عبد المجيد سيكتب مذكراته ويشعر بالاستياء من حملة الانتقادات

TT

لا ينوي الدكتور عصمت عبد المجيد اعتزال العمل السياسي العام عندما يحين موعد تقاعده كأمين عام للجامعة العربية في منتصف شهر مايو (أيار) المقبل تاركا المنصب لخلفه وزير الخارجية المصري عمرو موسى بعد عشر سنوات أمضاها في مقر الجامعة المطل على نيل القاهرة.

وأبلغ مقربون منه «الشرق الأوسط» انه لن يعتكف بعد تقاعده رسميا بعد حياة سياسية ودبلوماسية حافلة استمرت أكثر من نصف قرن تقريبا تقلد خلالها عدة مناصب دبلوماسية ووزارية مهمة سواء في مصر أو الجامعة العربية.

ويعتزم الدكتور عبد المجيد توجيه الجانب الأكبر من وقته بعد التقاعد في ادارة هيئة التحكيم الدولية التي يترأس مقرها بالعاصمة المصرية، علما بأن لديه مشروعا طموحا لكتابة مذكراته الخاصة التي لم تنشر من قبل.

وبينما يمضي في عامه السابع والسبعين من دون أية مشاكل صحية أو بدنية ظاهرة يتمتع الدكتور عبد المجيد بذاكرة حديدية وسرعة بديهة طالما أدهشت المحيطين به أو المقربين منه.

ويشعر الأمين العام الذي أمضى فترتي ولاية متتاليتين في منصبه منذ عام 1991 أنه قد أدى بنجاح كل ما هو مطلوب منه وسط ما يعتبره ظرفا استثنائيا أحاط بالنظام الاقليمي العربي غداة اندلاع أزمة الدخول العراقي للكويت في الثاني من أغسطس (آب) 1990. وبعدما هدأ غبار الجدل الاعلامي والسياسي الذي ثار حديثا حول منصب الأمين العام للجامعة العربية وما صاحبه من تساؤلات حول دور الجامعة العربية في تفعيل آليات العمل العربي المشترك وتحقيق الحد الأدنى من المصالح العربية، يشعر الدكتور عصمت عبد المجيد بالاستياء من التقارير الصحافية «وبعضها نشر في الصحف المصرية شبه الرسمية» والتي تصور أن عمرو موسى الأمين القادم سوف يتسلم جثة هامدة ألا وهي الجامعة العربية أو انها تحولت الى احدى قلاع الهنود الحمر.

ومع انه أكد لـ«الشرق الأوسط» انه لا يضيق بالنقد البناء متى كان هدفه الصالح العام إلا انه بات يشعر أن حملة الانتقادات التي طالت الجامعة العربية وما غلفها من سخرية لاذعة في أحيان كثيرة لم يكن لها أدنى مبرر. ويبدو أن الدكتور عبد المجيد نفسه لم يكن يحبذ أن يحصل على فترة ولاية ثالثة وانه انما كان يفضل أن يتم التمديد لفترة عامين فقط حتى يطمئن على سير آلية الانعقاد الدوري للقمة العربية ويقوم بتهيئة الأجواء أمام الأمين العام المقبل، أيا كانت جنسيته. ويحلو له أن يردد بين الحين والآخر قول الشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي «نعيب الزمان والعيب فينا، وما للزمان عيب سوانا»، وفي بعض الأحيان يستبدل الدكتور عبد المجيد كلمة الميثاق بالزمان في معرض رده على التساؤلات والانتقادات التي توجه للجامعة العربية وميثاق عملها الذي وضعه الأباء المؤسسون عام 1945. وتقول مصادر مصرية ان الرئيس حسني مبارك سوف يقيم حفل تكريم رسميا للدكتور عصمت عبد المجيد بحضور عدد من كبار الشخصيات المصرية والعربية تقديرا للدور الذي لعبه طوال توليه منصب الأمين العام للجامعة العربية.

وبانتظار اتمام مراسم تسليم وتسلم الأمانة العامة للجامعة العربية من الدكتور عبد المجيد لخليفته عمرو موسى يشعر الدكتور عصمت عبد المجيد بالامتنان للثقة التي منحتها اياه الجماهير ووسائل الاعلام العربية على مدى السنوات العشر الماضية. ويعتقد انه أدى عمله في خدمة الجامعة العربية وفق الظروف والمتغيرات المتلاحقة، معتبرا ان اختيار عمرو موسى للمنصب هو في حد ذاته تعبير عن الادراك الواضح وعلى كل المستويات لدور الجامعة العربية في المرحلة المقبلة. وفي منتصف شهر مايو المقبل يغادر الدكتور عبد المجيد مقعد الأمين العام للجامعة العربية مخلفا وراءه مشروعا لمبادرة المصالحة العربية على أساس المصارحة قبل المصالحة وآلية انعقاد منتظمة للقمة العربية مع منح الأمين العام للمرة الأولى في تاريخ الجامعة العربية صلاحية الدعوة لانعقادها متى تطلب الأمر ذلك.

كان الدكتور عبد المجيد صاحب القرار الخاص بفتح مكتب تمثيلي للجامعة في بكين لخدمة القضايا العربية ـ الصينية ودفع العلاقات للأمام مع دولة استراتيجية ومهمة كالصين.

ومع انه لم يحن بعد اجراء جردة حساب لعهدة الدكتور عبد المجيد الا انه من المؤكد ان السنوات العشر التي أمضاها في الجامعة العربية كان لها تأثير كبير على مجمل النظام الاقليمي العربي، على حد تعبير مصادر عربية في القاهرة.