الحريري شدد في عمان على أهمية التنسيق العربي والأردن أبلغه دعمه للبنان في الإعمار والتحرير

TT

ومحمد الدعمة طغى الطابع السياسي على زيارة رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري السريعة للأردن امس، حيث تبادل والمسؤولين الأردنيين وجهات النظر حول التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة والتي تتصل بشكل او آخر بمستقبل عملية السلام.

وقد فرض هذا الطابع السياسي نفسه على زيارة الحريري تلقائيا، اذ ان عمان استضافت اول من امس الرئيس المصري حسني مبارك الذي زارها لساعات، ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات الذي غادرها امس الى القاهرة، في وقت تستعد العاصمة الأردنية لمؤتمر القمة العربية الدوري الذي سيعقد فيها في 27 مارس (آذار) الحالي.

وقد اطلع الجانب الأردني الرئيس الحريري على المعطيات المتجمعة لديه حول مستقبل الوضع في المنطقة سواء من خلال الاتصالات العربية والدولية التي يجريها المسؤولون الأردنيون والتي ستتوج بزيارة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني المرتقبة لواشنطن، او من خلال ما نقله اليه مبارك وعرفات وقبلهما وزير الخارجية الاميركي كولن باول. على ان الأردن يركز في اتصالاته على تأمين الأجواء اللازمة التي من شأنها ان تمكن القمة العربية من الخروج بقرارات تاريخية في هذه المرحلة الاقليمية الدقيقة، علما ان هذه القمة هي الثالثة التي تعقد على الأراضي الأردنية منذ تأسيس جامعة الدول العربية.

وقد شدد الحريري في محادثاته مع العاهل الأردني ومع رئيس الحكومة الأردنية علي ابو الراغب على اهمية التنسيق والتشاور بين الدول العربية قبيل انعقاد القمة بما يمكنها من تحقيق النتائج المرجوة منها لجهة تعزيز التضامن العربي بما يؤدي الى تحقيق السلام الشامل والعادل. وقد لمس الحريري تأييداً أردنياً ودعماً للموقف اللبناني المتمسك بوجوب تحرير مزارع شبعا من الاحتلال الاسرائيلي واستكمال تنفيذ القرار 425 باطلاق الأسرى والمعتقلين اللبنانيين من السجون الاسرائيلية ووقف الخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية في البر والبحر والجو. كذلك أبدى الجانب الأردني دعمه لسورية من اجل تحرير الجولان، ودعمه للفلسطينيين في سعيهم لنيل حقوقهم المشروعة في اقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

وكان الحريري قد وصل الى عمان في العاشرة الا ربعاً قبل ظهر امس على رأس وفد وزاري ضم وزير التربية عبد الرحيم مراد ووزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي ووزير الاقتصاد باسل فليحان ووزير الثقافة غسان سلامة ووزير الزراعة علي عجاج عبد الله، وذلك تلبية لدعوة رسمية من نظيره الأردني علي ابو الراغب الذي كان في استقباله في مطار ماركا العسكري في قلب العاصمة الأردنية.

ومن المطار انتقل الحريري وأبو الراغب الى قصر رئاسة الحكومة الأردنية، حيث عقدا خلوة ثنائية دامت زهاء ساعة انضم بعدها اليهما الوفد الوزاري المرافق لرئيس الحكومة الأردنية وعدد من نظرائهم الأردنيين وهم نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية محمد الملايقة ونائب رئيس الوزراء ووزير النقل الدكتور صالح ارشيدات ووزير الطاقة المهندس وائل صبري ووزير الزراعة زهير زنونة ووزير الثقافة محمود الكايد ووزير الاعلام طالب الرفاعي ووزير الصناعة والتجارة واصف عازر. وشارك في المحادثات سفير لبنان في الأردن اديب علم الدين وسفير الأردن في لبنان انمار الحمود والمستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة اللبنانية الدكتور غازي اليوسف.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان جانباً من الخلوة بين الحريري وأبو الراغب ركز على موضوع أنبوب الغاز المصري الذي كان مقرراً مده برا من العريش في مصر الى طرابلس في شمال لبنان ومنها الى سورية وتركيا. وتقرر قبل اسابيع اشراك الأردن بهذه الاتفاقية وتعديل المشروع بحيث يمد الأنبوب المصري الى الأردن ومنها الى سورية فلبنان وتركيا.

اما جلسة المحادثات الموسعة فقد تنوعت مواضيع البحث فيها بين الشؤون السياسية والوضع في المنطقة وبين العلاقات الثنائية وكذلك سبل تعزيز التعاون اللبناني ـ الأردني على الصعد الثقافية والتربوية والاقتصادية والزراعية وغيرها.

واستهل رئيس الوزراء الأردني ابو الراغب الجلسة بكلمة رحب فيها بالحريري والوفد المرافق، وقال: «ان الأردن لم يكن يوماً بعيداً عن التطورات العامة في المنطقة وهو يتابع التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان ويعتز بما تم انجازه في مجال الانماء والإعمار».

وأضاف ابو الراغب: «ان اجتماعنا اليوم يأتي في مرحلة مهمة من التطورات الاقليمية والدولية تتسم بالبعد السياسي والاقتصادي، ومن هنا تصبح الحاجة اكثر من اي وقت مضى للتنسيق والتعاون بين بلدينا لتحقيق المصالح المشتركة للبنان والأردن معاً. ان الأردن كان وما يزال مع السلام العادل والشامل الذي يعيد الحق والأرض العربية الى اصحابها ونحن ندعم لبنان في استعادة مزارع شبعا المحتلة من قبل اسرائيل وتحرير الجولان وندعم الشعب الفلسطيني في اقامة دولته واستعادة حقوقه المشروعة. نحن نؤيد استئناف مفاوضات السلام من النقطة التي توقفت عندها توصلاً لتحقيق السلام الشامل والعادل». وقال: «ان القمة التي يتم التحضير لانعقادها في عمان لا شك انها ستخدم مسيرة العمل العربي المشترك ونأمل ان تقر دعم لبنان خصوصاً في الشأن الاقتصادي».

وأكد أبو الراغب: «اننا ندرك ان القطاع الخاص يمكن ان يلعب دوراً مهماً في تطوير العلاقات الاقتصادية بين بلدينا ونحن نتطلع الى توثيق عرى التعاون مع لبنان الشقيق».

ورد الرئيس الحريري بكلمة شكر فيها رئيس الحكومة الأردنية دعوته لزيارة الاردن والاستقبال الحار الذي خصه به وقال: «اننا نشارك الأردن الشقيق في كثير من الامور والمشاكل التي تعترض الشعبين اللبناني والأردني. اننا نؤيد التوصل الى سلام شامل وعادل في فلسطين والجولان ولبنان. ولقد انتهجنا في لبنان سياسة واضحة ازاء عملية السلام. نحن مع السلام العادل والشامل.

وقال: «عندما أتت الانتخابات الاسرائيلية بآرييل شارون قلنا اننا نعرف ماضيه واللبنانيون ما يزالون يذكرون تاريخه في اجتياح لبنان عام 1982 وما خلفه من دم ودمار. نحن لم نغلق الباب امام السلام ومستعدون له اذا كانت اسرائيل مستعدة له ولكننا لن نجلس وننتظر لتحقيق السلام حتى نبدأ بتطوير بلدنا».

واضاف الحريري: «اننا نقوم بتطوير لبنان في كل المجالات لنجعل منه مركزاً للتسوق والثقافة والمعلوماتية والتجارة والمال في المنطقة ونعتقد ان نظام لبنان القريب من الأنظمة الاوروبية سيساعد في تحقيق ما نسعى اليه وسنتعاون مع اشقائنا العرب والأردن من بينهم لأجل ذلك».

وأكد الحريري: «نحن سنناقش معكم كل المسائل والأمور التي من شأنها ان تطور العلاقات بين بلدينا ومنفتحون للنقاش بكل ما يتعلق بها وكلنا ثقة بأننا قادرون على التوصل الى نتائج طيبة بفضل دعم جلالة الملك وبفضل دعمكم وستكون الزيارة ناجحة ان شاء الله وخصوصاً في مجال التنسيق لعقد مؤتمر القمة العربية التي تشكل نموذجاً جديداً في العمل العربي ورفع مستوى التنسيق السياسي بين الدول العربية في هذه المرحلة المهمة التي تمر بها المنطقة».

واستمرت المحادثات في الجلسة الموسعة ساعة وتم خلالها عرض كل المواضيع الموضوعة على جدول الاعمال لا سيما منها موضوع التبادل الزراعي والنقل الجوي والعلاقات الثنائية وتقرر في ضوئها ادخال بعض التعديلات على عدد من الاتفاقات المعقودة بين الجانبين.

ثم عقد الرئيس الحريري خلوة ثانية مع رئيس الحكومة الأردنية سئل على اثرها عن النتائج، فأجاب «ان البحث تناول العلاقات الثنائية والمواضيع التي ستبحث في القمة العربية وخصوصاً موضوع العراق وقضية السلام في الشرق الأوسط».