بوش وبلير يبحثان تطبيق استراتيجية جديدة تجاه العراق

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني يشددان على تفعيل نظام العقوبات

TT

كان العراق في مقدمة الموضوعات التي بحثها الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في اول اجتماع لهما في منتجع كامب ديفيد امس، وشارك فيه وزير الخارجية الاميركي كولن باول، الذي غادر بعد مشاركته في المحادثات فورا متوجها الى منطقة الشرق الاوسط التي يصل اليها اليوم في جولة تشمل مصر واسرائيل والمناطق الفلسطينية والاردن والكويت وسورية والسعودية، حيث سيكون العراق ايضا في مقدمة الموضوعات التي سيبحثها رئيس الاركان الاميركي ايام حرب الخليج الثانية مع قادة الدول الذين سيلتقيهم، ليطلعهم على سياسة ادارة الرئيس بوش تجاه العراق، ويستمع الى وجهات نظرهم، حسب قول مسؤول في الادارة لـ«الشرق الأوسط» امس.

وأكد بلير في مقابلات معه ان موضوع العراق يحتل موقعا اساسيا في محادثاته مع الرئيس بوش، وان بريطانيا والولايات المتحدة تتفقان تماما في سياستيهما تجاه العراق. وقال انه لا بد من تشديد العقوبات على العراق، ولا بد من منع صدام حسين، مهما لزم الامر، من ان يطور اسلحة الدمار الشامل او يشكل تهديدا لجيرانه. وكرر القول ان صدام حسين «خطر جدا، وربما نسي الناس ما ارتكبه من فظائع ضد شعبه، وضد ايران، وضد الكويت، واننا والولايات المتحدة نتخذ موقفا موحدا تجاهه، ويجب علينا احتواء صدام».

وأكدت كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس بوش لشؤون الامن القومي في مؤتمر صحافي: ان الولايات المتحدة وبريطانيا اقرب حليفين لبعضهما في الموقف من العراق، مشيرة الى قصف المواقع العسكرية حول بغداد، وشددت على اتفاق البلدين على الاهداف التي اعلنها الرئيس بوش في مؤتمره الصحافي ليلة اول من امس تجاه العراق وهي منع صدام من امتلاك او تطوير اسلحة الدمار الشامل، ومنعه من تهديد جيرانه وامن المنطقة، ومنعه من تهديد طائرات التحالف التي تراقب مناطق حظر الطيران. ولتحقيق هذه الاهداف لا بد من استعادة المبادرة لمواجهة صدام حسين.

ولاستعادة المبادرة وتحقيق الاهداف قالت رايس «اننا نقوم بفحص ومراجعة كل السبل والخيارات الممكنة». وأكدت ان هذا ما بحثه الزعيمان في الاجتماع.

وقالت رايس ان الولايات المتحدة وبريطانيا شريكتان في سياستهما تجاه العراق و«اننا نراجع ونفحص العديد من الافكار مع بلير لنتأكد من تحقيق اهدافنا تجاه صدام».

وأضافت «ان جولة باول في المنطقة مهمة جدا لتقويم اين نحن الآن».

ومع ان رايس لم تكشف عن الافكار التي نوقشت مع بلير، وهي التي سيحملها معه باول في جولته، ذكرت معلومات ان من بين الافكار او الخيارات، في نطاق مراجعة السياسة تجاه صدام تغيير النظام في العراق، عبر تسليح المعارضة وبحث امكانيات تنفيذ هذه الفكرة، ومنها تشديد العقوبات وتفعيلها ضد النظام العراقي لا الشعب العراقي الذي اكد باول ان هذا ما سيؤكده للقادة العرب الذين سيلتقيهم في جولته، حيث ان من اهداف جولة باول هو كيف يمكن جعل نظام العقوبات على العراق فعالا، كما ان هذا ما تم بحثه مع بلير، وكيفية اعادة بناء التحالف ضد صدام حسين.

وفي اطار بحث موضوع العراق، بحث الزعيمان الانتقادات التي وجهت للولايات المتحدة وبريطانيا سواء من العرب او من دول العالم الاخرى على العملية العسكرية ضد العراق، وكيفية توضيح الهدف من العملية للمنتقدين، وهذا ايضا ما سيشرحه الوزير باول في جولته، مؤكدا ان صدام حسين بات يهدد طياري وطائرات التحالف التي تراقب مناطق حظر الطيران.

وما يؤكد ان موضوع العراق هو الموضوع الاساسي في محادثات بوش ـ بلير، مثلما سيكون الموضوع الاساسي في المحادثات التي سيجريها باول مع قادة الشرق الاوسط، تراجع حديث المسؤولين في الادارة عن مفاوضات السلام الى حد كبير اثناء حديثهم عن جولة باول ومحادثات بوش ـ بلير، الا من تكرار الكلام المعروف، باستثناء تركيز المسؤولين في الادارة على ان الوضع الاقتصادي المتردي في الضفة وغزة سيحتل الاولوية في محادثات باول مع المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين، حيث «سيضغط» الوزير باول على الطرف الاسرائيلي لفك الحصار الاقتصادي المفروض على الفلسطينيين، وان تدفع اسرائيل الى السلطة الفلسطينية عائداتها من الضرائب التي تحتجزها الحكومة الاسرائيلية.

وكان الرئيس بوش قد حذر الرئيس العراقي من «العواقب» اذا قام بتطوير اسلحة الدمار الشامل، وخاطبه بالقول «اننا لن نتساهل معك في تطوير اسلحة الدمار الشامل»، واعترف بان نظام العقوبات المفروضة على العراق يعاني من ثغرات، وشبهه بـ«الجبنة السويسرية»، واعلن ان وزير الخارجية باول الذي يبدأ اليوم جولة في الشرق الاوسط سيستمع الى قادة المنطقة من اجل تطوير السياسة الاميركية تجاه المنطقة. «ولمنعه (صدام حسين) من تطوير اسلحة الدمار الشامل ولجعل العقوبات اكثر فعالية».

وفي اول مؤتمر صحافي له في البيت الابيض الليلة قبل الماضية عشية جولة الوزير باول، وبعد ساعات من الاعلان عن قيام الطائرات الحربية الاميركية بقصف مواقع جديدة للدفاع الجوي العراقي في شمال العراق، اكد بوش الاهمية التي تحظى بها منطقة الخليج، في عملية المراجعة الشاملة التي تقوم بها ادارته للسياسة الاميركية الخارجية وقال «اننا نقوم بمراجعة السياسة تجاه كل مناطق العالم ومنطقة الخليج والشرق الاوسط هي المنطقة التي نعطيها الوقت الاكثر في عملية المراجعة..» وكرر تحذيره للرئيس العراقي قائلا «ان الهدف الرئيسي الذي نريد ابلاغه لصدام حسين هو اننا لن نتساهل معك في تطور اسلحة الدمار الشامل ونريد منك ان تترك جيرانك وشأنهم».

وبخصوص مراجعة نظام العقوبات قال الرئيس الاميركي «اننا نقوم بمراجعة لسياسة العقوبات والخيارات اللازمة لتكون العقوبات اكثر فعالية». وأضاف ان افضل سياسة وصيغة لعقوبات فعالة هي التي تكون «مدعومة من دول التحالف، سياسة تكون الولايات المتحدة قادرة على بناء تحالف حول استراتيجيتها».

وكرر الرئيس بوش الرسالة الواضحة والمحددة للرئيس العراقي بقوله: «ان الهدف الرئيسي هو ان يكون واضحا لصدام اننا نتوقع منه ان يكون جارا مسالما في المنطقة، ونتوقع منه ألا يقوم بتطوير اسلحة الدمار الشامل، واذا وجدناه يقوم بذلك فانه ستكون هناك عواقب».

واشار الرئيس الاميركي الى العملية العسكرية ضد مواقع عسكرية حول بغداد في السادس عشر من الشهر الحالي وقال انه «كان لتلك المهمة هدفان:

اولا: ان نبعث له (صدام) رسالة واضحة وهي ان هذه الادارة (ادارة بوش)، ستظل معنية ومهتمة ومنخرطة في تلك المنطقة من العالم (الخليج) وقد حققنا ذلك، ولفتنا انتباهه.

وثانيا: تجريده من قدرته على تهديد وايذاء طيارينا الذين يقومون بالتحليق في مناطق الحظر الجوي. وقد حققنا ذلك ايضا».

وردا على ما اعلنته وزارة الدفاع (البنتاغون) عن ان معظم القنابل الذكية الموجهة التي استخدمتها الطائرات الاميركية في قصف المواقع حول بغداد لم تصب اهدافها، وما اذا كان سيصدر الامر بضرب هذه الاهداف مرة ثانية اذا طلب القادة العسكريون منه ذلك، قال الرئيس بوش: لقد حققنا الهدفين من العملية (الرسالة لصدام، وتجريده من قدراته..)، وكانت العملية ناجحة، وان التقويم النهائي لنتائج العملية مستمر، وانه ينتظر التقويم والتقدير النهائي للنتائج من (البنتاغون)، وسيستمع الى القادة العسكريين و«اننا سنقوم بكل شيء نحتجه لحماية طيارينا».

وأعرب الرئيس بوش عن قلقه من التعاون بين الصين والعراق في مجال اعادة بناء وتطوير الدفاعات الجوية العراقية وقال «اننا قلقون من وجود الصينيين في العراق، واننا منزعجون وقلقون من مساعدتهم العراق في تطوير نظام يشكل تهديدا لطيارينا، وان ادارتنا سترسل الرد الملائم والقوي للصينيين».