وزير خارجيتها الحالي عمرو موسى وبما من شأنه تنشيط مؤسسة الجامعة العربية وتفعيل آليات العمل فيها ولما يخدم العمل القومي المشترك.

وأوضحت ان الرئيس اليمني قد أكد بدوره خلال هذه المكالمة بأن تقدم اليمن بمرشحه قد جاء انطلاقاً من حرصه على تفعيل آليات العمل العربي المشترك وتنشيط وتعزيز دور الجامعة العربية بما يجعلها قادرة على مواكبة كافة المتغيرات وخدمة الأهداف القومية العليا.

وأشار الرئيس اليمني الى انه وفي إطار ما يربط بلاده مع مصر من روابط وأواصر متينة وعلاقات أخوية حميمة وخاصة معمدة بدماء وتضحيات الشهداء الأبرار من أبناء الشعبين الشقيقين فان اليمن سوف يستجيب لطلب الرئيس مبارك وسوف يقوم بتجميد ترشيحه لمحسن العيني لمنصب الأمين العام للجامعة العربية.

ونقلت الصحف اليمنية عن الرئيس علي عبد الله صالح اشادته بعمرو موسى وزير الخارجية المصري والمرشح لهذا المنصب كشخصية سياسية مجربة لها دورها في خدمة العمل القومي وقادرة على التعامل مع كافة المتغيرات والمستجدات ولما من شأنه خدمة أهداف وتطلعات الأمة العربية.

ولوحظ ان الاعلان عن التوصل لاتفاق وتفاهم ثنائي بين الرئيسين مبارك وصالح صدر أولا من صنعاء، بينما لم تكن وسائل الاعلام المصرية قد نقلت نبأ هذا الاتفاق حتى ساعة كتابة هذا التقرير، وبدا من اللهجة الاعلامية التي تعاطت بها صنعاء مع الاتصال الهاتفي الذي تم مساء أول من أمس بين الرئيسين انه لم تكن هناك أدنى مشكلة حقيقية في طريق ترشيح موسى بعدما قرر اليمن سحب مرشحه محسن العيني.

وتلقى العيني اتصالاً هاتفياً من الرئيس اليمني علي عبد الله واثر انتهاء مكالمته مع الرئيس مبارك وضعه خلاله في صورة هذا الاتفاق وأبلغه بان اليمن قد قرر العدول عن ترشيحه لمنصب الأمين العام للجامعة العربية ودعم المرشح المصري في المقابل.

الى ذلك بات من المتوقع ان يجري الرئيس المصري حسني مبارك تعديلاً وزارياً محدوداً في الحكومة الحالية التي يترأسها الدكتور عاطف عبيد يخرج بمقتضاه عمرو موسى من منصبه كوزير للخارجية الذي أمضى فيه قرابة عشر سنوات تمهيداً لتوليه منصب الامين العام للجامعة العربية.

وأوضح المصدر الذي طلب عدم تعريفه ان مصر سوف تطلب من وزراء الخارجية العرب في الاجتماع الذي سيعقدوه عشية انعقاد القمة العربية في الاردن في السابع والعشرين من الشهر المقبل، تأكيد الترشيح لموسى لخلافة الدكتور عبد المجيد، ومن المقرر ان يرفع وزراء الخارجية العرب توصية في هذا الشأن الى القادة العرب في قمتهم المرتقبة لاقرار الترشيح بشكل نهائي.

وسيكون عمرو موسى هو سادس أمين عام للجامعة العربية منذ انشائها عام 1945 علماً بأنه سيكون ايضا رابع وزير خارجية مصري يتولى هذا المنصب بعد كل من عبد الخالق حسونة ومحمود رياض وعصمت عبد المجيد.

وقال دبلوماسيون عرب في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» ان ترشيح موسى لخلافة الدكتور عبدالمجيد قد أنهى بشكل عملي الجدل حول هذا المنصب بالنظر الى التجربة الدبلوماسية والخبرة السياسية التي يتمتع بها موسى وتؤهله لشغل هذا المنصب عن استحقاق.

ويتوقع هؤلاء ان يجري موسى تغييرات جذرية في أسلوب عمل الأمانة العامة للجامعة العربية بما يتواكب مع الظروف الراهنة على المستويين الاقليمي والدولي.

وشهدت أروقة الجامعة العربية في مقرها المطل على نيل القاهرة أمس اتصالات مكثفة قام بها عدد من السفراء والمندوبين العرب لتأكيد خبر ترشيح موسى لخلافة الدكتور عبدالمجيد.

وأكد سفير عربي ـ طلب من «الشرق الأوسط» عدم تعريفه ـ ان ترشيح موسى سينعكس بالإيجاب على أي دور محتمل ستقوم به الجامعة العربية للمصالحة وتنقية الأجواء العربية وإزالة الرواسب التي علقت بالنظام الاقليمي العربي من جراء أزمة الدخول العراقي للكويت في الثاني من اغسطس (آب) .1990 واعتبر ان الشعبية التي يحظى بها موسى داخل مصر وخارجها سوف تجذب الانتباه أكثر لأنشطة الجامعة العربية على نحو يساهم في حدوث نقلة نوعية للتقريب بين الجامعة والرأي العام العربي.

لكن مصادر دبلوماسية غربية أبدت مخاوف من ان تعدد المشاكل المتراكمة داخل الجامعة العربية قد تؤدي الى الحد من قدرة موسى على حلها.

وأوضحت ان الأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها الجامعة نتيجة لعجز مالي وصل الى مائة مليون دولار اضافة الى ترهل الجهاز الاداري للجامعة كلها عوامل قد تعطل من أي دور طموح لوزير الخارجية المصري، مشيرة الى ان تجاوز هذه المشاكل سوف يؤدي بالضرورة الى تعظيم دور الجامعة العربية على المستوى القومي والاقليمي.

وكان عمرو موسى نفسه قد أعلن أمس الأول عن ان هناك ضرورة لتفعيل دور الجامعة العربية مع استمرار تنامي التنسيق العربي، ولوحظ ان موسى اشاد في نفس التصريح بسلفه الدكتور عبد المجيد والدور الذي قام به خلال السنوات العشر الماضية.

.