دعوات لتطبيق الخلوة الشرعية في السجون المصرية

TT

رغم انها ظهرت على استيحاء خلال عقد السبعينات من القرن الماضي الا أن الدعوة الى تطبيق الخلوة الشرعية في السجون المصرية عادت لتطرح مجددا خلال الايام الماضية، وتلقى تأييدا وقبولا من جانب قطاعات عديدة في المجتمع المصري باعتبارها حقا من حقوق السجين وزوجته أيضا فضلا عن اقرار الاسلام وكل المواثيق الدولية لهذا الحق، وقيام عدة دول عربية الى جانب دول أوروبية عديدة بتطبيقها.

ودفع هذا التأييد الى الدعوة لمناقشة هذه القضية بمشاركة ممثلين لوزارة الداخلية وعلماء النفس والاجتماع ورجال القانون وجماعات حقوق الانسان وممثلي المرأة، وهو ما يعطي الأمل في اتساع رقعة المطالبة بها مما قد يؤدي في النهاية الى الاقرار بتطبيق الخلوة الشرعية في السجون ليصبح من حق السجين الاختلاء بزوجته ومعاشرتها، رغم غرابة هذا التصور حاليا.

والطريف ان أول خلوة شرعية في السجون المصرية حدثت عام 1952في عهد الملك فاروق عندما سجن وزير الحربية في ذلك الوقت اللواء حسين سري عامر بعد فشله على أيدي «الضباط الاحرار» في رئاسة نادي ضباط الجيش وفوز اللواء محمد نجيب، فتم ايداع اللواء سري السجن وطلب رؤية زوجته فسمحوا له بالاختلاء بها لتكون أول خلوة شرعية في مصر بالمخالفة للوائح السجن وهو ما انتقدته الصحف حينئذ واعتبرته تجاوزا وسلوكا مشينا.

أما أشـهر خلوة شرعية في السجون المصرية فقد كان بطلها، كما يؤكد ضباط السجون، الشيخ عمر عبد الرحمن المرشد الروحي لتنظيم «الجماعة الاسلامية» المحظور في مصر، والسجين حاليا في الولايات المتحدة بتهمة التحريض على تفجير مركز التجارة العالمي، حيث قال شهود عيان من السجانين الذي عاصروا الفترة التي سجن فيها الشيخ عمر انه كان يختلي بزوجته داخل خيمة في فناء السجن، وانها أنجبت له أثناء سجنه صبيا واحتفل بذلك مع اعضاء الجماعة. ويجمع علماء الشريعة وخبراء القانون والاجتماع على أهمية تطبيق الخلوة الشرعية، ويتوقعون انخفاض معدل انحراف وطلاق زوجات السجناء، حيث يؤكد عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر محمد رأفت عثمان انه لا يوجد في الشرع ما يمنع التقاء الزوجين وممارستهما حقوقهما الزوجية بطريقة تضمن عدم اطلاع أحد عليهما وفق ظروف انسانية لا تخدش حياء السجين أو زوجته، ويرى أن يتم ذلك خارج السجن حتى لا يؤثر على سلوك باقي المساجين.

ويرى علماء النفس انه لا ينبغي ان تدفع الزوجة ثمن الجرم الذي ارتكبه زوجها السجين، فتضطر الى الانحراف أو طلب الطلاق وبالتالي هدم بنيان الاسرة بالكامل، حيث ان قانون السجون في مصر يعطي زوجة السجين الحق في طلب الطلاق من زوجها اذا حكم عليه بالسجن عاما واحدا، لأن الغياب لمدة عام يدخل تحت مبدأ الهجر، وبالتالي سيؤدي تنفيذ فكرة الخلوة الشرعية الى وجوب تغيير النص القانوني الخاص بتطليق زوجة السجين متى شاءت ذلك.

ويطالب البعض بأن يتمتع بهذا الحق بعض السجناء دون غيرهم، حيث ترى رئىسة رابطة المرأة العربية هدى بدران ان الخلوة الشرعية فكرة رائدة تنسجم مع الطبيعة الانسانية والاجتماعية للفرد وتعبر عن أسمى حقوق الانسان «لكن ينبغي التفرقة بين السجناء في التمتع بهذا الحق وفق ضوابط موضوعية تأخذ في عين الاعتبار التزام السجين بالسلوك الطيب».

وتتفق معها في هذا الرأي وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة عائشة راتب التي تطالب بألا يتمتع بها عتاة مجرمون ممن أضروا بالمجتمع، أو ارتكبوا جرائم ماسة بالشرف والاعتبار. كما يرى رئيس البرلمان المصري السابق د. صوفي أبو طالب ان هذه الفكرة تصلح للمعتقلين السياسيين وسجناء الرأي «لكن يجب اجراء مناقشات واسعة قبل التطبيق لضمان اسهامها في تهذيب واصلاح السجين» واذا كان النظام الحالي للسجون المصرية لا يسمح بتطبيق فكرة الخلوة الشرعية، فإن وزير الداخلية الأسبق اللواء حسن أبو باشا يقترح اقامة سجون خاصة أو تطبيقها من خلال نظام زيارات منزلية للسجين والاستفادة من تجارب الدول التي طبقتها.