الجينوم البشري يفجر مناقشات علمية ساخنة حول الأعراق والأجناس

TT

«الشرق الأوسط» ستكون نتائج ابحاث الاطلس الوراثي (الجينوم) البشري، ودور المورثات في تحديد الاعراق والاجناس، وتعرض بعض افراد المجموعات العرقية الى انواع معينة من الامراض، محور مناقشات ساخنة في اعمال اللقاء السنوي لجمعية «تقدم العلوم الاميركية»، التي انطلقت امس في سان فرانسيسكو. واللقاء هو اكبر ندوة علمية في العالم، اذ يشارك فيه حوالي 3 آلاف باحث من مختلف انحاء العالم، يحضرون مئات المحاضرات والحلقات على مدى خمسة ايام. ويغطي اللقاء حوالي الف صحافي! وتشمل التقارير المقدمة، استكشاف الفضاء وطرق الانتاج الزراعي الحديثة للتغلب على المجاعات، الا ان اغلب المناقشات ستدور حول آفاق الاستفادة من نتائج الابحاث المعمقة حول الجينوم البشري التي نشرت قبل ايام. وسيحتل الدور الذي تلعبه المورثات في ظهور الامراض لدى المجموعات المختلفة من الاجناس والاعراق احد محاور النقاش الكبرى.

وعندما كشف الباحثون في الجينوم البشري عن وجود 30 الف مورثة، لا يلعب سوى عدد قليل منها دوره في تحديد الجنس ولون البشرة، فانهم عبروا عن حقيقة صارخة هي ان الاجناس والاعراق لم تعد تشكل موضوعا علميا للنقاش، لان ما يشترك فيه كل انسان، بغض النظر عن عرقه، اكبر بكثير مما يختلف به. وقال باحثو شركة «سليرا جينومكس» التي شاركت بشكل فعال في ابحاث الجينوم، ان الاعراق والاجناس لم تعد تشكل مسألة علمية. وصرح اريك لاندر مدير مختبر جدولة الجينوم البشري في معهد وايتهيد الاميركي، وهو احد المعاهد الذي ساهم بقوة في ابحاث الجينوم العالمية، ان اي شخصين على وجه الارض يتشابهان في 99.9 في المائة على المستوى الجزيئي لتركيب جسميهما. ولذلك فان الاختلافات العرقية ليست عميقة الا بعمق الجلد وسمكه! لكن هذا يمثل الجانب المشرق من الدراسة لانه يؤكد وحدة البشرية، ويعرقل جهود الساعين الى البحث عن الاختلافات البيولوجية لنشر الكراهية العنصرية. اما الجانب الآخر فيتمثل في ان النسبة المئوية الضئيلة من المورثات التي تقود الى اختلاف في لون الشعر مثلا، تؤدي الى ظهور امراض معينة للافراد الحاملين لها، كما تحدد نوع استجاباتهم للعقاقير الطبية الموجهة لعلاجها.

وتحتوي هذه النسبة الضئيلة من الاختلافات الوراثية على تركيبات قدرتها ابحاث شركة «سليرا» بـ1.5 مليون تركيبة. ويتخوف الكثير من العلماء ان تقود المعلومات التي تستخلص حول هذه التركيبات اوتوماتيكيا الى محاولة ربط الاعراق الحاملة لها بنوع من الامراض دون غيرها، مما سيقود الى تمييز عرقي «مسند علميا». لكن الدكتور تروي داستر الباحث في علوم الاجتماع في جامعة كاليفورنيا في بيركلي الذي كان من المقرر ان يتحدث امس في لقاء الجمعية الاميركية، يؤكد قناعته بضرورة عدم التخلي عن دراسة الاعراق، وابقائها على جدول اعمال باحثي الجينوم، وبخلاف ذلك سيصعب وضع التوقعات حول الامراض المحتملة لفئات السكان. وعبر داستر، من جهة اخرى، عن قلقه من مشاريع يزمع العلماء تنفيذها لدراسة الاختلافات بين المورثات لدى افراد من مختلف الاعراق، لان ذلك سيؤدي الى التمييز العنصري. ويزمع مركز سانجر البريطاني في كمبردج، على سبيل المثال، البدء بمشروع من هذا القبيل باستخدام 400 الف اختبار لدراسة الاختلافات الوراثية بين البشر. ويأمل باحثو المعهد، الذي ساهم مساهمة فعالة في ابحاث الجينوم الدولية، في تحديد الاهمية الطبية للاختلافات الوراثية لمجموعات من الاميركيين السود والاميركيين البيض والاميركيين الآسيويين.