محاكمة شبكة بن لادن في نيويورك: الادعاء يحاول إثبات أن وديع الحاج مسؤول عسكري مهم في تنظيم القاعدة

TT

سعى فريق الادعاء الأميركي في اليوم الخامس من محاكمة المتهمين بتفجير السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا الى استراتيجية تهدف الى التأكيد على ان دور المتهم وديع الحاج في تنظيم القاعدة كان أساسياً ولم تقتصر علاقته بتنظيم «القاعدة» على انه كان السكرتير الخاص لأسامة بن لادن.

وحاول الادعاء من خلال تقديم شاهدين في جلسة يوم الأربعاء البرهنة على ان وديع الحاج يقوم بدور مهم في التنظيم الذي يتزعمه بن لادن. ويواجه الحاج (40 سنة) المتهم مع الآخرين بتفجير السفارتين في دار السلام ونيروبي في مايو (أيار) 1998 عقوبة السجن مدى الحياة في حال ثبوت التهمة ضده. وكان الشاهد الأول السوداني جمال احمد الفاضل قد ادعى انه على معرفة جيدة بوديع الحاج أثناء عمله في تنظيم القاعدة في السودان. وكان شاهد الادعاء الثاني ابو طارق المصري الذي يدعى عصام محمد الرضي وهو مصري الجنسية وطيار مدني اكد لهيئة المحلفين ان وديع الحاج الذي تعرف عليه في بداية الثمانينات كان وسيط أسامة بن لادن لشراء طائرة من الولايات المتحدة من طراز (تي ـ 39) وهي تشبه طائرة من طراز سابر ـ 40. وقال الشاهد ان الغرض منها كان لنقل صواريخ ستينجر الفتاكة التي استخدمها المجاهدون الأفغان ضد القوات السوفياتية في افغانستان. وذكر الشاهد ان أسامة بن لادن كان يريد شحن هذه الصواريخ من مدينة بيشاور الباكستانية الى الخرطوم. ورداً على أسئلة الادعاء قال الشاهد انه «كان يمكن القيام بنقل الصواريخ اذا اتخذت الاجراءات المناسبة» وذكر بأنه لم يقم بالمهمة نظراً للعرض الشحيح الذي عرضه أسامة بن لادن للعمل معه لقاء راتب شهري لا يتجاوز 1200 دولار. والشاهد الذي حصل على الجنسية الأميركية كان قد التحق بالمجاهدين الأفغان في الثمانينات وتعود علاقته بوديع الحاج منذ تلك الفترة واستمرت حتى وجود الحاج مع أسامة بن لادن في السودان.

الشاهد الثالث الذي استجوبه الادعاء شخص يدعى اشيف محمد جمعة وهو تنزاني الجنسية وصهر القائد العسكري لتنظيم القاعدة ابو عبيدة البنشيري (عادل حبيب) الذي توفي عام 1996 في حادثة غرق سفينة ببحيرة فكتوريا في تنزانيا.

وذكر الشاهد آشيف محمد جمعة انه تعرف على ابو عبيدة البنشيري في نيروبي وكان يكنى باسم «جلال» ويضيف بأنه تزوج احدى اخواته في نيروبي وبعد ذلك انشأ ابو عبيدة شركة للتعدين في تنزانيا وطلب من الشاهد العمل معه لقاء اجر قدره 200 دولار شهرياً. واستمر بالعمل معه لمدة ستة أشهر حتى وفاة ابو عبيدة الذي يعتقد انه كان المسؤول العسكري في تنظيم القاعدة.

وسرد الشاهد تفاصيل غرق السفينة حيث كان معه في منطقة لوزانا في تنزانيا يوم 21 مايو (ايار) عام 1996، وقال انه بعد الحادثة جاء صديق لأبو عبيدة من نيروبي يدعى فزول (فضل هارون) الذي تتهمه السلطات الأميركية بتفجر السفارة الأميركية في تنزانيا ولم تعثر السلطات عليه حتى الآن. ويذكر الشاهد ان فزول كان يجيد اللغة السواحلية وكان ذا بشرة داكنة وقصير القامة. وأكد الشاهد لهيئة المحلفين انه لا يعرف في ما اذا كان صهره الذي يعرف بجلال يكنى بأبو عبيدة البنشيري او انه عضو في تنظيم القاعدة. وقال «انه لم يسمع آنذاك حتى باسم أسامة بن لادن».

وأبلغ الشاهد هيئة المحلفين انه بعد غرق ابو عبيدة جاء شخص الى تنزانيا يدعى وديع الحاج وتعرف عليه في قاعة المحكمة. وقال «ان وديع مكث لمدة اسبوعين هناك» وكان يلتقيه يومياً. وأضاف «كنا نحاول العثور على جثة ابو عبيدة للتأكد من موته». وذكر الشاهد انه أثناء ذلك الوقت أثار وديع الحاج موضوع استرداد أموال اشترى فيها ابو عبيدة لصهره سيارة في تنزانيا، وقال ان المبلغ يصل الى حوالي 18 ألف دولار وان ابو عبيدة تسلمها من صديق له يدعى محمد كرامة. ولم يتمكن الشاهد من استرجاع الأموال وغادر وديع الحاج تنزانيا وبعد فترة وجه رسالة الى الشاهد عرضها الادعاء في قاعة المحكمة يطالب فيها باسترداد الأموال، لكن الشاهد لم يرد على الرسالة. وقال الشاهد انه بعد فترة ستة أشهر جاء وديع الحاج برفقة محمد كرامة وطالبا بالأموال غير انه لم يستطع ان يردها اليهما.

وأوضح الشاهد انه بعد انفجار السفارة الأميركية في دار السلام تسلم رسالة من مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف. بي. آي) تؤكد له بتوفير الحماية له ولأفراد عائلته البالغين 17 فرداً لقاء شهادة في المحكمة والاقامة في الولايات المتحدة وتكفل مكتب التحقيقات الفيدرالي بتغطية تكاليف الاقامة لمدة سنة بمبلغ يصل الى 300 ألف دولار. وشكك جوشا دراتيل محامي وديع الحاج في بعض أقوال الشاهد آشيف محمد جمعة وأثار مسألة علاق شقيقه بفزول (فضل هارون) وهل تسلم رسالة من مكتب التحقيقات الفيدرالي تؤكد هذه العلاقة. ففي البداية أنكر الشاهد وجود مثل هذه الرسالة وقام الدفاع بتسليم نسخة منها الى الشاهد الذي اعترف بها.

وأكد الدفاع للشاهد انه لم يعرض رسالة وديع الحاج التي تطالبه باسترداد الأموال الى مكتب التحقيقات الفيدرالي اثناء استجوابه يوم 17 اكتوبر (تشرين الاول) عام 1998 واعترف انه قدم الرسالة في العام الماضي.

واستجوب المحامي جوشا دراتيل الشاهد عصام محمد فضلي وشكك ايضاً في بعض اقوال الشاهد لكنه اعترف ان اسمه وصل الى مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل اعتقال وديع الحاج بعد ان قام المكتب بمصادرة الكومبيوتر الشخصي للحاج حيث وجدوا اسم الشاهد فيه. وبعد ان حاول الادعاء البرهنة على الدور المهم الذي لعبه وديع الحاج في تنظيم القاعدة قام الادعاء بتلاوة ما أسموه بـ«بيان الجهاد» الذي صدر باسم أسامة بن لادن الذي ورد فيه ذكر الشيخ عمر عبد الرحمن المتهم بمؤامرة تفجير مبنى الأمم المتحدة والنفق الذي يربط مانهاتن بولاية نيوجرسي عام 1993. واستغرقت تلاوة البيان الذي صدر عام 1996 اكثر من عشرين دقيقة يدعو فيه بن لادن للجهاد ضد الوجود الأميركي في منطقة الخليج ويدعو الى اقامة انظمة اسلامية. وكان البيان خاتمة جلسة اليوم الخامس الذي حاول من خلاله الادعاء البرهنة على ان تنظيم القاعدة الذي يقوده أسامة بن لادن كرس نفسه لقتل القوات الأميركية وضرب الأهداف الأميركية سواء في منطقة الخليج او في افريقيا. وكانت هذه الاستراتيجية العامة للدفاع منذ تقديمه للشاهد السوداني الأول جمال الفاضل الذي كان عضواً في القاعدة وادعى ان مصريين في تنظيم القاعدة اقترحوا عام 1994 تفجير السفارة الأميركية بالعاصمة السعودية الرياض.