واشنطن تعترف بأن مدنيا سبب كارثة الغواصة «جرين فيل» واليابان تتهم البحرية الأميركية بالتراخي

TT

أعلن جون هول، وهو أميركي مدني كان على متن الغواصة النووية «جرين فيل»، أنه هو الذي سحب الذراع الذي أدى إلى طفو الغواصة واصطدامها بالسفينة اليابانية. وكان هول واحدا من 16 مدنيا على متن الغواصة. واضاف إن اعضاء الطاقم كانوا بجواره اثناء اجراء عملية الطفو.

وأوفدت اليابان مبعوثا هو سوشيرو إيتو نائب وزير الخارجية الياباني إلى الولايات المتحدة سعيا للحصول على توضيح كامل لملابسات حادث اصطدام الغواصة النووية الأميركية بسفينة صيد يابانية قبالة سواحل هاواي يوم الجمعة الماضي. وانذرت اليابان الولايات المتحدة بعواقب وخيمة إذا ما تأكد أن إدارة مدنيين لدفة الغواصة النووية الأميركية أسهم في حدوث التصادم مع سفينة صيد يابانية، مما اودى بحياة تسعة يابانيين. واحتج وزير الخارجية الياباني يوهيه كونو لدى نظيره الاميركي كولين باول في مكالمة هاتفية على تخلف الحكومة الأميركية عن إبلاغ المسؤولين اليابانيين بما أسند من دور للمدنيين في هذا المجال. وقال الوزير الياباني لباول إنه من المؤسف أن يكون قد علم بذلك النبأ في تقرير بثه التلفزيون، ونمت تلك الحادثة وتضخمت لتشكل تهديدا لا يمكن تجاهله للعلاقات بين طوكيو وواشنطن.

وانتقدت اليابان بشدة البحرية الاميركية لسماحها بوجود مدنيين في مواقع القيادة على الغواصة النووية. وفي مؤتمر صحافي اتهم وزير الدفاع الياباني توشيتسوجو سايتو البحرية الاميركية بالتراخي. ونشرت إحدى الصحف الأميركية أن قائد الاسطول الاميركي في المحيط الهادئ ابلغ لجنة مجلس الشيوخ بوجود عدد من التساؤلات غير المفهومة حول عدم رؤية سفينة الصيد اليابانية قبل طفو الغواصة، وايضا احتمالات أن يكون وجود مدنيين داخل الغواصة قد شتت انتباه طاقمها اثناء قيامهم باجراء دقيق وخطير.

وأخذت هذه المأساة في التحول بشكل سريع إلى كارثة بالنسبة لسمعة وزارة الدفاع الأميركية، خاصة أن البحرية الأميركية نفسها قبلت فكرة احتمال أن يكون أفراد طاقم الغواصة قد انشغلوا بوجود زوار على متن الغواصة عندما وقع الحادث. كما أدت عدة عوامل أخرى إلى تعقيد هذه القصة، ولا شك أن لذلك صدى واسع النطاق في اليابان. إذ إن الميناء الذي يعتبر قاعدة للغواصة النووية الاميركية هو ميناء بيرل هابر. وهو نفس الميناء الذي شهد الهجوم الجوي الياباني المفاجئ على الأسطول الأميركي، مما دفع بالولايات المتحدة إلى خوض غمار الحرب العالمية الثانية.

وقد استضيف أولئك الزوار، الذين كان بعضهم يشارك في إدارة دفة الغواصة وقت وقوع الحادث، على متن الغواصة مكافأة لهم على مساهمتهم في جمع تبرعات لإجراء عمليات صيانة للسفينة الحربية الأميركية «ميزوري» التي كانت اليابان قد أعلنت على متنها استسلامها عند انتهاء المعارك البحرية في المحيط الهادئ إبان الحرب العالمية الثانية. والأدهى من ذلك أن الشخص الذي رتب لهذه الرحلة هو أدميرال أميركي سابق كان قد أُرغم على التقاعد مبكرا في عام 1995 بعد أن أدلى بتصريح أساء فيه لمشاعر اليابان، عندما تحدث عن فتاة يابانية في الثانية عشرة اغتصبها ثلاثة جنود أميركيون في اوكيناوا جنوب اليابان.

وليس من شأن هذا الحادث إلا أن يذكي مشاعر الاستياء في اليابان من الوجود العسكري الأميركي هناك، وأدى الحادث أيضا إلى وضع مسألة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين على قائمة جدول إدارة الرئيس الاميركي الجديد جورج بوش، التي لم تكد تتولى مقاليد الحكم في الولايات المتحدة.

وأصدر بوش امس أوامر صريحة بمراجعة كل السياسات المتصلة بنشاط المدنيين خلال التدريبات العسكرية.

وكان خفر السواحل الاميركي قد اعلن امس انتهاء عمليات البحث النشطة عن ناجين بين حطام سفينة الصيد اليابانية، وهو ما يعني التسليم بوفاة الاشخاص التسعة المفقودين. وقال متحدث باسم خفر السواحل ان عمليات البحث ستنتقل من الوضع «النشط» الى الوضع «السلبي»، وهو ما يعني انها ستستهدف الان انتشال الجثث وليس البحث عن ناجين في البحر.

وقام خفر السواحل تساعده سفن للبحرية الاميركية بمسح منطقة في حجم ولاية وست فيرجينيا بحثا عن اليابانيين التسعة الذين فقدوا منذ 9 ايام عندما غرقت سفينة الصيد التي كانوا على متنها في مياه عمقها 548 مترا، على مبعدة 14 كيلومترا قبالة دايموند هيد في جزر هاواي بعد ان ارتطمت بها الغواصة الاميركية «جرين فيل» اثناء صعودها الى سطح البحر في احد التدريبات.