صراع حول إصلاحات التعليم في الجزائر وانتقادات لبوتفليقة

TT

تشهد الساحة الجزائرية منذ أسابيع غلياناً حول محتوى الاصلاحات التي تنوي الحكومة ادراجها على المناهج التعليمية، وتزامن ذلك مع قرب انتهاء اللجنة الوطنية لاصلاح المنظومة التربوية من اعداد تقريرها الذي تتوقع عدة مصادر ان يحدث ثورة كبيرة في المنهج الذي تعتمده المدرسة الجزائرية لحد الآن.

ورغم ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان قد وعد بعدم الشروع في تطبيق مقترحات اللجنة إلا بعد عرضها على استفتاء شعبي، الا ان الأوساط التي انتقدت تشكيلة اللجنة التي اختار أعضاءها الرئيس الجزائري واتهموها بالعمل من اجل «تحطيم مقومات الشخصية الجزائرية ومحاربة ثوابت الأمة» ترى ان ما ستصدره اللجنة التي يرأسها عميد جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا علي بن زغو يشكل «خطراً على مستقبل أبناء الجزائر، لما فيه من تحريض للتخلي عن اقامة مدرسة جزائرية اصيلة».

وفي هذا الخصوص اتهم عضو في اللجنة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أغلبية الأعضاء المشكلين لهذه الهيئة المكلفة باعداد برنامج لاصلاح منظومة التربية بـ«تحضير دواء غير صالح لمعالجة حالة التدهور التي وصلت اليها مدرستنا». ويشير هذا العضو، الذي يلح على التأكيد انه لا يمثل مع من يساندونه الطرح إلا «أقلية لا صوت ولا طاقة لها على معاكسة توجه الأغلبية المؤيدة للأطروحة الانسلاخية».

ويتهم من يطلقون أنفسهم بـ«الغيروين على مستقبل المدرسة الجزائرية» خصومهم من «التغريبيين» بمحاولة «عزل الجيل الجديد عن تيار العولمة وجعله مرتبطاً دائماً بمحور المستعمر الفرنسي»، من خلال التأكيد على ضرورة ادراج تعليم اللغة الفرنسية ابتداء من السنة الثانية ابتدائي في حين يؤجل تعليم الانجليزية الى المرحلة المتوسطة.

وقد وجد هذا الصراع امتداداً له داخل التشكيلات السياسية المختلفة، حيث ينتمي المؤيدون لعمل لجنة بن زغو الى ما يعرف بالتيار العلماني الديمقراطي، في حين برز المنتمون الى التيار الوطني الاسلامي بمواقفهم المناهضة لكل محاولة ترمي الى جر المدرسة الجزائرية بعيداً عن اصولها ومقومات البلد. أما الرئيس بوتفليقة فقد كان الى أيام خلت يقف موقفاً وسطاً، قبل ان يشن على أنصار التيار الوطني هجوماً متهماً اياهم بمحاول الابقاء على المدرسة الجزائرية متخلفة، حيث أكد خلال زيارته الأخيرة الى مدينة البليدة (45 كلم جنوب العاصمة) انه يرفض البقاء معلقاً «بالمدرسة الرجعية»، مشيراً في نفس الوقت الى ان «فيه لغات اجنبية لا مفر منها من الآن فصاعداً وعلى رأسها اللغة الانجليزية، لكن في نفس الوقت لا يجب ان تكون لدينا أية عقدة بالنسبة للغة الفرنسية التي نتملكها». وقد أيدت مجموعة من البرلمانيين هذه المبادرة ودعوا، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، «كل الشرائح الوطنية الى اليقظة والتحرك من اجل الدفع نحو اصلاحات تعالج الاختلالات والنقائص وتحفظ هوية الجزائر وترسخ قيمها الروحية والثقافية وتسهم في إثراء الثقافة الانسانية وتستفيد من كل التجارب الناجحة في العالم». ونبه هؤلاء البرلمانيون المنتمون الى حركة النهضة الأصولية «الرأي العام الوطني الى المخاطر التي قد تنجم عن بلورة وتجسيد مشروع التغريب داخل قطاع المنظومة (التربوية) الذي يهدف أساساً الى ضرب ثوابت الأمة التي كانت ولا تزال الاسمنت الذي يقوي وحدة الأمة ويوثق تماسكها وانسجامها وتواصلها. ويرمي الى الحاق الجزائر بفرنسا، ويتوخى ابعاد الجزائر عن المصادر والقنوات الحقيقية للعلوم والتكنولوجيا».