الانتفاضة تعزز رغبة الدروز في عدم الخدمة بالجيش الإسرائيلي

TT

بيت جن (اسرائيل) ـ ا.ف.ب: يرتجف صوت سلمان يوسف وهو يتحدث عن ابنه الجندي الدرزي في الجيش الاسرائيلي الذي قتل في اكتوبر (تشرين الاول) في مواجهات مع الفلسطينيين الذين يعتبرهم مثله اعضاء في اسرة واحدة، هي الاسرة العربية. «هذه ليست حربنا»، يقول سلمان في منزله في بيت جن، احدى البلدات الدرزية العديدة المنتشرة على التلال الخضراء في الجليل الاعلى. وابن سلمان، مدحت (19 عاما)، الذي قتل برصاص فلسطينيين في الضفة الغربية هو الجندي الدرزي الثاني الذي قتل خلال الانتفاضة التي انطلقت في نهاية سبتمبر (ايلول) الماضي وخلفت 410 قتلى معظمهم من الفلسطينيين. والدروز هم المجموعة العربية الاسرائيلية الوحيدة التي ترغم على الخدمة في الجيش الاسرائيلي.

وقال سلمان «انها خدمة الزامية ونحن لا يريحنا ان نخدم في الاراضي (الفلسطينية) لاننا نشعر بداخلنا بان الفلسطينيين اخوة لنا، لكنها الاوامر وليس لدينا خيار آخر». ويثير النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي شعورا بالمرارة والاسى لدى الطائفة الدرزية التي تعد حوالي 100 الف نسمة، في اسرائيل والجولان، يحمل 80 الفا منهم الجنسية الاسرائيلية. ويتساءل العديد من افراد هذه الطائفة عن جدوى تعريض حياتهم للخطر.

ويقول النائب صالح طريف، وهو واحد من نائبين درزيين في الكنيست، «اننا مصابون باحباط حاد. الجيل الجديد لن يقبل ما نقبله نحن اليوم. اننا نبذل دمنا لكننا لسنا مواطنين متساوين في الحقوق».

ولم تكن العلاقات على هذه الدرجة من التوتر بين الاسرائيليين والدروز الذين حاربوا الى جانب الاسرائيليين خلال حرب 1948 من اجل قيام دولة اسرائيل. وبعد ذلك بتسع سنوات، وافق شيوخ الطائفة على ان يؤدي ابناؤها الخدمة العسكرية، وان كان الجيش الاسرائيلي يرفض الكشف عن عدد الجنود الدروز. وقال طريف ان «الشيوخ اعتقدوا ان اداء الخدمة العسكرية يمكن ان يضمن لهم وضعا خاصا ويصون حياتهم ومصالحهم، لكن الامر لم يكن كذلك». ويضيف انه على العكس من ذلك يعاني الدروز من التمييز.

وكان طريف قد احتج في الكنيست في ديسمبر (كانون الاول) لدى رئيس الاركان شاوول موفاز على تمديد انتشار وحدة درزية في الجيش لاحد عشر شهرا اضافية في قطاع غزة. وقال «انهم يضعون الوحدة الدرزية لشهور وشهور على الجبهة». واضاف «اننا نكره ذلك، ولا نريد ان نشارك فيه. لا نريد ان نكون جزءا من الاحتلال. هذا ليس دفاعا عن اسرائيل».

ويؤكد النائب الدرزي ان المساعدات التي تتلقاها القرى والمدن الدرزية تقل بما بين 15 الى 30% عما تتلقاه التجمعات اليهودية، كما تقل المداخيل الشهرية للعاملين الدروز بحوالي 25 الى 35% عن اليهود.

ويقول غابرييل بن دور، الذي ترأس لجنتين حكوميتين للتقرير بشأن التعاطي مع الدروز، ان الجيش يوفر لهذه الطائفة فرصا افضل. ويضيف ان «الجيش يوفر لهم الامن وفرصة ليروا العالم».

لكن الدروز بدأوا يشعرون بالغربة، وفي 6 فبراير (شباط) الجاري انضمت اغلبية منهم الى الناخبين العرب الاسرائيليين في مقاطعة انتخابات رئيس الوزراء احتجاجا على مقتل 13 عربيا اسرائيليا برصاص الشرطة الاسرائيلية خلال مظاهرات تضامن مع الانتفاضة في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي. ويؤكد قيس فرو، استاذ تاريخ الشرق الاوسط في جامعة حيفا، ان بعض الدروز اختاروا السجن بدلا من الخدمة في الاراضي الفلسطينية. ويضيف «العديدون باتوا يشعرون بانهم مثل العرب، وانه لا توجد فروقات بينهم».

وتشهد التلال الوعرة في بت جن على العلاقة غير السوية مع اسرائيل حيث تقود طرق غير معبدة الى منازل مهملة لم يكتمل بناؤها، وان كانت بعض الاعلام الاسرائيلية المغبرة منصوبة على عدد قليل من الاسطح. وفقدت البلدة التي يعيش فيها ثمانية آلاف نسمة 59 من رجالها في الجيش منذ قيام اسرائيل. ويعلق يوسف سلمان صورة لابنه مدحت وزميل له باللباس العسكري الاخضر الزيتوني في كل ارجاء المنزل.

واصيب مدحت في رقبته خلال مواجهات بالقرب من ضريح يوسف في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية في الاسبوع الاول من الانتفاضة. ونزف مدحت لاكثر من خمس ساعات بسبب محاصرة الفلسطينيين للجيش الذي اضاع الوقت في البحث في ما اذا كان ينبغي القيام بمهمة انقاذ قد تخلف مزيدا من الاصابات.

وعندما زار شاوول موفاز العائلة للتعزية، اعاد اثنان من ابناء عم مدحت بطاقتيهما العسكريتين كجنديي احتياط، وقالا له انهما اقسما بالدفاع عن اسرائيل لكنها نسيت ان تقسم دفاعا عن طائفتهما.

ورفعت العائلة الشهر الماضي دعوى لدى المحكمة العليا لارغام الجيش على الاقرار بمسؤوليته عن وفاة مدحت.

وقالت سهام (25 عاما) شقيقة مدحت «لو كان ابن احد كبار الضباط، او ابن موفاز، لفعلوا المستحيل لانقاذه، لكنه لم يكن سوى جندي عادي».

ونفى متحدث باسم الجيش الاسرائيلي وجود اي مشكلات معينة مع الدروز. وقال ان «الدروز يخدمون جيش الدفاع ويقومون بعمل ممتاز. انهم ينتمون بصورة كاملة وحقيقية للجيش الاسرائيلي ولدولة اسرائيل».