قائد أركان الجيش الجزائري يرد على صاحب «الحرب القذرة»

TT

قدر قائد اركان الجيش الجزائري أمس، ان الحملة التي رافقت صدور كاتب «الحرب القذرة» الذي ألفه ضابط سابق في الجيش تستهدف ضرب وحدة المؤسسة العسكرية والبحث عن منفذ لعودة التيار الاصولي المتشدد المحظور من النشاط السياسي في الجزائر منذ توقيف المسار الانتخابي في يناير (كانون الثاني) عام 1992.

وأكد الفريق محمد العماري، في خطاب ارسله الى افراد الجيش ونشرته حرفيا وكالة الانباء الرسمية، ان هذه «الحملة الجديدة تستجيب مثلها مثل سابقاتها لاغراض شائنة لكنها واضحة المعالم، تشويه سمعة السلطات الجزائرية لا سيما العسكرية قصد محاولة ضرب التلاحم في صفوف الجيش وأسلاك الامن من اجل غاية واضحة هي مضاعفة التخريب وتعزيز الاهداف السياسية التي كانت لحد الآن محظورة او بعيدة المنال». مضيفا ان «صانعي هذه المنارة» اخطأوا الرؤية، لأن «الهدف السياسي، ان كان ثمة هدف، فانه ليس من اختصاص السلطات العسكرية، بل انه من اختصاص مؤسسات الدولة والامة قاطبة»، وهو يريد بذلك ان يجدد التأكيد على ان الجيش الجزائري لا يريد الحلول محل السياسيين في تسيير شؤون البلد، بل هو ملتزم بمهامه الدستورية، مشددا على ان هذه المؤسسة هي «جيش جمهوري في خدمة الدولة وسنبقى دوما اوفياء للقيم الوطنية التي تم التأكيد عليها في دستورنا ومؤسساتنا».

واوضح الجنرال محمد العماري ان الانتقادات والحملات الموجهة ضد قادة المؤسسة العسكرية لا تؤثر فيهم ولن تجبرهم على التراجع عن الحرب التي يشنونها ضد الجماعات المسلحة «سنبقى دائما مجندين لمكافحة قوى الشر»، وهي المهمة التي يعتبرها قائد اركان الجيش تندرج ضمن حماية البلد من السقوط في الفوضى «اذ لولا مساهمتنا الفعالة في الجهد الوطني لقضي على الدولة والوحدة الوطنية والديمقراطية».

وفضل الجنرال الربط بين الحملة الاخيرة ضد قيادة الجيش والوضع في البلد، وهو يرى انه «كلما بدأت تلوح بوادر لانفراج الازمة بفضل العمل الوطني المشترك، يجد اعداء الجزائر في ذلك مادة للقيام بأعمال خبيثة أكثر فأكثر موجهة ضد الجيش والدعامات الشعبية المجندة الى جانبه».

وتبرأ العماري من الملازم حبيب سوايدية صاحب «الحرب القذرة»، مذكرا بأنه طرد من صفوف الجيش «بعد ثبوت ادانته لارتكابه رفقة المتواطئين معه جريمة السرقة الموصوفة»، حيث قضى في السجن العسكري اربع سنوات، ثم انتقل العام الماضي الى باريس حيث تفرغ لتأليف كتابه الذي اثار ضجة واسعة بسبب المعلومات التي قدمها بشأن تورط جهات في الجيش في عمليات قتل المدنيين العزل في مدن وقرى جزائرية. واوضح العماري ان «حالة هذا العسكري السابق كانت قد أنهيت الى علم وفد شخصيات منظمة الامم المتحدة خلال زيارته الاعلامية لبلدنا عام 1998، شأنه شأن العناصر الذين حكم عليهم لارتكابهم جرائم في اطار اداء خدمة مأمور بها»، وكانت تصريحات رسمية سابقة قد اعلنت ان هناك فعلا حالات تجاوزات سجلت في صفوف افراد الشرطة والجيش وان اصحابها موجودون في السجون، لكن لم تورد عن ذلك تفاصيل كثيرة عن الافعال التي ارتكبوها ولا عن عدد هؤلاء الموقوفين.

وكانت تصريحات سوايدية والحصص التي قدمتها حول كتابه قنوات التلفزيون الفرنسية وبعض الفضائيات العربية قد اثارت في نفوس الجزائريين كثيرا من الشكوك وهزت ثقتهم في قوات الامن لما تحمله هذه التصريحات من خطورة. وزاد قلق الجزائريين ما لاحظوه من سكوت الرسميين الذين فضلوا عدم الرد على ما يتردد هنا وهناك، وقد تولت مهمة الرد بعض الصحف قبل أن تنطلق احزاب ومنظمات في نشر بيانات تنديد بما وصفوه بالحملة المسعورة ضد الجزائر وأهم مؤسسة فيه، مؤسسة الجيش.

وقد فسر ملاحظون تولي قائد اركان الجيش بنفسه الرد على اتهامات «موجهة في الاصل ضد مؤسسات الدولة والحكومة بصفة عامة» بتأخر هذه الاخيرة في الرد، وكان ينتظر أن يستغل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فرصة انتقاله الى ولاية المدية جنوب العاصمة أول من أمس للتطرق الى هذا الموضوع، الا انه اكتفى بتدشين مشاريع سكنية وتربوية وبتلاوة الفاتحة على ارواح التلاميذ الـ16 الذين اغتيلوا في رمضان الماضي في احدى ثانويات المدينة. في حين أكد آخرون ان رد وزارة الدفاع يأتي بعد تساؤلات العديد من المواطنين عن سر صمت هذه المؤسسة ازاء اتهامات في هذه الخطورة.

ولم يتوقف العماري عند انتقاد هذه الحملات التي قال عنها انها «تتوفر على شبكات قوية في الداخل»، بل توجه ايضا الى بعض الصحف الخاصة التي قال انها تمارس «كتابات سفيهة ورسومات كاريكاتيرية وغيرها من الاهانات والسخافات التي توجه لجيشكم ولقادتكم». وفي ذلك اشارة الى رسوم ومقالات تهاجم قادة الجيش وتتهمهم باستغلال نفوذهم ومناصبهم من اجل تحقيق غايات ذاتية بعيدا عن الاهتمام بتطلعات ومشاكل الجزائريين.