أحرضان لـ«الشرق الأوسط»: لو كنت نعجة لذبحوني

الأمين العام للحركة الوطنية الشعبية المغربية: أنا والدكتور الخطيب أشبه بروح واحدة في جسدين

TT

عرفت الحركة الوطنية الشعبية المغربية التي يتزعمها المحجوبي أحرضان الاسابيع الماضية حالة تململ داخل فريقها النيابي، والسبب هو قبول أحرضان بالتحاق النائب طارق يحيى بفريقه النيابي، لكن ذلك القبول لقي اعتراضا من قبل مجموعة من نواب الحركة، وتطورت الامور الى حد ارتفاع بعض الاصوات القيادية مطالبة بذهاب أحرضان من الامانة العامة للحركة، لكن عاصفة النائب طارق سرعان ما هدأت، وتراجع معظم النواب الذين اعترضوا على التحاقه بفريقهم عن موقفهم ازاء هذا النائب لانهم لم يفهموا حقيقة التحاقه بالحركة الوطنية الشعبية، على حسب قول أحرضان.

وللتذكير فإن النائب طارق الذي يشغل في نفس الوقت رئيس بلدية مدينة الناضور القريبة من مدينة مليلية التي تحتلها اسبانيا، كان ينتمي الى الحركة الشعبية التي يتزعمها محند العنصر. وفصل النائب طارق منها قبل اكثر من ثلاث سنوات بعد مواجهته الحادة مع محافظ الناضور التي اعتبرها وقتها مواجهة مع ادريس البصري وزير الداخلية السابق.

ويرى كثير من مناضلي «الحركة» ان ما وقع في الفريق النيابي ما هو الا نتاج لصراع بين أحمد الموساوي وزير الشبيبة والرياضة والنائب طارق، يعود الى اسباب محلية انتخابية.

«الشرق الأوسط» التقت أحرضان الذي تشارك حركته في الائتلاف الحكومي الذي يقوده عبد الرحمن اليوسفي، وسألته عما كان قد اصيب بلعنة الفريق النيابي ووزراء حركته، فهو ما يكاد يخرج من عاصفة حتى يلاقي عواصف أخرى. كما سألته عن الوضع السياسي العام في المغرب، وعن خلافته في الامانة العامة للحركة الشعبية من بعده، وما هي المواصفات التي يجب أن تتوفر في الامين العام المقبل.

وفي ما يلي نص الحوار:

* خلق التحاق النائب طارق بصفوف الحركة الوطنية الشعبية الآونة الاخيرة، نوعا من التململ داخل فريق حركتكم في مجلسي النواب، وطال ايضا بعض وزراء الحركة، فهل هدأت الامور الآن؟

ـ كنت أود لو تسألني عن النواب الذين التحقوا بالحركة الوطنية الشعبية قبل التحاق هذا الاخير، وكذا عن الاطر والمناضلين في مختلف الاقاليم والجهات الذين عادوا الى حركتهم. ان عودة هؤلاء هو نتاج تغير الاوضاع، ووضوح بعض الاشياء، ولذلك فمن الطبيعي أن يعود الابناء الى بيتهم.

* ماذا تقصد بتغير الاوضاع ووضوح بعض الاشياء؟

ـ اقصد أنه لم يبق هناك اي ضغط على النواب أو على المستشارين، ولا داعي للاستفاضة في الحديث عن هذا الضغط، لقد عاد كثيرون الى مواقعهم الطبيعية، ومن بينهم النائب طارق، ولهذا فإن عودة هذا الاخير ليست شيئا خارقا للعادة. كما ان الامر يتعلق بخلاف بينه وبين بعض ابناء منطقته. وأعتقد انهم سيحلون مشاكلهم في ما بينهم. كما أن الكثير من النواب تراجعوا عن موقفهم ازاء هذا النائب، لأنهم لم يفهموا حقيقة التحاقه بالحركة الوطنية الشعبية. ويبقى المهم بالنسبة لي هو أن أوحد الصفوف لا ان افرقها. ولهذا سأعمل كل جهدي لأصلح بين الإخوان، فكلهم من بلد واحد، ومدينة واحدة. وعموما فإن طارق هو ابن حركي قديم رجع الى منزله كما رجع آخرون.

وأود ان اقول ايضا انه من عادتي انني قبل أن يلتحق أحد بالحركة اتشاور مع الاخوان. وبخصوص قضية طارق سألت نائب رئيس الغرفة الثانية (محمد الفاضلي الذي ينتمي الى نفس منطقة النائب طارق)، فقال لي حرفيا: «في القبائل التي ينتمي اليها طارق لا يوجد عندنا أحد سينفعنا هناك». وطارق، زيادة على ذلك، هو رئيس بلدية الناظور. بعد ذلك قمت بترتيب لقاء بينهما في منزلي وتلاوما وتصالحا، ولم تعد هناك مشكلة، لكن مشكلة أخرى ظهرت بعد ذلك.

* ما هي؟

ـ قالوا إن طارق لا ينبغي له ان يبقى في صفوف الحركة الوطنية الشعبية.

* من قال ذلك؟ ـ انت تعرفهم فلماذا تسألني. وكيفما كان الحال، قلت إن الفريق النيابي يبقى فريقا نيابيا، والحركة الوطنية تبقى حركة. والفريق النيابي له قانونه الداخلي، ولدي اليقين ان طارق سيرجع للفريق لأنه سيؤدي دورا كبيرا في صفوفه.

* ولكن ازمة التحاق النائب طارق بصفوف الحركة الوطنية جعلت بعض الاصوات داخل الحركة الوطنية، ومن بينهم وزراء يطالبون بذهابكم من الامانة العامة للحركة الوطنية، ما تعليقكم؟

ـ يقول ضاحكا: فليفعلوا ذلك وليخرجوني من الحركة اذا فوضوا لأنفسهم النيابة عن الاجهزة التقريرية وعن أزيد من 90 الف مناضل حركي الذين عاشوا محنة وملحمة التأسيس، ولكن اعتقد ان هذا الكلام المنسوب اليهم غير صحيح، بل هو كلام مختلق، ولم اسمع به. صحيح هناك اختلاف في وجهات النظر ولكن الاحترام يبقى قائما لان الاختلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية. فأنا لا مشكلة لدي مع نواب فريق الحركة الوطنية ووزرائها.

* هناك من يرجع اسباب الخلاف بين الموساوي وزير الشبيبة والرياضة والنائب طارق الى اسباب محلية انتخابية ما تعليقكم؟

ـ لقد قلت لك انني اريد أن اصلح ذات البين بينهما ولا يمكنني أن أقول العيب في اي واحد منهما. واذا اضطررت للكلام فسيصدر بيان رسمي من الامانة العامة للحركة. فكلاهما حركيان ولا يوجد بيني وبينهما الا الخير.

* لكن بعض وزرائكم يتحدثون عن وجود حالة من الفوضى داخل حركتكم؟

ـ للاسف حينما يتعلق الامر بأي شيء عادي داخل الحركة الوطنية، فإن بعض الناس يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ويجعلون من الحبة قبة، ذلك أن الحركة تخيف البعض، فهي اليوم أصبحت قوة اساسية في البرلمان، وفي الساحة السياسية ونتمنى إن شاء الله أن تتعزز صفوفنا. اننا ننظم أمور الحركة الوطنية بدون ضجيج، اذ جرت العادة أن لا نقوم بالدعاية لأعمالنا، ويجب أن يعرف الجميع أن حركتنا لم تتقو من لا شيء، ففي الانتخابات الاخيرة لمجلس المستشارين فقدنا خمسة مستشارين بفعل نظام «القرعة»، واسترجعنا في انتخابات تجديد ثلث الاعضاء ، 12 مستشارا. ولو لم يكن هناك نظام داخل حركتنا لما حصلنا على المقعد النيابي المخصص لدائرة المشور في الدار البيضاء، وعلى مستشار عن دائرة «تيت مليل» في الدار البيضاء والمقعد النيابي المخصص لعين عيشة في محافظة تاونات، ولولا التنظيم والتأطير لما استوزر الذين تنسب اليهم في سؤالك هذا الحديث عن الفوضى.

* الازمة التي عرفتها حركتكم اخيرا..

ـ يقول مقاطعا: تتحدثون عن ازمة وانا اعتبرها مجرد سوء فهم بين حركيين، ومن جهتي أعمل على أساس إصلاح ذات البين بين المتنازعين وهناك من لا يريد ذلك. من زاوية أخرى، فالمسألة لا تسمح بالحديث عن أزمة لأن القضية لا تتجاوز مجموعة أشخاص ولا تأثير لهذه الوقائع على القواعد الحركية، ولتطمئن فالحركة في صحة جيدة.

* لكن التحاق النائب طارق بحركتكم لقي اعتراضا من لدن العديد من نواب حركتكم؟

ـ لقد أطلت في هذا الموضوع وهو لا يستحق ذلك.

* هناك من يتحدث عن خلافات حادة بينك وبين الوزير الموساوي ووزير الصيد البحري سعيد شباعتو؟

ـ من ذا الذي يتحدث عن ذلك، فالمؤمل هو أحد الطرفين، ومن جانبي لا يوجد بيني وبينهم أي خلاف، لكن كيف يعقل أن يكون هناك وزير منتم لحزب من دون أن تسأله أو تقول له لماذا هذا أو ذاك، والا ماذا سيكون دور الامانة العامة للحركة؟ كما انه اذا لم يستطع الامين العام توجيه ملاحظات الى وزير فلن تبقى هناك امانة عامة، فالامر لا يتعلق بخلاف شخصي.

* هل أنت راض عن عمل وزراء الحركة الوطنية الشعبية في الحكومة الحالية؟

ـ اذا قلت عيبا في وزراء حركتي سأكون مثل من يضرب نفسه، فعمل وزراء الحركة هو مثل عمل باقي الوزراء الآخرين، لهذا فالعمل الحكومي نسق مترابط، ويبقى اصدار الحكم على التجربة سابقا لأوانه، كما أنه موكول لكل الحركيين وللرأي العام المتتبع للامور.

ضع في حسبانك ان لا خلاف لي مع الوزراء. وما اتمناه هو أن يكون وزراء الحركة في المستوى حتى اذا ما خرجت حركتنا من الحكومة لا نتعرض للملامة، فهذا هو الهدف، وهذا هو الرجاء.

* يبدو أنك متلهف للخروج من الحكومة؟ ـ أولا أنا لست عضوا فيها، والحركة هي المشاركة فيها. من هنا لم نتعود أن نتخلى عن مسؤوليتنا، وكل ما نتمناه ونتطلع اليه هو أن تعمل الحكومة بجد. وانا سبق ان قلت اننا نريد حكومة ازمة، حكومة طوارئ. نريد حكومة تعطي الامل، لكن هذه التصريحات قوبلت بسوء الفهم والتأويل الضيق.

* تتحدث عن التجربة الحكومية الحالية وكأن تجارب الحكومات السابقة كانت أحسن؟

ـ لقد كنت موجودا آنذاك في المغرب، وتعرف كيف كانت حالتي. فمنذ الاستقلال وانا اسبح في المشاكل. واذا لم أتعارك مع هذا تعاركت مع ذاك. وكنت اقول احسنت لمن قام بعمل جيد، وأقول أسأت لمن قام بعمل سيئ.

وحين انتقد الوضعية الحالية فإنني لا انزه الماضي ولا أقيس هذه التجربة بالتجارب السابقة، ولكن بدافع حبي لبلدي اتطلع دائما الى مستقبل أفضل، اذ لو خلق الانسان كاملا لما احتاج أن يطمح الى الكمال. وبالنسبة للسياسة، اقول لك ما قاله لي شخص من كون السياسة عندنا مثل الحرث بالفروج (الديك)، اذا اطلقت له العنان سينقب الزريعة (البذور)، واذا وخزته ستسقط امعاءه. فماذا يمكن لاي كان ان يفعل في ظل هذه الورطة.

* هل تقصد أن سياسة الحكومة الحالية هي مثل الحرث بالديك؟

ـ الشيء الاكيد هو أنك لم تستوعب معنى وسياق هذه الاستعارة فلا علاقة لها بمضمون سؤالك.

* تبدو أنك غير مرتاح لوجود حزبك داخل هذه الحكومة، فهل أنت اسيرها؟

ـ القضية ليست قضية حكومة بل قضية جو عام. صحيح ان الحكومة هي المسؤولة ولكن هناك جو عام هو ليس وليد اليوم، لكن الحكومة يجب عليها ان تجد دواء لعلاجه. قد يصعب ايجاد علاج لهذه الوضعية في يوم وليلة، ولكن يجب على الحكومة ان تقدم الدليل على انها تريد معالجة هذا الوضع. والمفارقة الكبرى هنا هو اننا حينما نتحدث الى الحكومة تقول انها تعمل، ولكن عندما نتحدث الى مواطن عادي في الشارع يقول لك عكس ذلك. ان الحكومة رغم مجهوداتها تقصّر في التعريف بعملها. وكما سبق أن قلت لك، اذا تكلمت فإن الناس لا يفهمونك، واذا التزمت الصمت يقولون لك تكلم، واذا تكلمت يقولون لك لماذا تكلمت. فهذا هو معنى الحرث بالديك.

انني حين اتحدث استحضر المشاكل المتراكمة اقتصاديا واجتماعيا من بطالة وهجرة الشباب والوضع المحرج للوسط القروي وهذا هو الجو المقصود الذي يجب أن نخرج منه بأقل ضرر.

* بعد مرور 3 سنوات على تشكيل حكومة التناوب، ما هو في نظرك البديل للخروج من الازمة العميقة التي يعيشها المغرب؟

ـ المسألة لا ترتبط ببديل لأن ورش التناوب الذي دشنته بلادنا سيكتمل مساره بتراكماته وبتطوراته النوعية. ولتتأكد ان المغرب بملكه الهمام وشعبه المخلص قادر على أن يبني مستقبلا يليق بطاقاته وتاريخ هذا الشعب العظيم.

* الملاحظ ان المشاكل دائما تأتيك من الفريق البرلماني، ومن الوزراء الذين تدعمهم. فهل أنت مصاب بلعنة الفريق النيابي والوزراء؟

ـ ما كان يحصل في الماضي كان له مدلوله الخاص. وللأسف كان الغدر دائما يأتيني من الناس الذين لم يلقوا مني سوى الخير. أما القواعد الحركية فلم تكن في يوم من الايام مصدر مشكلة، وكانت المشاكل دائما تأتي من الفريق البرلماني لانه كان هناك من يدفعهم للقيام بما قاموا به.

* تقصد من بـ«يدفعهم»؟

ـ انك تعرف من كان يدفعهم، فلماذا تسألني هذا السؤال.

* هل تعتقد ان ما وقع اخيرا في صفوف حركتكم كان بسبب نفس ممارسات الماضي؟

ـ لم تعد هناك ممارسات الماضي. وأود ان اقول ان فريقنا الحالي هو فريق جيد، والامور رجعت الى نصابها.

* يقال انك في حالة غضب على الحكومة الحالية منذ التعديل الثاني الذي جرى في سبتمبر (ايلول) الماضي؟ ـ ما لم يعجبني في التعديل الحكومي الاخير هو انه جرى دون اكمال مشاوراتي مع الوزير الاول. لقد التقينا مرتين، وكان منتظرا ان نلتقي مرة ثالثة لكن ذلك لم يتم، وأعلن عن تشكيل الحكومة، وهذا ما لم اكن راضيا عنه. وما عدا ذلك كنت وما أزال دائما أعمل كل جهدي من اجل الدعم وليس المعاكسة، واسأل عن ذلك الوزير الاول. ولكن يجب على الاقل أن يكون هناك تجاوب ونعرف الى اين نحن ماضون. فلا يمكن أن تتخد القرارات بدوننا على اساس اننا مشاركون في الحكومة.

* الملاحظ أن بعض النواب في وقت من الاوقات قبل تشكيل الحكومة الحالية لجأوا الى أحزاب أخرى كانت انشقت وخرجت من معطف حركتكم؟

ـ هذا كان ايام أحمد رضا جديرة (مستشار الملك) رحمه الله.

* لكن منهم من التحق بالحركة الديمقراطية الاجتماعية التي يتزعمها محمود عرشان؟

ـ بالفعل.

* كيف تقبل بعودة هؤلاء النواب الذين غادروا حركتك وغدروا بك في وقت الشدة وعادوا اليها في وقت الرخاء؟

ـ لقد اوضحت لك في حوارات سابقة كيف تم التجزيء.. وبالتالي فما المانع من عودتهم. ودعني أسألك بدوري، اين كان هؤلاء الرافضين لان تجمع حركتنا صفوفها بالامس، ايام كانت حركتنا تواجه حملات التجزيء بحيث لم نسمع اصوات هؤلاء تتعالى لننهي ذاك المنكر السياسي ولو بقلوبهم وهو أضعف الايمان.

* هناك حديث عن محاولات لجمع وتوحيد الحركات التي خرجت من رحم الحركة الشعبية. ما صحة ذلك؟

ـ نحن نعمل جهدنا من أجل ذلك.

* على اي اساس سيتم توحيدها وتجميعها؟

ـ على اساس روح الحركة، فاذا فهمنا كيف جزئت سندرك كيف نجمعها، وسنتباحث مع الحركيين بشأن ذلك وأنا على اتصال بهم.

* بما فيهم محند العنصر الامين العام للحركة الشعبية؟

- قلت لك سنتباحث مع الحركيين. إن الامر عندي ليس قضية شخصية، بل ما يهمني هو مصلحة البلاد، فإذا استطعنا ان نجمع بين اخوة اختلفوا في وقت سابق فلماذا لا نفعل ذلك؟ ان تجميع الحركة هو ربح بالنسبة لنا جميعا.

* اذن، لقد بدأت صفحة جديدة مع العنصر؟

ـ ليس مع العنصر بل مع الحركة الشعبية، ان الامر عندي ليس قضية شخصية.

* ولكن العنصر هو امينها العام؟

ـ ولكنني كنت دائما على اتصال بالحركيين القدامى.

* متى كان آخر لقاء لك بالعنصر؟

ـ يتساءل ضاحكا: هل أنت محقق، تريد أن تعرف التفاصيل؟ ضع في رأسك انه ليس لدي عدو. أنا اجمع ما يمكن تجميعه.

* ماذا قلت للعنصر في اول لقاء بعد القطيعة الطويلة؟

ـ اذا اقتضى الامر أن نتكلم فإننا نفعل ذلك.

* هل نسيت الماضي؟

ـ لقد دفنت الماضي وما يهمني الآن هو المستقبل.

* اذن تجميع الحركات أصبح قريبا؟

ـ تجميع الحركات اصبح امرا ضروريا.

* ما هو تصوركم لتوحيد الحركات القائمة الآن؟

ـ الهدف الاساسي هو تحقيق الاندماج. ويجب في البداية التركيز على تحقيق الاتصال بين القواعد، والتنسيق من أجل العمل المشترك. فأنا اعتبر الحركات الاخرى منا والينا. وكما قلت لك فإن روح الحركة أقوى من كل تصور.

* وما هي الخطوات التي ستلي التنسيق؟

ـ ستعود المياه الى مجاريها.

* هل تطمح الى تشكيل حكومة منسجمة مكونة من الحركات فقط؟

ـ اننا نريد فقط أن نأخذ ما نستحقه.

* هل تطمح الى ان تصبح وزيرا اول؟

ـ أولا انا لم اغتر يوما بمنصب، وأنت أدرى الناس بذلك، وكل ما اتمناه هو أن اكون مغربيا حرا يقوم بواجبه في اي وقت تجاه وطنه وبني وطنه..

* قلت مرة «من أمه نعجة يأكله الذئب»، الآن هل أنت نعجة أم ذئب؟

ـ اسأل نفسك؟ لو كنت نعجة لذبحوني منذ زمن طويل. فهم لم يقدروا على ذبحي ولهذا فأنا لست نعجة ولست ذئبا.

* لمحت الى وجود حالة انفراج مع حركة العنصر، فماذا بشأن حركة عرشان؟

ـ لقد سبق أن قلت لك اننا سنتباحث مع الحركيين حول هذه الامور، فلماذا تصر على الرجوع الى هذا الموضوع.

* بالنسبة لعرشان هل تقبل بالتحاقه بكم؟

ـ في هذه الساعة لا اعتقد ذلك.

* يفهم من كلامكم ان اي تجمع مستقبلي سيقتصر فقط على الحركة الوطنية الشعبية والحركة الشعبية؟

ـ من اين جئت بهذا؟ فلتفهم جيدا ان انصارنا يتحدثون عن الحركة دون اضافة «الوطنية» او «الشعبية» عليها.

* هذه الحركة هل ستشمل حركة عرشان؟

ـ لقد أجبتك على ذلك. فلماذا تكرر السؤال.

* هل نفهم من كلامك ان عرشان ابن عاق؟

ـ هو ليس ابني حتى احكم عليه.

* الملاحظ ان الحركة الوطنية الشعبية لديها علاقة مع حزب «العدالة والتنمية» الاصولي يطغى عليها الجانب الشخصي بحكم العلاقة الشخصية والتاريخية. فما هي حقيقة هذه العلاقة ام انك تعتزم التحول الى زعيم أصولي؟

ـ لست في حاجة الى ان اتحول الى اصولي. فأنا مغربي أصيل بكل معنى الكلمة. وبالنسبة للدكتور الخطيب فإنه تجمعني معه صداقة وماض مشترك.

وأذكر مرة أن الاستاذ محمد زيان وزير حقوق الانسان الاسبق سأل الدكتور الخطيب سؤالا مفاده «انت وأحرضان ما هي طبيعة علاقتكما»، فكان جواب الخطيب «انا وأحرضان شركنا كل شيء ما عدا الحرام». وانا اقول لك اننا اشبه بروح واحدة في جسدين. ان هذه الصداقة جعلتني اتعرف على مناضلي حزبه. وهم أناس جيدون، يحبون بلدهم. واذا كانوا يصلون في الوقت المضبوط فهل يعد ذلك عيبا؟

شخصيا اعتبر أن معرفة الاشياء خير من جهلها. والحقيقة انني كنت في البداية متخوفا، ولكنني عندما التقيتهم وناقشتهم وجدتهم متفتحين ويحبون بلدهم. لقد اشتركنا في عدة مبادرات وتجمعنا ارادة خدمة بلدنا كما كان عهدنا دائما.

لقد حضرت، وباتفاق مع الدكتور الخطيب، الكثير من اجتماعاتهم الحزبية، وكثيرا ما قلت لهم «انتم مخطؤون أو على حق».

* لكن هذه العلاقة مع حزب «العدالة والتنمية» تجعل حركتكم تضع رِجلا في الغالبية وأخرى في المعارضة، خاصة أن حزب «العدالة والتنمية» انتقل اخيرا من المساندة النقدية للحكومة الى المعارضة؟

ـ أولا، القضية ليست مسألة أغلبية أو معارضة، ولكن كما قلت لك، فالامر مرتبط بالدفاع عن المصالح العليا للبلاد. وهذا التفاعل الايجابي بيننا لا يلغي الشخصية السياسية لكل هيئة، فلهم مسوغاتهم في تغيير موقفهم ولنا مسوغاتنا في تحالف الغالبية.

وحتى عندما كنت عضوا في الحكومة كنت اعترض كلما رأيت أن هناك اعوجاجا. واليوم اذا كان في الامور اعوجاج فلماذا لا اسمح لاحد مناضلي الحركة أن يقول إن هناك اعوجاجا.

* اتفق معك حول ذلك، لكنك تبدو....

ـ (يقاطعني قائلا) انا لا افكر بعقل اوروبي مثلك. فأنت تعيش في لندن وتفكر بذلك العقل. أما انا فعقليتي مغربية، عقلية ابن الجبل، اصفق للعمل الجيد، وامتعض من العمل السيء.

* احترم عقلية ابن الجبل فيك، ولكنك تبدو وكأنك تأكل من صحنين في وقت واحد؟

ـ يقول ساخرا: هذا لو كان هناك ما يؤكل. لا يوجد ما يؤكل، ونحن لا نأكل الا العصا.

ودعني اشرح لك انه اذا كان الامر مبنيا على ما ابديه احيانا من انتقادات، فكثيرون من داخل التجربة (الحكومية) قالوا اكثر من ذلك، ومنذ متى كان النقد والتوجيه اساءة. لكن الغريب فعلا هو لماذا حين تكلم أحرضان رفعت الاقلام وتعالت الاصوات؟ ودعني أسألك هل تأكل أحزاب الكتلة الديمقراطية مثلا من صحنين عندما تنسق مع أحزاب غير مشاركة في الحكومة. ففي اعتقادي ان الغالبية البرلمانية لا تلغي الخصوصيات ولا تعني ذوبان الشخصية السياسية لكل حزب.

* قلت ان مشاوراتك مع اليوسفي حول التعديل الحكومي الاخير لم تكتمل. كيف هي العلاقة معه الآن؟ ـ هذه هي المؤاخذة الوحيدة عليه. فاليوسفي رجل جيد، زارني في بيتي أكثر من مرة، ونشتغل في اطار الهيئة العليا للغالبية، وعلاقاتنا الشخصية متميزة. فكما جمعتنا روح المقاومة فمن الطبيعي جدا أن تجمعنا روح التجديد.

* هل التقيت به بعد التعديل الحكومي؟

ـ نعم التقينا مرارا.

* هل ابلغته هذا العتاب؟

ـ هو يعرف ذلك بلا شك. وانا لا اتمنى له الا النجاح، لان نجاحه هو نجاح لبلدنا، وتجسيد لما يريده قائد البلاد جلالة الملك محمد السادس لوطننا العزيز من تقدم ونمو وازدهار.

* ينتظر أن تجري الانتخابات البلدية والتشريعية عام 2002 هل تعتقد ان المغرب مستعد لاجراء الانتخابات في وقتها المناسب؟

ـ ليس المهم أن نلتزم بالموعد ولكن أن يكون البناء على اساس صحيح، ولنا في التجارب عبر.

* كيف ترى الحركة الشعبية من بعدك، اذ ان هناك من يقول ان الحركة هي أحرضان ولا يمكنها ان تستمر من بعدك؟

ـ احرضان يقوم بواجبه ومن سيأتي بعده سيقوم بواجبه ايضا. إن الحركة فكرة ذات جوهر وطني وعمق شعبي وهي هيئة لها هوية ايديولوجية مغربية أصيلة وهو سر امتدادها واستمرارها. إن الحركة نظام وروح.

* كأمين عام وزعيم تاريخي للحركة الشعبية، ما هي المواصفات التي يجب أن تكون في الامين العام المقبل للحركة؟

ـ يرد ساخرا: عليه أن لا يكون نعجة، ويظل الرجل هو الاسلوب.

* هل تحضر ابنك اوزين أحرضان لخلافتك في الامانة العامة للحركة الوطنية الشعبية؟ ـ اولا، أوزين حركي وله تراكماته ورصيده النضالي. ولا دخل للقرابة في هذه المسألة. فهو كغيره من الحركيين تربى في مدرسة الحركة. وعلى اي حال فالامانة العامة ليست هدية تعطى بل مسؤولية تستحق.