غليان في حزب العمل الإسرائيلي بعد قرار باراك تسلم وزارة الدفاع في حكومة شارون

64% من الإسرائيليين يقولون ان رئيس الوزراء المنصرف فقد مصداقيته

TT

في الوقت الذي يضع فيه قادة حزبي العمل والليكود اللمسات الأخيرة على اتفاق التحالف بينهما الذي يقضي بتشكيل حكومة وحدة قومية، يرأسها ارييل شارون، ويكون نائب الرئيس ووزير الدفاع فيها، ايهود باراك، يسود الغليان داخل حزب العمل وكل معسكر السلام ضد باراك وجماعته، وتسمع كلمات واتهامات لم تستخدم في حزب اسرائيلي من قبل ضد زعيمه، ويهدد بعض النواب بالانقسام.

وأعلنت مجموعة من نواب العمل، في مقدمتهم وزير الدخلية حاييم رامون (الذي اقترح عليه شارون منصب وزير) ويوسي بيلين (وزير القضاء حالياً) وشلومو بن عامي (وزير الخارجية حالياً)، انهم سيعملون من الان وحتى يوم الاثنين المقبل على تجنيد اكبر عدد من اعضاء اللجنة المركزية للحزب، ليصوتوا ضد اتفاق الوحدة ويسقطوا اقتراحات باراك لترشيح وزراء الحزب في الحكومة.

وكان شارون وباراك قد اتفقا على تشكيل الحكومة المشتركة، في جلسة الليلة قبل الماضية من امس عقدت في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب. وأهم بند فيها الابقاء على الخطوط العريضة للحكومة، كما أعلنت وسط الأسبوع، عمومية جداً ومن دون التزامات محددة. وبذلك، تنازل باراك عن مطلبه في ان تتضمن البنود، اشارة الى اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وتنازل شارون عن مطالبه في ادخال البنود التالية: رفض اجراء مفاوضات مع الفلسطينيين في حالة استمرار المواجهات، رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، الحفاظ على القدس موحدة عاصمة ابدية لاسرائيل، سيادة اسرائيلية على الحرم القدسي ضمن الحل الدائم، التمسك بالسيطرة الاسرائيلية على منطقة غور الأردن.

واتفقا على مواصلة الحوار حول بند ازالة المستوطنات النائية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وهكذا تكون الخطوط العريضة بالأساس: التفاوض مع الفلسطينيين على حلول مرحلية، والسعي لاقامة السلام الشامل مع السوريين والفلسطينيين واللبنانيين على أساس قراري مجلس الأمن رقمي 242 و338، وعدم اقامة اية مستوطنات جديدة، وتوسيع المستوطنات القائمة فقط لأغراض التجاوب مع متطلبات التكاثر الطبيعي وفقط باتفاق الطرفين.

وستتألف الحكومة، حسب الاقتراح الأولي، من 27 وزيراً (بمن في ذلك رئيس الوزراء شارون)، وذلك على النحو التالي:

ـ 7 وزراء لليكود، أحدهم وزير المالية (سلفان شالوم او مئير شطريت).

ـ 7 وزراء لحزب العمل، أبرزهم باراك في وزارة الدفاع وشيمعون بيريس في وزارة الخارجية.

ـ 4 وزراء لحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين.

ـ وزيران لحزب المفدال (الديني القومي) المعروف باعتداله دينياً وتطرفه سياسياً وتمثيله مصالح المستوطنين اليهود المستعمرين في الأراضي الفلسطينية.

ـ وزيران لحزب الاتحاد القومي اليميني المتطرف، وسيكون احدهما رجعام زئيفي، وهو جنرال متقاعد معروف بعنصريته ضد العرب ودعوته الى ترحيلهم عن البلاد.

ـ وزير لحزب اليهود الروس، بزعامة نتان شيرانسكي.

ـ وزير عربي.

ـ وزير لحزب المركز المتحالف مع باراك، بزعامة وزير المواصلات والسياحة، امنون لفكين ـ شاحاك.

ـ وزير لحزب «غيشر» بزعامة ديفيد ليفي، الذي كان قد ترك الليكود وانضم الى تحالف مع حزب العمل، وعاد في هذه الانتخابات الأخيرة للتحالف مع الليكود. فاذا قامت الحكومة على هذه الأسس، فان قاعدتها البرلمانية ستكون 90 من مجموع 120 نائباً، وستبقى في المعارضة فقط الأحزاب التالية: ميرتس (10 نواب)، شنوي (6 نواب)، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (3 نواب)، القائمة العربية الموحدة (قسم من الحركة الاسلامية + الحزب الديمقراطي العربي + جبهة الوحدة الوطنية) ـ 3 نواب، الحزب القومي العربي (2)، «الخيار الديمقراطي» المنشق عن اليهود الروس (3)، شعب واحد ـ وهو حزب الاتحاد العمالي ـ (2).

الهجوم على باراك ويشعر معسكر السلام الاسرائيلي بأن اقدام باراك على دخول الحكومة، على هذا النحو، هو بمثابة طعنة سكين في ظهور اخلص القوى له ولحزبه. واعتبروا هذا التحالف دموياً «فحزب العمل الذي حذرنا حتى اللحظة الأخيرة من المعركة الانتخابية من حكومة سفك الدماء، قدم نفسه خادماً لحكومة الحرب، الذي سيعطي لشارون الغطاء لتنفيذ خططه الحربية».

وقال النائب موشي راز (ميرتس)، الذي كان رئيساً لحركة «سلام الان»، ان تشكيل هذه الحكومة يجب ان يحفز قوة السلام الاسرائيلية على الافاقة من سباتها، والنزول الى الشارع بكل قوة لمكافحة الحكومة «فاما تسير نحو السلام، او تسقط وتفسح المجال لحكومة سلام».

وأعلن وزير الشؤون البرلمانية والقدس في حكومة باراك، حاييم رامون، رفضه لعرض شارون ـ باراك الانضمام الى الحكومة الجديدة. وقال: ليس لي ما أفعله تحت كنف باراك. فهو دكتاتور صغير يتمسك بكرسيه بلا خجل ويتصرف كالطفل أمام شارون ويقع في مطبات الليكود كولد احمق. فلماذا قبل ان يدخل الحكومة في منصب وزير دفاع؟ وماذا سيفعل في هذه الوزارة؟ هل يتباهى بأنه سيقتل عرباً؟

وقال رامون انه يؤيد مبدئياً دخول حكومة شارون، ولكن ليس في مناصب سياسية وعسكرية، بل في الوزارات الاقتصادية: «فالاقتصاد هو الحبل الصري الذي يربطنا بالشعب».

ولم يستبعد المراقبون ان ينضم رامون الى النواب السبعة الذين يهددون بالانشقاق عن حزب العمل، واقامة «الحزب الديمقراطي» مع ميرتس والخيار الديمقراطي وقسم من حزب المركز وربما مع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.

وكانت الصحافة الاسرائيلية قد خرجت، امس، بمقالات نقدية لاذعة ضد باراك، استخدمت فيها كلمات لم يسبق ان ذكرت في الماضي ضد رئيس حكومة.

فكتب امير اورن في «هآرتس» ان «باراك قرر تولي وزارة الدفاع ليصلح ما افسده ودمره وزير الدفاع السابق (أي باراك نفسه)». وكتب يوسي فارتر في الصحيفة نفسها: «لم تعرف اسرائيل قائداً سياسياً بلا كرامة، في تاريخها، مثل باراك».

وكتب سفار فلوتسكر في «يديعوت احرونوت»: «لأول مرة اسمح لنفسي ان افصح أمام قرائي، لمن اوليت بصوتي. لقد صوت لصالح ايهود باراك. وأقول لكم باخلاص انني أخجل من نفسي على هذا التصويت». وكتب ناحوم برنياع، في الصحيفة نفسها: «هناك من يفتش عن غطاء لمؤخرته، يستر به عورته. وباراك فتش عن «كرسي لذلك».

وكتب حيمي شليف، في صحيفة «معاريف»: «فنان في انعدام المصداقية، وبطل في انعدام الكرامة».

وأفاد استطلاع للرأي أجرته «يديعوت احرونوت» امس ان 64% من الجمهور الاسرائيلي فقدوا ثقتهم تماماً بباراك (مقابل 27% ما زالوا يثقون به و47% قالوا انهم يعارضون تعيينه وزيراً للدفاع».

وفي المقابل فان نسبة الجمهور الراغب في الوحدة بلغت 84% و61% يؤيدون تعيين بيريس وزيراً للخارجية و66% قالوا انهم يؤيدون ان يجتمع شارون مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، لاستئناف مفاوضات السلام.