شارون يلتزم أمام حلفائه المتطرفين بإجهاض بنود السلام في الخطوط العريضة لحكومته

TT

رغم ان رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب، ارييل شارون، اكد امس اصراره على عرض حكومته على الكنسيت، بعد غد، كرد على العملية الانتحارية في نتانيا، فان شركاءه في الائتلاف الحكومي يشككون في قدرته على ذلك، ويتحدثون عن مصاعب جدية في المفاوضات.

فقد أعلن رئيس كتلة حزب العمل البرلمانية، النائب اوفير بنيس، عن ازمة في العلاقة مع الليكود بسبب الالتزامات السياسية التي قطعها شارون على نفسه امام حزب الاتحاد اليميني المتطرف، وفيها يجهض عمليا كل بنود السلام في وثيقة الخطوط العريضة للحكومة.

ففي هذه الالتزامات، يعلن شارون ان موافقته على ان يكون قرارا مجلس الامن الدولي رقم 242 و338، اساسا لمفاوضات الحل الدائم مع كل من سورية وفلسطين، نابعة من التفسير الاسرائيلي لهذين القرارين كما ورد (هذا التفسير) في كتاب المستشار القضائي للحكومة يوم 28 يونيو (حزيران) 2000. وكان هذا المستشار قد اكد اولا ان الانسحاب هو اراض وليس من الاراضي المحتلة عام 1967 وثانيا ان القرارين لا ينطبقان على الفلسطينيين.

كما التزم شارون برسالته الخطية الى الاتحاد اليميني بان لا يتعامل ابدا مع الافكار الاسرائيلية التي طرحها سابقه، ايهود باراك، في كامب ديفيد او واشنطن او طابا.

والتزم شارون ايضا بالا يدير مفاوضات تحت اطلاق النار، وبالا يطبق ما تبقى من بنود عالقة في اتفاقات اوسلو وتوابعها، الا اذا نفذ الفلسطينيون حصتهم من هذه الاتفاقات، وخصوصا وقف التحريض على اسرائيل. كما التزم بالحفاظ على القدس موحدة، عاصمة ابدية لاسرائيل.

وكانت هذه الالتزامات، اضافة الى منح وزارة البنى التحتية للحزب، قد ادت الى قبول ايفيت ليبرمن، احد قائدي اليمين المتطرف بالتوقيع على اتفاق التحالف مع الليكود، وهو الذي يريد لنفسه هذه الوزارة الا ان القائد الثاني للحزب، رحبعام زئيفي، رفض التوقيع، لانه يريد منصبا وزاريا «محترما» عوضا عن وزارة السياحة التي اقترحها عليه شارون.

ومن المفروض ان يناقش حزب العمل التزامات شارون السياسية، اليوم ويقرر كيف سيتعامل معها. اما في الليكود، فقد حاولوا تقزيم هذه المشكلة، امس، خصوصا بعد عملية التفجير في نتانيا. فقال اوري شيني، الامين العام للحزب والمفاوض الرئيسي باسم شارون على شكل الحكومة: «عندما تكون الدولة في حالة حزن كهذه، يصبح الهم الاساسي للجميع، هو الاسراع في الوحدة، حتى يفهم خصومنا ان خلافاتنا شكلية».

وكان حزب «شاس» قد طرح العديد من المطالب الجديدة على الليكود من اجل الائتلاف. وانفجرت المفاوضات بينهما الليلة قبل الماضية. وهدد الليكود ببدء مفاوضات مع حزب شينوي العلماني الراديكالي. الا ان قادة «شاس» وجدوا في عملية نتانيا امس حجة للعودة الى طاولة المفاوضات. فتراجعوا، خلال جلسة امس، عن معظم طلباتهم، وتوصلوا الى اتفاق شبه نهائي مع الليكود على الدخول في الائتلاف الحكومي الجديد، بخمس وزارات، بينها الداخلية.

وحتى حزب اليهود الروس، الذي كان يطالب بوزارة الداخلية، واوقف المفاوضات بعد ان منحت الوزارة لحزب «شاس» ووعدوه بوزارة التعليم ثم تراجعوا، وجد في عملية نتانيا حجة يتذرع بها للتراجع. ويقول المقربون من شارون ان هذا الحزب «سيبلع كل الضفادع» كما يقول المثل وينضم الى الحكومة، مكتفيا بوزارة استيعاب المهاجرين الجدد التي تعتبر وزارة صغيرة وفقيرة ومشاكلها اكثر من امتيازاتها.

وهكذا، فاذا ظلت عملية نتانيا شعارا يظلل المفاوضات الائتلافية، فان خطة شارون ستنجح في عرض الحكومة بعد غد. وحتى حزب العمل سيتراجع عن اعتراضاته على التزامات شارون السياسية لاتحاد اليمين المتطرف. ولكن، اذا كان حزب العمل جادا في اعتراضاته عليها، فان عرض الحكومة سيتأجل حتى يبت في هذا الخلاف الجديد.