مسؤولون أميركيون: بن لادن والظواهري أسسا شبكة في أوروبا من 150 ثريا خليجيا

TT

واشنطن ـ يو. بي. اي: كشف عدد من المسؤولين الاميركيين ان انهيار بنك الاعتماد والتجارة الدولي وضع ضغوطا مالية كبيرة على شبكة اسامة بن لادن الارهابية بحرمانها من مصدر تمويلها الرئيسي.

وذكر المسؤولون الحكوميون الذين طلبوا عدم ذكر اسمائهم ان المشروعات المعمارية الضخمة لبناء البنية الاساسية للشبكة الارهابية والعسكرية في السودان التي كانت تجري انذاك ساهمت في ارهاق الموارد المالية لابن لادن.

كما عمل بن لادن ايضا مع ايمن الظواهري لتأسيس شبكة من المصارف في اوروبا تحت اسم جماعة «الاخوة» وهي جماعة مشكلة من 150 من كبار «الاثرياء» في الخليج.

وطبقا لمسؤول اميركي، فان جماعة «الاخوة» كانت موجودة ايضا في الولايات المتحدة على شكل مجموعة من 65 عضوا يمتلكون شركات رئيسية، واستخدمت كواجهات ومراكز اتصال ونقل وغسل الاموال.

وكان الحسين خرشتو (أبو طلال المغربي) وهو شاهد اثبات في محاكمة اربعة رجال متهمين بالمشاركة في تفجير السفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام في اغسطس (آب) 1998 قد ذكر يوم الخميس الماضي ان بن لادن ابلغ اعضاء الجماعة «لا يوجد مال». وكان خرشتو قد انضم الى الجماعة في عام 1991 ولكنه انسحب منها بعد اربع سنوات بسبب المشاكل المالية، ولكنه لم يقدم اية تفاصيل بخصوص طبيعة هذه المشاكل.

الا ان المسؤولين الاميركيين ذكروا انه عندما اغلق بنك انجلترا (المصرف المركزي الانجليزي) بنك الاعتماد والتجارة في يوليو (تموز) عام 1991، لم يكشف عن فضيحة مالية دولية فقط، ولكن اثار الاضطراب في عمليات بن لادن التي كانت تمول عن طريق البنك.

ومن الغريب في الامر ان بنك الاعتماد والتجارة كان في الثمانينات، القناة الرئيسية لمساعدات وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الى المجاهدين الافغان الذين يقاتلون السوفيات.

الا ان البنك كان ايضا يستخدم من قبل العديد من الشخصيات المشبوهة»، طبقا لتصريحات واحد من المسؤولين الاميركيين عن مكافحة الارهاب، وتشمل القائمة تجار سلاح، والعديد من الارهابيين وكثيرا من اجهزة الاستخبارات في دول اسلامية، ومجموعات تحاول شراء اسلحة الدمار الشامل.

واضاف المسؤول ان البنك تولى غسيل اموال المجرمين من جميع الانواع من الاموال التي اختلسها زعماء من العالم الثالث الى دخل الجريمة المنظمة.

وفي حالة بن لادن، كان البنك المحرك المالي الرئيسي لتمويل انتشار الارهاب الاصولي، ولا سيما في السودان حيث كان يتم دفع تكلفة معسكرات تدريب ارهابية من الميزانية الوطنية. ولم يحتفظ البنك، الذي اسسته مجموعة من الاثرياء الباكستانيين وعدد من اثرياء الخليج، بسجلات وعندما صدرت الاوامر بإجراء تدقيق اغلق البنك. وكانت النتيجة ان فقد الارهابيون «بضربة واحدة» كل اموالهم طبقا لتصريحات مسؤول اميركي اخر.

وعندما انهار البنك كان بن لادن يعيش في الخرطوم واتصل به حسن الترابي الزعيم الاصولي السوداني، الذي طلب من بن لادن المساعدة في تشكيل شبكة لدعم المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي وحركة المقاومة المسلحة الارهابية.

ويقول المسؤولون الاميركيون انه في عام 1989 كان السودان مركزا للنشاطات الارهابية وطور علاقات مع عدد من الهيئات المالية والبنوك الاسلامية.

وحسب مزاعم هؤلاء المسؤولين فان كلا من ايران والسودان بدأ في التعاون في نشاطات، وتعهدت ايران بإرسال اموال الى الترابي، وطلب الترابي من بن لادن تأسيس شبكة جديدة يمكن ان تتولى غسل ونقل الاموال لعدد من الجماعات الراديكالية السودانية وتلك التي تحظى بدعم ايران في اوروبا الغربية واميركا الشمالية.

وكان بن لادن يملك سلسلة من الشركات في الخرطوم مثل مدابغ النيل الابيض وشركة طابا للاستثمار، وشركة القدرات للنقل وشركة الهجرة التي تملك اسطولا من سفن الصيد، وشركة للتشييد والتنمية.

كما فتح ايضا سلسلة من الحسابات في البنوك في السودان استخدمت في نقل الاموال للحركات الاسلامية. ومن بين نشاطات احد البنوك تهريب الاموال النقدية من ممولين الى جبهة «الانقاذ» في الجزائر. كما اخفي 30 مليون دولار تم تحويلها الى السودان من ايران، طبقا لتصريحات المسؤولين الاميركيين. وسرعان ما امتد مركز تمويل بن لادن من السودان الى بنوك في اوروبا وافريقيا والشرق الاوسط، وعمل عن قرب مع الترابي ومجموعة من انصار الترابي الاثرياء للاستفادة من بنك الشمال في الخرطوم. ومقابل ذلك، تلقى بن لادن مليون فدان من الاراضي الزراعية في كردفان وغرب السودان.

وفي عام 1991طلب الترابي من بن لادن ان يمول عملية اعادة بناء البنية التحتية في السودان. وبدأ بن لادن باستخدام شركات المقاولات التي يملكها في بناء المطارات والتسهيلات العسكرية والطرق والجسور. ومن بين المشاريع الرئيسية طريق يربط الخرطوم ببورسودان على البحر الاحمر. ثم بنى بن لادن مطارا حديثا بالقرب من بورسودان يمكنه استقبال الطائرات العسكرية وطائرات المراقبة. واوضح المسؤولون الاميركيون الحكوميون ان بعض الضغوط لعمليات البناء جاءت من ايران.

ومن بين المشاريع الاساسية الاخرى سد الروصيروص اكبر السدود في السودان واطالة طريق التحدي العسكري الذي يصل طوله الى 310 أميال ويربط الخرطوم بجوبا في اقصى الجنوب وشندي وعطبرة في الشمال. وطبقا لخبير اميركي في شؤون الارهاب فإن هذا الطريق اثبت اهميته في قدرة الحكومة على مواجهة المتمردين في الجنوب.

وفي مايو (ايار) 1993احضر بن لادن مجموعة تضم 300 باكستاني مدربين تدريبا جيدا لمساعدة ادارة المشروع، الذي استمر الى عام 1995، ويقدر المسؤولون الاميركيون تكلفة هذه المشروعات بمليارات الدولارات. وفي عام 1994 شيد بن لادن ثلاثة معسكرات تدريب ارهابية في شمال السودان، وقد اتسع العدد ليصل الى 23 معسكرا.

وفي عام 1993 بدأت اجهزة الاستخبارات المصرية في اكتشاف بعض نشاطات بن لادن المالية غير المشروعة، واخذت في القبض على اعداد من الاشخاص ومضايقة شبكات التوزيع. وفي عام 1995 شن حملة رئيسية استولت على كميات كبيرة من المعلومات حول جماعة الاخوان، طبقا لمصدر في الكونغرس. واسس بن لادن شبكة مالية اخرى في البلقان في عام 1993، مختفيا وراء نشاطات «خيرية انسانية» تقدم خدمات شاملة اجتماعية، ولم تتمكن تلك الجمعيات الخيرية من جمع الاموال ولكنها كانت فعالة في بناء دعم شعبي للمتطرفين الاصوليين.

الا ان شبكات الاستخبارات الاميركية والكرواتية وغيرها تمكنت من اختراق جماعة بن لادن/الظواهري، بالاضافة الى انه لم يتلق اية تعويضات من الحكومة السودانية، طبقا لمعلومات المسؤولين الاميركيين.

وذكرت مصادر اميركية انه مع طرد بن لادن من السودان في عام 1996، كان قد خسر اكثر من 150 مليون دولار اميركي، بينما اعرب مسؤول اميركي اخر في مكافحة الارهاب عن اعتقاده انه لجأ الى اموال المخدرات لتعويض خسائره.