خبراء أميركيون: بن لادن بنى «دولة افتراضية» بدون حدود ويحاول تشكيل «حلف وارسو إرهابي»

TT

يوجد لدى تنظيم القاعدة جيش من المتشددين المقاتلين واقتصاد خاص ايضا، حيث يدير زعيمه كل شيء من شركات المقاولات في الشرق الاوسط الى مزارع السمسم في السودان.

وفي التسعينات قرر اسامة بن لادن ان تنظيم القاعدة في حاجة الى شيء اكثر من ذلك، وهو تحالفات اجنبية. ويشير المدعون الفيدراليون الاميركيون الى انه خلال التسعينات عمل زعماء القاعدة على تشكيل تحالف ثلاثي مع الجبهة الاسلامية في السودان وعناصر الحكومة الايرانية، الا ان حلف «الناتو» الأصولي لم يتبلور. ولكن مجرد تخطيط بن لادن له يوضح مدى طموحاته طبقا لاراء عدد من المسؤولين الاميركيين.

وربما تمكن بن لادن في محاولته لشن «الجهاد» على الولايات المتحدة، من تكوين شيء اكبر بكثير من مجرد جماعة حرب عصابات واكثر تعقيدا من مؤسسة متعددة الجنسيات. يمكن ان يطلق عليه اسم «دولة افتراضية» او «جمهورية جهادستان». ويشير ريتشارد روسكرانس خبير الارهاب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي «لدى هذه الخطة جوانب مماثلة لجوانب الدولة ولكن بلا حدود دولة».

الا ان هذا لا يعني ان بن لادن قد حل محل الاتحاد السوفياتي ـ او حتى العراق ـ في ميزان الخطر على المصالح القومية الاميركية. ان تركيز التهديدات الارهابية في شخص واحد، كما تفعل وسائل الاعلام وبعض المسؤولين الاميركيين، يضخم نفوذ وقوة هذا الشخص. ويوضح جيدوين روز نائب مدير دراسات الأمن القومي في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك ان تنظيم القاعدة ليس غير محكم التنظيم ولا هو شبكة تحركها الدوافع الايديولوجية بطريقة لم يحدث لها مثيل في التاريخ الغربي. فقبل قرن تمكنت جماعة ارهابية هم «الفوضويون» من إحداث فوضى حول العالم.

وفي الفترة ما بين 1894 و1901 اغتال الفوضويون رئيس فرنسا ورئيس وزراء اسبانيا وامبراطورة النمسا وملك ايطاليا ورئيس الولايات المتحدة وليام ماكنلي.

ويشير روز الى «اننا نسينا مدى نجاحهم. فلنتخيل ما هو الوضع اذا تمكنت جماعة من اغتيال هذا العدد من رؤساء الدول اليوم».

الا ان شبكة بن لادن تشكل الاشياء القادمة في عصر الارهاب المعاصر. فقد تضاءل رعاية الجماعات الارهابية من قبل دول، وحل محلها دول افتراضية مثل تنظيم «القاعدة» التي ليس لديها اية بنية تحتية منظورة للهجوم عليها ولا موقع يمكن للعقوبات الاقتصادية ان تكون فعالة.

وكان رئيس وكالة الامن القومي الاميركية قد اشتكى علنا من ان استخدام القاعدة لـ«الانترنت» والتقنية المشفرة قد تغلبت على محاولات الغرب التنصت عليها. بينما ذكر مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينت للكونجرس الشهر الحالي ان بن لادن وشبكته هم الخطر المباشر والخطير عبر الحدود الذي يهدد الولايات المتحدة.

كما يشعر المسؤولون بالقلق من ان شبكة بن لادن سترتبط بعدد آخر من الشبكات لكي تتحول الى ما يشبه حلف «وارسو ارهابي». واوضحت دراسة مؤخرا لوكالة الاستخبارات المركزية للعالم سنة 2015 انه وإن لم يكن مرجحا في المستقبل، فمن الممكن «ان يؤدي الاتجاه نحو شبكات ارهابية متنوعة عابرة للقارات الى تشكيل تحالف ارهابي دولي بأهداف متعددة معادية للغرب ويملك اسلحة دمار شامل. تجدر الاشارة الى ان مفهوم «جهاد ستان» اصبح تحت المنظار في الايام الاخيرة بسبب المحاكمة الجارية الان في نيويورك لاربعة من اتباعه بتهم التآمر على تفجير السفارتين الاميركيتين في كل من تانزانيا وكينيا في اغسطس (آب) عام 1998.

وقد قدم جمال احمد الفضل شاهد الاثبات الاول في القضية صورة تفصيلية لمنظمة بن لادن. ووصف مقر التنظيم السابق في الخرطوم حيث يوجد مقر بن لادن ومكاتب الموظفين حيث يجري العمل مثلما يجري في اي شركة اخرى في العالم، ما عدا انها تتعامل مع اشياء مختلفة مثل شراء جوازات السفر المزورة وشراء اليورانيوم ومواد الاسلحة الكيماوية.

وفي الوقت الذي تقدم فيه شركات الكومبيوتر في وادي السيلكون لموظفيها الكابتشينو وغرف الالعاب، تقدم «القاعدة» مكافآت على شكل كميات من السكر والشاي وزيوت الطهي. كما وصف الفضل السياسة الخارجية الناشئة لتنظيم القاعدة. فلدى القاعدة علاقات مع عدد من المنظمات المختلفة بما فيها البعض في لبنان وليبيا واليمن وسورية والفلبين والشيشان.

كما منح تصاعد العنف الفلسطيني ـ الاسرائيلي جماعة بن لادن الفرصة لتوسيع نشاطها. ففي مؤتمر عقد في بيروت الاسبوع الحالي انضم ممثلو بن لادن الى ممثلي حماس والجهاد الاسلامي وغيرهما من الجماعات وتعهدوا بالعمل على طرد غير المسلمين من القدس.

ووصف ديفيد شانكر من معهد سياسة الشرق الادنى في واشنطن اللقاء بأنه «لقاء المتفاهمين». فالقضية الاساسية لابن لادن هي طرد القوات الاميركية من الخليج ولكنه على استعداد للعمل مع التيارات الاخرى على المدى القصير».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ «الشرق الاوسط»