واشنطن تكشف: الصين تعتزم تزويد إسرائيل بأجهزة استطلاع ومراقبة ورادارات متطورة

بوش يعطي لباول ضوءا أخضر لإطلاع المسؤولين العرب على خفايا التعاون الجديد بين بكين وتل أبيب

TT

قبل بدء جولته في الشرق الأوسط والالتقاء بعدد من الزعماء العرب حصل وزير الخارجية الأميركي كولن باول على الضوء الأخضر من الرئيس جورج بوش ليكشف الى مضيفيه المعلومات المتوفرة لدى وكالة الاستخبارات الاميركية (سي. آي. ايه) حول اعتزام الصين تزويد اسرائيل بتشكيلة كاملة من اجهزة المراقبة والاستطلاع. وتشمل هذه الاجهزة شبكة رادارات اكثر تطوراً من اي شيء قدمته اميركا لاسرائيل.

ويعتزم الصينيون كذلك تزويد اسرائيل بـ300 شبكة معلومات قادرة على رصد كل فرد من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. ويشمل هذا النظام اجهزة رصد فوق صوتية شديدة الحساسية للحركة والذبذبات الصوتية، و«عيوناً معدنية» تشغل كاميرا بحجم علبة الكبريت، وشبكة كاملة من اجهزة التنصت.

وكانت اسرائيل قد طلبت اجهزة شبيهة من ادارة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون لكن الرئيس بوش جمّد هذا الطلب ـ الذي تبلغ قيمته حوالي 100 مليون دولار ـ على الأقل حتى عودة باول من جولته.

وتقول مصادر وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان قرار كشف هذه المعلومات يمثل خطوة محسوبة من قبل الادارة الجديدة لاقناع الزعماء العرب بأن الادارة الجديدة لن تكون شديدة الانحياز لاسرائيل كما كان الوضع تحت الادارة السابقة. وقال مارك لانتز، المحلل السياسي لشؤون الشرق الأوسط: لا شك ان هناك مزاجاً جديداً يسود البيت الأبيض يشير الى ان الولايات المتحدة ستعمل منذ الآن وفق مفهوم «قواعد اللعبة العادلة». ومن الشواهد القوية على ذلك، المجهود الذي بذلته واشنطن لتوضيح ان التدريبات الدفاعية المشتركة التي تقيمها اميركا الاسبوع الحالي مع اسرائيل كانت مقررة قبل عام من الآن وان الغاءها كان يمكن ان يسبب ما أسماه احد المصادر «زوبعة دبلوماسية».

وتلقى باول كذلك تقريراً كاملاً حول العملية الاسرائيلية ـ الصينية، الاستخبارية السرية، لاختراق لوس آلاموس، المركز الاميركي للأبحاث الذرية المتقدمة بصحراء نيومكسيكو. وقد تلقى وزير الخارجية ذلك التقرير في اول يوم له بمنصبه الجديد من قبل جورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» الذي اطلعه على كل معلومات الوكالة حول الاختراق.

وفي التقرير الذي يقع في 70 صفحة تعترف «سي آي ايه» ومكتب التحقيقات الفيدرالي «إف. بي. آي»، بأن كثيرا من المعلومات عن هذه العملية الفريدة ما تزال غائبة، فهم لا يعرفون مثلاً، ما اذا كانت العملية قد نفذت من خارج الولايات المتحدة بواسطة جواسيس يستخدمون اجهزة الكترونية بعيدة المدى، قادرة على اختراق دفاعات لوس آلاموس التي كانت تعتبر غير قابلة للاختراق.

هذه العملية حدثت في مايو (ايار) الماضي، ولكن حريقاً شب بضواحي لوس آلاموس، أدى عملياً لاخلائها، تسبب في ارجاء اكتشاف الحادث لحوالي الأسبوعين. وقد تم اعتقال احد العلماء الصينيين ممن يعملون في لوس آلاموس بتهمة مساعدة المخترقين، الا انه اطلق سراحه اخيرا، ولم يعتقل اي شخص بعد ذلك.

ويوضح تقرير تينيت ان اختراقا هائلا قد حدث للقسم السري الذي يقع في قسم يعرف بـ«القسم إكس». ويعمل هناك حوالي 300 شخص في مجموعة من المكاتب المزدحمة، تقع بالطابق الثالث لمبنى المعمل الرئيسي في لوس آلاموس. وتحفظ اكثر المعلومات حساسية وسرية في حجرة خاصة حيطانها من الرصاص ويتم الدخول اليها ببطاقات مشفرة تغير ارقامها كل يوم. وتستخدم في هذه الغرفة كل اجهزة الأمان التي يعرفها الخبراء الاميركيون. وتوجد داخل الحجرة حقيبة لا تفتح إلا بكلمة سر خاصة. ولا يعرف هذه الكلمة الا 24 من كبار العلماء. وفي الحقيبة يوجد ما يعرف بـ«الجواهر»، وهي اقراص كومبيوتر يحوي كل منها معلومات تقنية مفصلة بما في ذلك إبطال مفعول القنابل الذرية المصممة بالصين واسرائيل، وكل قرص منها بمساحة ورقة اللعب.

ويقوم اعضاء فريق الطوارئ الذرية، بقاعدة نيليس الجوية خارج لاس فيجاس، بالتأكد اسبوعياً من ان هذه الحقيبة لم يتم التلاعب بها. وتحتوي الأقراص على مكتبة كاملة من المعلومات النووية يمكن ان تؤهل بلداً كالصين او مجموعة ارهابية لصناعة «أسلحة ذرية تحمل بالحقائب اليدوية ويصعب إبطال مفعولها» كما صرح مصدر في لوس آلاموس.

ويدعي تقرير «سي. آي. ايه» ان العملية الاستخبارية الصينية ـ الاسرائيلية المشتركة، خططت في وزارة الدفاع ببكين، ويقول ان تقنيي جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) عملوا بالتعاون مع زملائهم الصينيين لابتداع نظام الكتروني يمكنه «انتشال» محتويات الأقراص الكترونيا، دون اكتشاف عملية السطو لاحقاً.

ولكن المعلومات الأولى عن السطو ظهرت الى السطح خلال اجتماع في لوس آلاموس، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اي بعد سبعة اشهر من العملية ذاتها. وكان هناك في قاعة المؤتمرات جورج تينيت وريتشارد بيلينج ديرلوف، مدير جهاز الاستخبارات البريطاني «إم آي 6» ولويس فريه مدير «إف. بي. اي» ويوجين هابنفر مدير استخبارات لوس آلاموس. وقام ديرلوف بتقديم معلومات تفيد بأن الصين قامت اخيرا بتجنيد عدد من فنيي الكومبيوتر الاسرائيليين، وان «الموساد» اضاف عدداً من عملائه لفريقه العامل في بكين.

وقال فريه ان استجواباتهم لكل العاملين في القسم «إكس» لم توصلهم لمتهم محدد. وردد ديرلوف وتينيت القول ان خبراء الكومبيوتر في وكالتيهما يقولون ان العملية نفذت من خارج لوس آلاموس، باستخدام احدث الأجهزة الالكترونية التي طورها الخبراء الصينيون والاسرائيليون ببكين، ومع ان بعض المعلومات ستظل طي الكتمان، الا ان مصادر واشنطن تقول ان كولن باول سيكشف بعض المعلومات لتنوير مضيفيه العرب، ولتحذير اسرائيل من التورط في اعمال مشتركة مع التنين الصيني.