المليونير ريتش الذي عفا عنه كلينتون ساعد في نقل اليهود في إثيوبيا واليمن لإسرائيل

TT

«الشرق الأوسط» والوكالات اتخذت قضية رجل الاعمال الاميركي الهارب مارك ريتش الذي عفا عنه الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون في اللحظات الاخيرة، ابعادا جديدة بعدما تبين ان اسرائيل لعبت دورا في العفو عنه. في الوقت الذي انتقد فيه رئيس اكبر المذاهب اليهودية في الولايات المتحدة الزعماء اليهود الذين تدخلوا من اجل العفو عن ريتش، واصفا الامر بأنه «لطخة اخلاقية على اليهود». وعلى صعيد التحقيق اعد المحققون في الكونجرس مذكرات استدعاء لثلاثة من مساعدي كلينتون الذي اكد انه لم يتصرف بطريقة خاطئة.

فعندما سعى رجل الاعمال الاميركي الهارب مارك ريتش الى الحصول على عفو من الرئيس كلينتون، ذكر مساعدوه ان اصدقاء اقوياء في اسرائيل تدخلوا لمساعدته، بمن فيهم رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود باراك ورئيس الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد).

وذكر ممثل الملياردير الهارب في اسرائيل عميل الموساد السابق افنير ازولاي انه ساعد على جمع شهادات لعبت دورا في الحصول على العفو الرئاسي الذي صدر في اللحظات الاخيرة لعهد كلينتون. وهو الموضوع المعروض على لجان الكونجرس وتحقق فيه الهيئات الفيدرالية الاميركية.

وقال ازولاي انه يعتقد ان من بين اسباب منح كلينتون العفو لريتش دوره، اي ريتش، في مساعدة اسرائيل على اخراج اليهود من اثيوبيا واليمن.

غير انه وفي تبادل للرسائل الالكترونية مع محامي ريتش في الولايات المتحدة، اقترح ازولاي الضغط على زوجة الرئيس كلينتون هيلاري كلينتون التي تلقت تبرعات من زوجة ريتش السابقة دنيس لاقناع الرئيس بمنح العفو. وكانت صحيفة «نيويورك بوست» قد نقلت عن المتحدث السابق للبيت الابيض جاكي سيورت قولها «ان حكومة اسرائيل تعتبر ريتش حليفا هاما والرئيس وضع ذلك في الاعتبار عندما درس طلب العفو».

تجدر الاشارة الى ان ريتش، وهو من مواليد بلجيكا، نشأ في الولايات المتحدة ولكنه تخلى عن جنسيته الاميركية. وهو يحمل كلا من الجنسيتين الاسرائيلية والاسبانية ويعيش في سويسرا قبل ادانته بتهم التهرب من ضرائب قيمتها 48 مليون دولار اميركي، والتزوير والمشاركة في اتفاقيات نفطية غير قانونية مع ايران. وخلال العشرين سنة الماضية تبرع بما تتراوح قيمته بين 70 الى 80 مليون دولار اميركي للمستشفيات الاسرائيلية والمتاحف وفرق الموسيقى الكلاسيكية ولاستيعات المهاجرين الجدد. وقال ازولاي انه تم الحصول على الشهادات الايجابية من الشخصيات الاسرائيلية المعروفة بخصوص ريتش بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس الصندوق الذي اقامه في اسرائيل وتصل قيمته الى ملايين الدولارات، ونفى ان الهدف الاصلى هو استخدامها من اجل العفو. وبعدما قرر فريق ريتش القانوني السعي من اجل العفو، تم استخدام بعض الشهادات. ورفض ازولاي تحديد عدد الشهادات التي تم جمعها، ولكنه اكد ان باراك ورئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق شيمعون بيريس قد تحدثا مع كلينتون بخصوص ريتش. وقد اكد المتحدث باسم باراك ان باراك، اثار الموضوع خلال اتصالات تمت مؤخرا مع كلينتون، ولكن رفض الادلاء بأي تفاصيل. بينما رفض بيريس التعليق. وقد تردد اسم باراك كثيرا في رسائل متبادلة عبر الانترنت، حصل عليها الكونجرس وتعتبر الان جزءا من السجلات القومية.

وفي احدى هذه الرسائل، اقترح ازولاي مطالبة البيت الابيض بتأخير اتخاذ قرار الا بعدما توجه عدد من الشخصيات الاسرائيلية مثل باراك وشلومو بن عامي وزير الخارجية الاسرائيلي نداءات.

وفي رسالة الكترونية اخرى اوضح روبرت فينك وهو واحد من فريق ريتش القانوني، لازولاي اهمية الدعم الاسرائيلي على اعلى المستويات.

وطلب ازولاي من فريق ريتش القانوني الحفاظ على اسم رئيس الوزراء الاسرائيلي بعيدا عن اجهزة الاعلام. وفي الوقت نفسه اشار رئيس الموساد السابق شابتاي شافيت انه اوصى كلينتون بالعفو عن ريتش لان اعمال الملياردير ساعدت في اخراج اليهود من اثيوبيا والسودان واليمن ـ وهي دول ليست لديها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل. وكان شافيت الذي ترأس جهاز الموساد في الفترة بين عامي 1989 و1996، قد ذكر في مقابلة مع راديو اسرائيل في الشهر الماضي «عندما يوجد يهودي على استعداد للمساهمة بمثل هذه الطريقة، بتقديم الوسائل والمال والنفوذ، الى آخره، فإنه يستحق الشكر».

وكان ريتش البالغ من العمر 66 سنة قد زار القدس في اوائل شهر يناير (كانون الثاني) الماضي ـ قبل العفو ـ والتقى مع باراك وغيره من الشخصيات السياسية الاسرائيلية، طبقا لما كشفت عن الرسائل الالكترونية. والمعروف انه لم يقم في اسرائيل على الاطلاق، ولكن تبرع لعدد كبير من الجمعيات الخيرية، بما في ذلك جمعية لرعاية الشباب اليهودي الذين يدرسون في معاهد دينية في الضفة الغربية وبرنامج للرعاية الصحية للاطفال الفلسطينيين في قطاع غزة. كما شيد ريتش منزلا للاطفال التوحديين، كما تبرع بملايين الدولارات للمراكز الطبية الاسرائيلية لاجراء ابحاث تطبيقية لعلاج اللوكيميا، المرض الذي قضى على حياة ابنته في عام 1996 وعمرها لم يزد عن 27 سنة. وهو معروف في اسرائيل بتبرعاته لمجال الفنون. فعندما تساءلت صحيفة «هآرتس» عن مبررات قبول تبرعه لبناء جناح جديد لمتحف تل ابيب رد مدير المتحف موردخاي اومر قائلا «مهما كانت الاتهامات ضد ريتش فلم تصدر ضده اي احكام على الاطلاق. نحن مدينون لريتش وممثليه في اسرائيل.

على صعيد آخر ادان رئيس اكبر المذاهب اليهودية في الولايات المتحدة تدخل الشخصيات اليهودية من اجل العفو عن ريتش. وتساءل الحاخام يوفي «لماذا يهتمون رجلا تعامل تجاريا بطريقة غير قانونية ليس فقط مع ايران ولكن مع العراق وليبيا وهي دول شاردة مكرسة لتدمير اسرائيل؟ الاجابة بسيطة: تم شراؤهم».